393
موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الثّالث

قالَ: يَعلَمُ أَنَّهُما يَكونانِ جَميعا .
قالَ الرِّضا عليه السلام : إِذا يَعلَمُ أَنَّ إِنسانا حَيٌّ مَيِّتٌ ، قائِمٌ قاعِدٌ ، أَعمى بَصيرٌ في حالٍ واحِدَةٍ ، وهذا هُوَ المُحالُ !
قالَ: ـ جُعِلتُ فِداكَ ! ـ فَإِنَّهُ يَعلَمُ أَنَّهُ يَكونُ أَحدُهُما دونَ الآخَرِ .
قالَ عليه السلام : لا بَأسَ ، فَأَيَّهُمُا يَكونُ ؛ الَّذي أَرادَ أَن يَكونَ ، أَوِ الَّذي لَم يُرِد أَن يَكونَ ؟
قالَ سُلَيمانُ: الَّذي أَرادَ أَن يَكونَ .
فَضَحِكَ الرِّضا عليه السلام وَالمَأمونُ وأَصحابُ المَقالاتِ.
قالَ الرِّضا عليه السلام : غَلَطتَ وتَرَكتَ قَولَكَ: إِنَّهُ يَعلَمُ أَنَ إِنسانا يَموتُ اليَومَ وهُوَ لا يُريدُ أَن يَموتَ اليَومَ ، وأَنَّهُ يَخلُقُ خَلقا وهُوَ لا يُريدُ أَن يَخلُقَهُم، فَإِذا لَم يَجُزِ العِلمُ عِندَكُم بِما لَم يُرِد أَن يَكونَ فَإِنَّما يَعلَمُ أَن يَكونَ ما أَرادَ أَن يَكونَ.
قالَ سُلَيمانُ: فَإِنَّما قَولي: إِنَّ الإِرادَةَ لَيسَت هُوَ ولا غَيرَهُ .
قالَ الرِّضا عليه السلام : يا جاهِلُ ، إِذا قُلتَ: لَيسَت هُوَ ؛ فَقَد جَعَلتَها غَيرَهُ ، وإِذا قُلتَ: لَيسَت هِيَ غَيرَهُ ؛ فَقَد جَعَلتَها هُوَ !
قالَ سُلَيمانُ: فَهُوَ يَعلَمُ كَيفَ يَصنَعُ الشَّيءَ؟
قالَ عليه السلام : نَعَم .
قالَ سُلَيمانُ: فَإِنَّ ذلِكَ إِثباتٌ لِلشَّيءِ .
قالَ الرِّضا عليه السلام : أَحَلتَ ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَد يُحسِنُ البِناءَ وإِن لَم يَبنِ ، ويُحسِنُ الخِياطَةَ


موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الثّالث
392

قالَ سُلَيمانُ: أَجَل . قالَ عليه السلام : فَإِذا لَم يُرِدهُ لَم يَعلَمهُ .
قالَ سُلَيمانُ: أَجَل .
قالَ عليه السلام : مِن أَينَ قُلتَ ذاكَ ، ومَا الدَّليلُ عَلى أَنَّ إِرادَتَهُ عِلمُهُ ، وقَد يَعلَمُ ما لا يُريدُهُ أَبَدا ، وذلِكَ قَولُهُ عز و جل : «وَ لَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ» ۱ فَهُوَ يَعلَمُ كَيفَ يَذهَبُ بِهِ وهُوَ لا يَذهَبُ بِهِ أَبَدا .
قالَ سُلَيمانُ: لِأَنَّهُ قَد فَرَغَ مِنَ الأَمرِ فَلَيسَ يَزيدُ فيهِ شَيئا .
قالَ الرِّضا عليه السلام : هذا قَولُ اليَهودِ. فَكَيفَ قالَ عز و جل: «ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ» ۲ ؟
قالَ سُلَيمانُ: إِنَّما عَنى بِذلِكَ أَنَّهُ قادِرٌ عَلَيهِ .
قالَ عليه السلام : أَفَيَعِدُ ما لا يَفي بِهِ؟! فَكَيفَ قالَ عز و جل: «يَزِيدُ فِى الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ» ۳ وقالَ عز و جل : «يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِندَهُ أُمُّ الْكِتَـبِ» ۴ وقَد فَرَغَ مِنَ الأَمرِ ؟! فَلَم يُحِر جَوابا .
قالَ الرِّضا عليه السلام : يا سُلَيمانُ ، هَل يَعلَمُ أَنَّ إِنسانا يَكونُ ولا يُريدُ أَن يَخلُقَ إِنسانا أَبَدا ، وأَنَّ إِنسانا يَموتُ اليَومَ ولا يُريدُ أَن يَموتَ اليَومَ؟
قالَ سُلَيمانُ: نَعَم .
قالَ الرِّضا عليه السلام : فَيَعلَمُ أَنَّهُ يَكُون ما يُريدُ أَن يَكونَ ، أَو يَعلَمُ أَنَّهُ يَكونُ ما لا يُريدُ أَن يَكونَ؟!

1.الإسراء: ۸۶ .

2.المؤمن: ۶۰ .

3.فاطر: ۱ .

4.الرعد: ۳۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    رضا برنجكار
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3830
صفحه از 488
پرینت  ارسال به