151
موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر

هم كُلُّهُم ـ رِجالُهُم ونِساؤُهُم ـ قِرَدَةٌ يَموجُ بَعضُهُم في بَعضٍ ، يَعرِفُ هؤُلاءِ النّاظِرُونَ مَعارِفَهُم وقَراباتِهِم وخُلَطاءَهُم ، يَقولُ المُطَّلِعُ لِبَعضِهِم : أنتَ فُلانٌ ؟ أنتِ فُلانَةُ؟ فَتَدمَعُ عَينُهُ ويومِئُ بِرَأسِهِ بِلا أو نَعَم .
فَما زَالوا كَذلِكَ ثَلاثَةَ أيّامٍ ، ثُمَّ بَعَثَ اللّهُ عز و جل عَلَيهِم مَطَراً ورِيحاً فَجَرَفَهُم إلَى البَحرِ ، وما بَقِيَ مَسخٌ بَعدَ ثَلاثَةِ أيّامٍ ، وأَمَّا ۱ الَّذينَ تَرَونَ مِن هذِهِ المُصَوَّراتِ بِصُوَرِها فَإِنَّما هِيَ أشباهُها لا هِيَ بِأَعيَانِها ولا مِن نَسلِها . ۲

۱۱۱۵۱.تفسير القمّي عن أبي عبيدة عن الإمام الباقر عليه السلام :وَجَدنا في كِتابِ عَلِيٍّ عليه السلام : إنَّ قَوما مِن أهلِ أيلَةَ ۳ مِن قَومِ ثَمودَ ، وإنَّ الحيتانَ كانَت سَبَقَت إلَيهِم يَومَ السَّبتِ لِيَختَبِرَ اللّهُ طاعَتَهُم في ذلِكَ ، فَشَرَعَت إلَيهِم يَومَ سَبتِهِم في ناديهِم وقُدّامَ أبوابِهِم في أنهارِهِم وسَواقيهِم ، فَبادَروا إلَيها فَأَخَذوا يَصطادونَها ، فَلَبِثوا في ذلِكَ ما شاءَ اللّهُ ، لا يَنهاهُم عَنهَا الأَحبارُ ولا يَمنَعُهُمُ العُلَماءُ مِن صَيدِها ، ثُمَّ إنَّ الشَّيطانَ أوحى إلى طائِفَةٍ مِنهُم : إنَّما نُهيتُم عَن أكلِها يَومَ السَّبتِ فَلَم تُنهَوا عَن صَيدِها ، فَاصطادوا يَومَ السَّبتِ وكُلوها فيما سِوى ذلِكَ مِنَ الأَيّامِ .
فَقالَت طائِفَةٌ مِنهُم : الآنَ نَصطادُها ، فَعَتَت ۴ ، وَانحازَت طائِفَةٌ اُخرى مِنهُم ذاتَ اليَمينِ ، فَقالوا : نَنهاكُم عَن عُقوبَةِ اللّهِ أن تَتَعَرَّضوا لِخِلافِ أمرِهِ ، وَاعتَزَلَت طائِفَةٌ مِنهُم ذاتَ اليَسارِ فَسَكَتَت فَلَم تَعظِهُم ، فَقالَت لِلطّائِفَةِ الَّتي وَعَظَتهُم : «لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ

1.في المصدر: «وإنّما» ، والتصويب من بحار الأنوار.

2.التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص ۲۶۸ ، بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۵۶ ح ۱۳ .

3.في المصدر : «أيكة» ، والتصويب من المصادر الاُخرى . وأيلة : مدينة على ساحل بحر القلزم [البحر الأبيض المتوسّط] ممّا يلي الشام ، وهي مدينة صغيرة عامرة بها زرع يسير ، وهي مدينة لليهود الذين حرّم اللّه عليهم صيد السمك يوم السبت ، فخالفوا فمُسخوا قردة وخنازير (معجم البلدان : ج ۱ ص ۲۹۲) .

4.عَتا : كَبِرَ وَوَلّى (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۱۶۴ «عتو») .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر
150

عَلَيهِمُ الباقونَ ، كَما قَصَّ اللّهُ تَعالى : «وَسْـ?لْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ» الآيَةَ .
وذلِكَ أنَّ طائِفَةً مِنهُم وَعَظوهُم وزَجَرُوهُم ، ومِن عَذابِ اللّهِ خَوَّفوهُم ، ومِنِ انتِقامِهِ وشَديدِ بَأسِهِ حَذَّرُوهُم ، فَأَجابوهُم عَن وَعظِهِم : «لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ» بِذُنوبِهِم هَلاكَ الاِصطِلامِ ۱ «أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا» .
فَأَجابُوا القائِلينَ لَهُم هذا : «مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ» ؛ هذَا القَولُ مِنّا لَهُم مَعذِرَةٌ إلى رَبِّكُم ، إذ كَلَّفَنَا الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ ، فَنَحنُ نَنهى عَنِ المُنكَرِ لِيَعلَمَ رَبُّنا مُخالَفَتَنا لَهُم وكَراهَتَنا لِفِعلِهِم ، قالوا : «وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» ۲ ، ونَعِظُهُم أيضاً لَعَلَّهُم تَنجَعُ فيهِمُ المَواعِظُ فَيَتَّقوا هذِهِ الموبِقَةَ ويَحذَروا عُقوبَتَها .
قالَ اللّهُ تَعالى : «فَلَمَّا عَتَوْاْ» ؛ حادُّوا وأَعرَضوا وتَكَبَّرُوا عَن قَبولِهِمُ الزَّجرَ «عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِـ?ينَ» ۳ مُبعَدينَ عَنِ الخَيرِ مُقصَينَ .
قالَ : فَلَمّا نَظَرَ العَشَرَةُ الآلافِ وَالنَّيِّفُ أنَّ السَّبعينَ ألفاً لا يَقبَلونَ مَواعِظَهُم ولا يَحفِلونَ بِتَخويفِهِم إيّاهُم وتَحذيرِهِم لَهُم ، اعتَزَلوهُم إلى قَريَةٍ اُخرى قَريبَةٍ مِن قَريَتِهِم ، وقالوا : نَكرَهُ أن يَنزِلَ بِهِم عَذابُ اللّهِ ونَحنُ في خِلالِهِم .
فَأَمسَوا لَيلَةً فَمَسَخَهُمُ اللّهُ كُلَّهُم قِرَدَةً خاسِئينَ ۴ ، وبَقِيَ بابُ المَدينَةِ مُغلَقاً لا يَخرُجُ مِنهُ أحَدٌ ولا يَدخُلُهُ أحَدٌ .
وتَسامَعَ بِذلِكَ أهلُ القُرى فَقَصَدُوهُم وتَسَنَّموا ۵ حِيطانَ البَلَدِ فَاطَّلَعوا عَلَيهِم ، فَإِذا

1.الاصطِلامُ : الاستِئصالُ (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۰۴۶ «صلم») .

2.الأعراف : ۱۶۴ .

3.الأعراف: ۱۶۶.

4.الخاسِئ : المطرود (لسان العرب : ج ۱ ص ۶۵ «خسأ») .

5.تسنّمه: أي علاه (الصحاح: ج ۵ ص ۱۹۵۴ «سنم»).

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4030
صفحه از 531
پرینت  ارسال به