219
موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الثّالث

المناطق خلال يوم واحد إِلى مِئة وستين كيلومترا ، وممّا يجدر ذكره أنّ هذه الأَنهار العظيمة لا تختلط مع المياه المجاورة لها إِلا قليلاً ۱ .

۵ . عجائب البحار

لا ريب في أنّ كلّ ما في عالم الخلق عجيب يشير إِلى قدرة الخالق وحكمته ، لكنّ بعض الظواهر أَكثر إِثارة من غيرها ، وفي هذا الجانب يقول الرسول الأَكرم صلى الله عليه و آله في بعض دعائه :
«يا مَن في كُلِّ شَيءٍ دَلائِلُهُ ، يا مَن فِي البِحارِ عَجائِبُهُ» ۲ .
إِنّ التأَمّل في خلق عشرات آلاف الأَنواع من الأَحياء البحرية وكذلك التّأَمّل في حياتها لدليل على هذا الكلام .

۶ . الكشف التدريجي لمنافع البحر مع تقدّم العلم

إِنّ الذي تقدّم ممّا ذكرناه عن أَدلّة معرفة الخالق من خلال خلق البحار ودورها في حياة الإنسان ، عبارة عن ظواهر مفهومة للنَّاس في عصر النزول وما تلاه من القرون ، وممّا لاريب فيه أنّ منافع البحار ودلائل معرفة اللّه الخفية فيها ، لا تقتصر على التي ذكرناها ، إِذ أنّ للبحر منافع أُخرى تدخل في حياة الإنسان ، إِن لم تكن أكثر وأَهمّ من الفوائد التي ذكرناها فبلا شكّ أنّها ليست أَقلّ منها ، ومنها : نزول المطر ، ولطافة الجو ، وضمان رطوبة الأَرض ، فضلاً عن استخراج عناصر كثيرة من ماء البحر دخلت في صناعات الأَدوية بعد تطور العلم ، مثل : المغنيسيوم ، والبوتاسيوم ، وسلفات الصوديوم وغيرها .
لقد أَشار الإمام الصادق عليه السلام إِلى الكشف التدريجي لمنافع البحر وإِلى الفوائد

1.استفدناه من التفسير الأمثل : ج ۲۳ ص ۱۳۱ ، ۱۳۲ .

2.راجع : ص ۲۱۳ ح ۳۶۱۷ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الثّالث
218

والبري فإنّ السفن تؤدي دورا مهمّا في الحمل والنقل .

۴ . الحائل غير المرئي بين بحرين

تعرّض القرآن الكريم في موضعين إِلى ذكر ظاهرة مثيرة للعجب ؛ وهي جعل حاجزٍ غير مرئي بين بحرين متلاصقين بحيث لا يلتبس أَحدهما بالآخر ولا يغلب عليه ، وقد اعتبر ذلك آيةً من آيات التدبير في نظام الخلق ومن الأَدلة على معرفة الخالق ـ جلّ وعلا ـ .
الموضع الأوّل : في سورة الفرقان : «وَ هُوَ الَّذِى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَ هَـذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَ جَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَ حِجْرًا مَّحْجُورًا» ۱ .
البرزخ : هو الحجاب غير المرئي بين ماءين أَحدهما عذب والآخر مالح ، ولعلّه بسبب التفاوت بينهما في الكثافة والوزن الخاص لكلّ منهما بحيث لا يختلطان لمدّة طويلة ، ولتوضيح هذا الأمر فإنّ كلّ الأَنهار الكبرى للماء العذب التي تصبّ في البحر ، تدفع المياه المالحة إِلى الخلف ، فيصير الماء في جانب الساحل عذبا ، ويستمر هذا الوضع لمدّة طويلة ، وممّا يجدر ذكره أنّه بمساعدة ظاهرة المدّ والجزر لمياه البحر تندفع المياه العذبة في الأَنهار وهي صالحة للاستفادة منها لغرض الزراعة .
الموضع الثاني : في سورة الرحمن : «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ» علاوة على ما تقدم من المعاني السابقة ، يمكن الإشارة في هذه الآية إِلى أنّ الأَنهار العظيمة التي تجري في المحيطات ، ومن أَهمها ما يسمّى بـ «كلف استريم» ، هذه المياه بعضها يتحرك في المناطق التي بالقرب من خطِّ الاستواء فهي حارّة ، حتّى أنّ لونها يغاير أَحيانا لون المياه المجاورة لها ، وقد يصل عرضها إِلى «۱۵۰» كيلومترا ، وعمقها إِلى بضعة مئات من الأَمتار ، وتصل سرعتها في بعض

1.الفرقان : ۵۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    رضا برنجكار
    تعداد جلد :
    6
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    02/01/1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3392
صفحه از 488
پرینت  ارسال به