73
موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر

عِندَكُم ، وَالأَصعَبِ لَدَيكُم ، ولَم تُجَوِّزوا مِنهُ خَلقَ ما هُوَ أسهَلُ عِندَكُم مِن إعادَةِ البالي ؟
فَقالَ الصّادِقُ عليه السلام : فَهذَا الجِدالُ بِالَّتي هِيَ أحسَنُ ، لِأَنَّ فيها قَطعَ عُذرِ الكافِرينَ وإزالَةَ شُبَهِهِم .
وأَمَّا الجِدالُ بِغَيرِ الَّتي هِيَ أحسَنُ ، فَأَن تَجحَدَ حَقّا لايُمكِنُكَ أن تُفَرِّقَ بَينَهُ وبَينَ باطِلِ مَن تُجادِلُهُ ، وإنَّما تَدفَعُهُ عَن باطِلِهِ ، بِأَن تَجحَدَ الحَقَّ ، فَهذا هُوَ المُحَرَّمُ ، لِأَنَّكَ مِثلُهُ ، جَحَدَ هُوَ حَقّا ، وجَحَدتَ أنتَ حَقّا آخَرَ .
وقالَ أبو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ العَسكَرِيُّ عليه السلام : فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ آخَرُ وقالَ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، أفجادَلَ رَسولُ اللّهِ ؟
فَقالَ الصّادِقُ عليه السلام : مَهما ظَنَنتَ بِرَسولِ اللّهِ مِن شَيءٍ ، فَلا تَظُنَّنَّ بِهِ مُخالَفَةَ اللّهِ . ألَيسَ اللّهُ قَد قالَ : « وَ جَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ » ؟! وقالَ : « قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ » ۱ ؟ ! لِمَن ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً ؟ أفَتَظُنُّ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله خالَفَ ما أمَرَهُ اللّهُ بِهِ ، فَلَم يُجادِل بِما أمَرَهُ اللّهُ بِهِ ، ولَم يُخبِر عَن أمرِ اللّهِ بِما أمَرَهُ أن يُخبِرَ بِهِ عَنهُ ؟! ۲

۹ / ۴

الاِستِعانَةُ بِالأَمثالِ

أ ـ الحث على التَّدَبُّرِ في أمثالِ القُرآنِ وَالرُّجوعِ فيها إلى أهلِ البَيتِ عليهم السلام

الكتاب

«وَ لَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِى هَذَا الْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَ لَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ

1.يس : ۷۹ .

2.الاحتجاج : ج ۱ ص ۲۳ ح ۲۰ ، التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص ۵۲۷ ح ۳۲۲ ، بحارالأنوار : ج ۲ ص ۱۲۵ ح ۲ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر
72

أن يُعينَ بِهِ باطِلَهُ ، فَتَجحَدُ ذلِكَ الحَقَّ مَخافَةَ أن يَكونَ لَهُ عَلَيكَ فيهِ حُجَّةٌ ، لِأَنَّكَ لاتَدري كَيفَ المَخلَصُ مِنهُ ، فَذلِكَ حَرامٌ عَلى شيعَتِنا أن يَصيروا فِتنَةً عَلى ضُعَفاءِ إخوانِهِم وعَلَى المُبطِلينَ .
أمَّا المُبطِلونَ فَيَجعَلونَ ضَعفَ الضَّعيفِ مِنكُم إذا تَعاطى مُجادَلَتَهُ ، وضَعفَ ما في يَدِهِ ، حُجَّةً لَهُ عَلى باطِلِهِ .
وأَمَّا الضُّعَفاءُ مِنكُم فَتُغَمُّ قُلوبُهُم لِما يَرَونَ مِن ضَعفِ المُحِقِّ في يَدِ المُبطِلِ .
وأَمَّا الجِدالُ بِالَّتي هِيَ أحسَنُ ، فَهُوَ ما أمَرَ اللّهُ تَعالى بِهِ نَبِيَّهُ أن يُجادِلَ بِهِ مَن جَحَدَ البَعثَ بَعدَ المَوتِ وإحياءَهُ لَهُ ، فَقالَ اللّهُ تَعالى حاكِيا عَنهُ : « وَ ضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَ نَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْىِ الْعِظَامَ وَ هِىَ رَمِيمٌ » ۱ فَقالَ اللّهُ تَعالى فِي الرَّدِّ عَلَيهِ : « قُلْ ـ يا مُحَمَّد ـ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِى جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَآ أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ » إلى آخِرِ السّورَةِ .
فَأَرادَ اللّهُ مِن نَبِيِّهِ أن يُجادِلَ المُبطِلَ الَّذي قالَ : كَيفَ يَجوزُ أن يُبعَثَ هذِهِ العِظامُ وهِيَ رَميمٌ ؟ فَقالَ اللّهُ تَعالى : « قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ » ۲ أفَيَعجُزُ مَنِ ابتَدَأَ بِهِ لا مِن شَيءٍ أن يُعيدَهُ بَعدَ أن يَبلى ؟ بَلِ ابتِداؤُهُ أصعَبُ عِندَكُم مِن إعادَتِهِ .
ثُمَّ قالَ : « الَّذِى جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا » ۳ أي إذا أكمَنَ النّارَ الحارَّةَ فِي الشَّجَرِ الأَخضَرِ الرَّطبِ ، ثُمَّ يَستَخرِجُها فَعَرَّفَكُم أنَّهُ عَلى إعادَةِ ما بَلِيَ أقدَرُ .
ثُمَّ قالَ : « أَوَ لَيْسَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ » ۴ أي : إذا كانَ خَلقُ السَّماواتِ وَالأَرضِ أعظَمَ وأَبعَدَ في أوهامِكُم وقَدَرِكُم أَن تَقدِروا عَلَيهِ مِن إعادَةِ البالي ، فَكَيفَ جَوَّزتُم مِنَ اللّهِ خَلقَ هذَا الأَعجَبِ

1.. يس : ۸۰

2.. يس : ۸۰ .

3.يس : ۸۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5588
صفحه از 531
پرینت  ارسال به