123
موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر

بَصَري ، وكانَ لَهُ أخٌ مِن اُمِّهِ كُنتُ آنَسُ بِهِ ، فَخَرَجَ مَعَ إخوَتِهِ إلى مُلكِكَ لِيَمتاروا ۱ لَنا طَعاماً ، فَرَجَعوا وذَكَروا أنَّهُ سَرَقَ صُواعَ المَلِكِ وأَنَّكَ حَبَستَهُ ، وإنّا أهلُ بَيتٍ لا يَليقُ بِنَا السَّرَقُ ولَا الفاحِشَةُ ، وأَنَا أسأَ لُكَ بِإِلهِ إبراهيمَ وإسحاقَ ويَعقوبَ ، إلّا مَنَنتَ عَلَيَّ بِهِ وتَقَرَّبتَ إلَى اللّهِ ورَدَدتَهُ إلَيَّ» .
فَلَمّا وَرَدَ الكِتابُ عَلى يوسُفَ أخَذَهُ ووَضَعَهُ عَلى وَجهِهِ وقَبَّلَهُ وبَكى بُكاءً شَديداً ، ثُمَّ نَظَرَ إلى إخوَتِهِ فَقالَ : « هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ » فَقالوا: «أَءِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هَـذَا أَخِى قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ » ۲ ، فَقالوا كَما حَكَى اللّهُ عز و جل : « لَقَدْ ءَاثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ » ، أي لا تَعييرَ « يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّ حِمِينَ » ۳ .
قالَ : فَلَمّا وَلَّى الرَّسولُ إلَى المَلِكِ بِكِتابِ يَعقوبَ ، رَفَعَ يَعقوبُ يَدَيهِ إلَى السَّماءِ فَقالَ :
«يا حَسَنَ الصُّحبَةِ ، يا كَريمَ المَعونَةِ ، يا خَيرا كُلُّهُ ، ائتِني بِرَوحٍ مِنكَ وفَرَجٍ مِن عِندِكَ» .
فَهَبَطَ عَلَيهِ جَبرَئيلُ عليه السلام فَقالَ لَهُ : يا يَعقوبُ ! ألا اُعَلِّمُكَ دَعَواتٍ يَرُدَّ اللّهُ عَلَيكَ بَصَرَكَ وَابنَيكَ ؟
قالَ : نَعَم ، قالَ : قُل :
«يا مَن لا يَعلَمُ أحَدٌ كَيفَ هُوَ إلّا هُوَ ، يا مَن شَيَّدَ السَّماءَ بِالهَواءِ ، وكَبَسَ الأَرضَ

1.يمتار : يجلب ، وأكثر استعماله في الطعام ( راجع : مجمع البحرين : ج ۴ ص ۲۵۳) .

2.يوسف : ۸۹ و ۹۰ .

3.يوسف : ۹۱ و ۹۲ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر
122

أنَّهُ حَيٌّ وقَد فارَقَهُ مُنذُ عِشرينَ سَنَةً وذَهَبَت عَيناهُ مِنَ البُكاءِ عَلَيهِ ؟ قالَ : نَعَم عَلِمَ أنَّهُ حَيٌّ ، حَتّى إنَّهُ دَعا رَبَّهُ فِي السَّحَرِ أن يَهبِطَ عَلَيهِ مَلَكُ المَوتِ ، فَهَبَطَ عَلَيهِ مَلَكُ المَوتِ في أطيَبِ رائِحَةٍ وأَحسَنِ صورَةٍ ، فَقالَ لَهُ : مَن أنتَ ؟ قالَ : أنا مَلَكُ المَوتِ ، ألَيسَ سَأَلتَ اللّهَ أن يُنزِلَني عَلَيكَ ؟ قالَ : نَعَم ، قالَ : ما حاجَتُكَ يا يَعقوبُ ؟ قالَ لَهُ : أخبِرني عَنِ الأَرواحِ ، تَقبِضُها جُملَةً أو تَفاريقاً ؟ قالَ : يَقبِضُها أعواني مُتَفَرِّقَةً ثُمَّ تُعرَضُ عَلَيَّ مُجتَمِعَةً . قالَ يَعقوبُ : فَأَسأَ لُكَ بِإِلهِ إبراهيمَ وإسحاقَ ويَعقوبَ ، هَل عُرِضَ عَلَيكَ فِي الأَرواحِ روحُ يوسُفَ ؟ فَقالَ : لا . فَعِندَ ذلِكَ عَلِمَ أنَّهُ حَيٌّ ، فَقالَ لِوُلدِهِ : « اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لَا تَاْيْـ?سُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَاْيْـ?سُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ » .
فَكَتَبَ عَزيزُ مِصرَ إلى يَعقوبَ : أمّا بَعدُ ، فَهذَا ابنُكَ قَدِ اشتَرَيتُهُ بِثَمَنٍ بَخسٍ دَراهِمَ مَعدودَةٍ ، وهُوَ يوسُفُ وَاتَّخَذتُهُ عَبداً ، وهذَا ابنُكَ بِنيامينُ وقَد وَجَدتُ مَتاعي عِندَهُ وَاتَّخَذتُهُ عَبداً . فَما وَرَدَ عَلى يَعقوبَ شَيءٌ أشَدَّ عَلَيهِ مِن ذلِكَ الكِتابِ ، فَقالَ لِلرَّسولِ : مَكانَكَ حَتّى اُجيبَهُ . فَكَتَبَ إلَيهِ يَعقوبُ عليه السلام :
«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، مِن يَعقوبَ إسرائيلِ اللّهِ ابنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ خَليلِ اللّهِ ، أمّا بَعدُ ، فَقَد فَهِمتُ كِتابَكَ تَذكُرُ فيهِ أنَّكَ اشتَرَيتَ ابني وَاتَّخَذتَهُ عَبداً ، وأَنَّ البَلاءَ مُوَكَّلٌ بِبَني آدَمَ ؛ إنَّ جَدِّي إبراهيمَ ألقاهُ نُمرودُ مَلِكُ الدُّنيا فِي النَّارِ فَلَم يَحتَرِق وجَعَلَهَا اللّهُ عَلَيهِ بَرداً وسَلاماً ، وإنَّ أبي إسحاقَ أمَرَ اللّهُ تَعالى جَدّي أن يَذبَحَهُ بِيَدِهِ ، فَلَمّا أرادَ أن يَذبَحَهُ فَداهُ اللّهُ بِكَبشٍ عَظيمٍ ، وإنَّهُ كانَ لي وَلَدٌ لَم يَكُن فِي الدُّنيا أحَدٌ أحَبَّ إلَيَّ مِنهُ ، وكانَ قُرَّةَ عَيني وثَمَرَةَ فُؤادي ، فَأَخرَجُوهُ إخوَتُهُ ثُمَّ رَجَعوا إلَيَّ وزَعَموا أنَّ الذِّئبَ أكَلَهُ ، فَاحدَودَبَ لِذلِكَ ظَهري وذَهَبَ مِن كَثرَةِ البُكاءِ عَلَيهِ

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة المجلّد العاشر
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4028
صفحه از 531
پرینت  ارسال به