341
موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد السّادس

كُلَّ جُلَسائِهِ نَصيبَهُ ، لا يَحسَبُ جَليسُهُ أنَّ أحَدا أكرَمُ عَلَيهِ (مِنهُ) ، مَن جالَسَهُ أو قاوَمَهُ في حاجَةٍ صابَرَهُ حَتّى يَكونَ هُوَ المُنصَرِفَ ، ومَن سَأَلَهُ حاجَةً لَم يَرُدَّهُ إلّا بِها أو بِمَيسورٍ مِنَ القَولِ ، قَد وَسِعَ النّاسَ مِنهُ بَسطُهُ وخُلُقُهُ ، فَصارَ لَهُم أبا وصاروا عِندَهُ فِي الحَقِّ سَواءً ، مَجلِسُهُ مَجلِسُ حِلمٍ وحَياءٍ وصَبرٍ وأمانَةٍ ، لا تُرفَعُ فيهِ الأَصواتُ ، ولا تُؤبَنُ فيهِ الحُرَمُ ۱ ، ولا تُنثى فَلَتاتُهُ ۲ ، مُتعادِلينَ يَتَفاضَلونَ فيهِ بِالتَّقوى ، مُتَواضِعينَ ، يُوَقِّرونَ فيهِ الكَبيرَ ، ويَرحَمونَ فيهِ الصَّغيرَ ، ويُؤثِرونَ ذَا الحاجَةِ ، ويَحفَظونَ الغَريبَ .
قُلتُ : كَيفَ كانَ سيرَتُهُ في جُلَسائِهِ ؟ فَقالَ : كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله دائِمَ البِشرِ ، سَهلَ الخُلُقِ ، لَيِّنَ الجانِبِ ، لَيسَ بِفَظٍّ ولا غَليظٍ ، ولا سَخّابٍ ولا فَحّاشٍ ولا عَيّابٍ ولا مَزّاحٍ ، يَتَغافَلُ عَمّا لا يَشتَهي ، ولا يُؤيِسُ مِنهُ ولا يُحَبِّبُ فيهِ ، قد تَرَكَ نَفسَهُ مِن ثَلاثٍ : المِراءِ ، وَالإِكثارِ ، وما لا يَعنيهِ ، وتَرَكَ النّاسَ مِن ثَلاثٍ : كانَ لا يَذُمُّ أحَدا ولا يُعَيِّرُهُ ، ولا يَطلُبُ عَورَتَهُ ، ولا يَتَكَلَّمُ إلّا فيما رَجا ثَوابَهُ . إذا تَكَلَّمَ أطرَقَ جُلَساؤُهُ كَأَنَّما عَلى رُؤوسِهِمُ الطَّيرُ ، فَإِذا سَكَتَ تَكَلَّموا ولا يَتَنازَعونَ عِندَهُ ، مَن تَكَلَّمَ أنصَتوا لَهُ حَتّى يَفرُغَ . حَديثُهُم عِندَهُ حَديثُ أوَّلِهِم ، يَضحَكُ مِمّا يَضحَكونَ مِنهُ ، ويَتَعَجَّبُ مِمّا يَتَعَجَّبونَ مِنهُ ، ويَصبِرُ لِلغَريبِ عَلَى الجَفوَةِ فيمَنطِقِهِ ومَسأَلَتِهِ حَتّى إذا كانَ أصحابُهُ لَيَستَجلِبونَهُم ، ويَقولُ : إذا رَأَيتُم طالِبَ الحاجَةِ يَطلُبُها فَأَرفِدوهُ . ولا يَقبَلُ الثَّناءَ إلّا مِن مُكافِئٍ ۳ ، ولا يَقطَعُ عَلى أحَدٍ حَديثَهُ حَتّى

1.لا تؤبّن فيه الحُرَم : أي لا يُذْكَرنَ بقبيح ، كان يصان مجلسه عن رَفث القول (النهاية : ج ۱ ص ۱۷ «أبن») .

2.لا تنثى فلتاته : أي لاتُشاع ولاتُذاع ، ولايُتحدّث بتلك الفلتات (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۳۰۴ «نثا») .

