97
موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر

وقد جاء في حديث عن الإمام الصادق عليه السلام أنَّهُ قالَ :
مَرِضَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فَعادَهُ قَومٌ ، فَقالوا لَهُ : كَيفَ أصبَحتَ يا أميرَالمُؤمِنينَ؟
فقالَ : أصبَحتُ بِشَرٍّ!
فَقالوا لَهُ : سُبحانَ اللّهِ ، هذا كَلامُ مِثلِكَ؟!
فَقالَ : يَقولُ اللّهُ تَعالى : «وَ نَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ» ۱ ، فَالخَيرُ الصِّحَّةُ وَالغِنى ، وَالشَّرُّ المَرَضُ وَالفَقرُ ؛ ابتِلاءً وَاختِبارا . ۲
ومن البديهي أنّ ما جاء في كلام الإمام عليه السلام إنّما هو مثال للحالات التي يبتلى بها الإنسان ، وإلا فإنّ الدنيا هي دار بلاء للإنسان ، وإنّ ما يحدث له في الحياة من فرح وترح أو «قبض وبسط» ۳ على حد تعبير الروايات ، هو ابتلاء له .

الفرق بين «البلاء» و«النقمة»

وبناء على ذلك ، فإن لـ «البلاء» معنى مختلفاً عن «النقمة» ، فقد يستخدم «البلاء» في الضرر أحياناً وفي النفع أحياناً أخرى مثل : «وَلِيُبْلِىَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا » ۴ ، ولكن «النقمة» تستخدم دائماً بمعنى الضرّر والعقوبة على الأعمال السيئة ۵ . وعلى

1.الأنبياء : ۳۵ .

2.الدعوات : ص ۱۶۸ ح ۴۶۹ ، مجمع البيان : ج ۷ ص ۷۴ نحوه ، بحارالأنوار : ج ۸۱ ص ۲۰۹ ح ۲۵ .

3.راجع : ص ۱۸۵ ( كلّ قبض و بسط ) .

4.الأنفال : ۱۷ .

5.وفي معجم الفروق اللغوية : الفرق بين البلاء والنقمة : أنّ البلاء يكون ضررا ويكون نفعا ، وإذا أردت النفع قلت : أبليته ، وفي القرآن : «وَلِيُبْلِىَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا » ومن الضر بلوته ، وأصله أن تختبره بالمكروه وتستخرج ما عنده من الصبر به ويكون ذلك ابتداءً . والنقمة لا تكون إلّا جزاءً وعقوبةً وأصلها شدَّة الإنكار . تقول : نقمت عليه الإمر إذا أنكرته عليه . وقد تُسَمَّى النقمة بلاءً والبلاء لا يسمى نقمةً إذا كان ابتداءً . والبلاء أيضا اسم للنعمة . وفي كلام الأحنف : البلاء ثمَّ الثناء أي النعمة ثمَّ الشكر (معجم فروق اللغويه : ص ۱۰۵) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر
96

هذه السنة على جميع الناس :
«أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءَامَنَّا وَ هُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ » . ۱
وبالطبع فإنّ الاختبار الشامل للكلّ ، ليس على مستوى واحد وليس متماثلاً ، بل إنّ اختبار كلّ شخص يكون بحسب إمكانياته وقدراته ، ولذلك فإن ابتلاء الأنبياء والشخصيات البارزة في المجتمع البشري ، يكون أصعب وأشد من الابتلاء الذي يحيق بالآخرين ، كما جاء في رواية عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
إنَّ أشَدَّ النّاسِ بَلاءً الأَنبِياءُ ، ثُمَّ الَّذينَ يَلونَهُم ، ثُمَّ الَّذينَ يَلونَهُم ، ثُمَّ الَّذينَ يَلونَهُم . ۲

الاختبار بواسطة الخير والشرّ

من بين الملاحظات التي تحظى بالاهتمام والتأمل إلى حد كبير في معرفة سنة الابتلاء ، أن هذه السنة تجري على أساس الحكمة الإلهية البالغة عبر طريقين ، وهذان الطريقان يبدو أحدهما للوهلة الأولى خيراً وجميلاً والآخر شراً وقبيحاً ، لاحظوا الآيات التالية :
«وَ نَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ » . ۳ «وَ بَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّـئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ » . ۴

1.العنكبوت : ۲ و ۳ .

2.السنن الكبرى للنسائي : ج ۴ ص ۳۸۰ ح ۷۶۱۳ ، مسند ابن حنبل : ج ۱۰ ص ۳۰۶ ح ۲۷۱۴۷ ، مسند إسحاق بن راهويه : ج ۵ ص ۲۶۰ ح ۲۴۱۳ ، المعجم الكبير : ج ۲۴ ص ۲۴۵ ح ۶۲۸ ، كنزالعمّال : ج ۳ ص ۳۲۷ ح ۶۷۸۲ ؛ التمحيص : ص ۳۵ ح ۳۰ ، الكافي : ج ۲ ص ۲۵۲ ح ۱ كلاهما عن هشام بن سالم عن الإمام الصادق عليه السلام وفيه «ثم الأمثل فالأمثل» بدل «ثم الذين يلونهم» الثانية والثالثة وص ۲۵۳ ح ۴ عن فضيل بن يسار عن الإمام الباقر عليه السلام نحوه ، بحارالأنوار : ج ۶۷ ص ۲۴۱ ح ۷۱ .

3.الأنبياء : ۳۵ .

4.الأعراف : ۱۶۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3804
صفحه از 531
پرینت  ارسال به