373
موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد السّادس

اهتَدى ومَن تَرَكَ ذلِكَ ورَغِبَ عَنهُ ضَلَّ ، لِأَنَّهُم هُمُ الَّذينَ أمَرَ اللّهُ بِطاعَتِهِم ووَلايَتِهِم ، وقَد قالَ أبونا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : المُداوَمَةُ عَلَى العَمَلِ فِي اتِّباعِ الآثارِ وَالسُّنَنِ وإن قَلَّ أرضى للّهِِ وأنفَعُ عِندَهُ فِي العاقِبَةِ مِنَ الاِجتِهادِ فِي البِدَعِ وَاتِّباعِ الأَهواءِ . ألا إنَّ اتِّباعَ الأَهواءِ وَاتِّباعَ البِدَعِ بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّهِ ضَلالٌ ، وكُلُّ ضَلالَةٍ بِدعَةٌ وكُلُّ بِدعَةٍ فِي النّارِ . ولَن يُنالَ شَيءٌ مِنَ الخَيرِ عِندَ اللّهِ إلّا بِطاعَتِهِ وَالصَّبرِ وَالرِّضا ؛ لِأَنَّ الصَّبرَ وَالرِّضا مِن طاعَةِ اللّهِ .
وَاعلَموا أنَّهُ لَن يُؤمِنَ عَبدٌ مِن عَبيدِهِ حَتّى يَرضى عَنِ اللّهِ فيما صَنَعَ اللّهُ إلَيهِ وصَنَعَ بِهِ ، عَلى ما أحَبَّ وكَرِهَ . ولَن يَصنَعَ اللّهُ بِمَن صَبَرَ ورَضِيَ عَنِ اللّهِ إلّا ما هُوَ أهلُهُ وهُوَ خَيرٌ لَهُ مِمّا أحَبَّ وكَرِهَ .
وعَلَيكُم بِالُمحافَظَةِ عَلَى الصَّلواتِ وَالصَّلاةِ الوُسطى ، وقوموا للّهِِ قانِتينَ كَما أمَرَ اللّهُ بِهِ المُؤمِنينَ في كِتابِهِ مِن قَبلِكُم وإيّاكُم .
وعَلَيكُم بِحُبِّ المَساكينِ المُسلِمينَ ، فَإِنَّهُ مَن حَقَّرَهُم وتَكَبَّرَ عَلَيهِم فَقَد زَلَّ عَن دينِ اللّهِ ، وَاللّهُ لَهُ حاقِرٌ ماقِتٌ ، وقَد قالَ أبونا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أمَرَني رَبّي بِحُبِّ المَساكينِ المُسلِمينَ مِنهُم . وَاعلَموا أنَّ مَن حَقَّرَ أحَدا مِنَ المُسلِمينَ ألقَى اللّهُ عَلَيهِ المَقتَ مِنهُ وَالَمحقَرَةَ حَتّى يَمقُتَهُ النّاسُ وَاللّهُ لَهُ أشدُّ مَقتا . فَاتَّقُوا اللّهَ في إخوانِكُمُ المُسلِمينَ المَساكينَ ، فَإِنَّ لَهُم عَلَيكُم حَقّا أن تُحِبّوهُم ، فَإِنَّ اللّهَ أمَرَ رَسولَهُ صلى الله عليه و آله بِحُبِّهِم ، فَمَن لَم يُحِبَّ مَن أمَرَ اللّهُ بِحُبِّهِ فَقَد عَصَى اللّهَ ورَسولَهُ ، ومَن عَصَى اللّهَ ورَسولَهُ وماتَ عَلى ذلِكَ ماتَ وهُوَ مِنَ الغاوينَ .
وإيّاكُم وَالعَظَمَةَ وَالكِبرَ ؛ فَإِنَّ الكِبرَ رِداءُ اللّهِ عز و جل ، فَمَن نازَعَ اللّهَ رِداءَهُ قَصَمَهُ اللّهُ وأَذلَّهُ يَومَ القِيامَةِ . وإيّاكُم أن يَبغِيَ بَعضُكُم عَلى بَعضٍ ، فَإِنَّها لَيسَت مِن خِصالِ الصّالِحينَ ، فَإِنَّهُ مَن بَغى صَيَّرَ اللّهُ بَغيَهُ عَلى نَفسِهِ وصارَت نُصرَةُ اللّهِ لِمَن بُغِيَ عَلَيهِ ،


موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد السّادس
372

لِأَهلِ الجَنَّةِ أبَدَ الآبِدينَ .
وَاعلَموا أنَّهُ بِئسَ الحَظُّ الخَطَرُ لِمَن خاطَرَ اللّهَ بِتَركِ طاعَةِ اللّهِ ورُكوبِ مَعصِيَتِهِ ، فَاختارَ أن يَنتَهِكَ مَحارِمَ اللّهِ في لَذّاتِ دُنيا مُنقَطِعَةٍ زائِلَةٍ عَن أهلِها ، عَلى خُلودِ نَعيمٍ فِي الجَنَّةِ ولَذَّاتِها وكَرامَةِ أهلِها ، وَيلٌ لِاُولئِكَ! ما أخيَبَ حَظَّهُم وأخسَرَ كَرَّتَهُم وأسوَأَ حالَهُم عِندَ رَبِّهِم يَومَ القِيامَةِ ! اِستَجيرُوا اللّهَ أن يُجيرَكُم في مِثالِهم أبَدا وأن يَبتَلِيَكُم بِمَا ابتَلاهُم بِهِ ، ولا قُوَّةَ لَنا ولَكُم إلّا بِهِ ...
أكثِروا مِن أن تَدعُوا اللّهَ فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ مِن عِبادِهِ المُؤمِنينَ أن يَدعوهُ ، وقَد وَعَدَ اللّهُ عِبادَهُ المُؤمِنينَ بِالاِستِجابَةِ ، وَاللّهُ مُصَيِّرُ دُعاءَ المُؤمِنينَ يَومَ القِيامَةِ لَهُم عَمَلاً يَزيدُهُم بِهِ فِي الجَنَّةِ ، فَأَكثِروا ذِكرَ اللّهِ مَا استَطَعتُم في كُلِّ ساعَةٍ مِن ساعاتِ اللَّيلِ وَالنَّهارِ ، فَإِنَّ اللّهَ أمَرَ بِكَثرَةِ الذِّكرِ لَهُ ، وَاللّهُ ذاكِرٌ لِمَن ذَكَرَهُ مِنَ المُؤمِنينَ . وَاعلَموا أنَّ اللّهَ لَم يَذكُرهُ أحَدٌ مِن عِبادِهِ المُؤمِنينَ إلّا ذَكَرَهُ بِخَيرٍ ، فَأَعطُوا اللّهَ مِن أنفُسِكُمُ الاِجتِهادَ في طاعَتِهِ ، فَإِنَّ اللّهَ لا يُدرَكُ شَيءٌ مِنَ الخَيرِ عِندَهُ إلّا بِطاعَتِهِ وَاجتِنابِ مَحارِمِهِ الَّتي حَرَّمَ اللّهُ في ظاهِرِ القُرآنِ وباطِنِهِ ، فَإِنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى قالَ في كِتابِهِ وقَولُهُ الحَقُّ : «وَذَرُواْ ظَاهِرَ الْاءِثْمِ وَبَاطِنَهُ» ۱ . وَاعلَموا أنَّ ما أمَرَ اللّهُ بِهِ أن تَجتَنِبوهُ فَقَد حَرَّمَهُ . وَاتَّبِعوا آثارَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وسُنَّتَهُ فَخُذوا بِها ، ولا تَتَّبِعوا أهواءَكُم وآراءَكُم فَتَضِلّوا ، فَإِنَّ أضَلَّ النّاسِ عِندَ اللّهِ مَنِ اتَّبَعَ هَواهُ ورَأيَهُ بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّهِ . وأحسِنوا إلى أنفُسِكُم مَا استَطَعتُم ، فَ «إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا» ۲ ...
أيَّتُهَا العِصابَةُ الحافِظُ اللّهُ لَهُم أمرَهُم عَلَيكُم بِآثارِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وسُنَّتِهِ وآثارِ الأَئِمَّةِ الهُداةِ مِن أهلِ بَيتِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِن بَعدِهِ وسُنَّتِهِم ، فَإِنَّهُ مَن أخَذَ بِذلِكَ فَقَدِ

1.الأنعام : ۱۲۰ .

2.الإسراء : ۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6824
صفحه از 600
پرینت  ارسال به