3.معناه : مَن صحّ عنده إسلامه حَسُن موقع ثنائه عليه عنده ، ومن استشعر منه نفاقًا وضعفًا في ديانته ألقى ثناءه عليه ولم يَحْفِل به (معاني الأخبار : ص ۸۹) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد السّادس
340

۶۸۷۰.الإمام الحسن عليه السلام :سَأَلتُ خالي هِندَ بنَ أبي هالَةَ الَّتميمِيَّ ـ وكانَ وَصّافا ـ عَن حِليَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ... قُلتُ : صِف لي مَنطِقَهُ . قالَ : كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله مُتَواصِلَ الأَحزانِ ، دائِمَ الفِكرَةِ ، لَيسَت لَهُ راحَةٌ ، لا يَتَكَلَّمُ في غَيرِ حاجَةٍ ، طَويلَ السَّكتَةِ ، يَفتَتِحُ الكَلامَ ويَختِمُهُ بِأَشداقِهِ ۱ ، ويَتَكَلَّمُ بِجَوامِعِ الكَلِمِ ، فَصلٌ لا فُضولٌ ولا تَقصيرٌ ، دَمِثٌ ۲ لَيسَ بِالجافي ولَا المَهينِ ، يُعَظِّمُ النِّعمَةَ وإن دَقَّت ، لا يَذُمُّ مِنها شَيئا ، لا يَذُمُّ ذَواقا ولا يَمدَحُهُ ، لا يَقومُ لِغَضَبِهِ إذا تَعَرَّضَ الحَقَّ شَيءٌ حَتّى يَنتَصِرَ لَهُ ، لا يَغضَبُ لِنَفسِهِ ولا يَنتَصِرُ لَها . إذا أشارَ أشارَ بِكَفِّه كُلِّها ، وإذا تَعَجَّبَ قَلَبَها ، وإذا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِها ، يَضرِبُ بِراحَتِهِ الُيمنى باطِنَ إبهامِهِ اليُسرى ، وإذا غَضِبَ أعرَضَ وأشاحَ ۳ ، وإذا فَرِحَ غَضَّ طَرفَهُ . جُلُّ ضِحكِهِ التَّبَسُّمُ ، ويَفتَرُّ عَن مِثلِ حَبِّ الغَمامِ ۴ . ۵

۶۸۷۱.الإمام الحسين عليه السلام :سَأَلتُ أبي عليه السلام عَن ... مَجلِسِهِ [أي رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ] فَقالَ :
كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لا يَجلِسُ ولا يَقومُ إلّا عَلى ذِكرٍ ، ولا يوطِنُ الأَماكِنَ ، ويَنهى عَن إيطانِها ، وإذَا انتَهى إلى قَومٍ جَلَسَ حَيثُ يَنتَهي بِهِ الَمجلِسُ ويَأمُرُ بِذلِكَ ، يُعطي

1.الأشداق : جوانب الفم (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۱۷۳ «شدق») ، والمراد أنّه لا يفتح فاه كلّه .

2.الدماثة : سهولة الخلق (لسان العرب : ج ۲ ص ۱۴۹ «دمث») .

3.أشاح : جَدَّ في الإعراض (لسان العرب : ج ۲ ص ۵۰۱ «شيح») .

4.حبّ الغمام : البَرَد ، شُبّه به ثغرُه صلى الله عليه و آله في بياضه وصفائه وبرده (لسان العرب : ج ۱ ص ۲۹۳ «حبب») .

5.دلائل النبوّة للبيهقي : ج ۱ ص ۲۸۶ ، الشمائل المحمّدية : ص ۱۰۹ ح ۲۲۶ ، المعجم الكبير : ج ۲۲ ص ۱۵۵ و ۱۵۶ ح ۴۱۴ كلاهما نحوه وكلّها عن ابنٍ لابن أبي هالة التميمي ، كنز العمّال : ج ۷ ص ۱۶۴ ح ۱۸۵۳۵ ؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۳۱۷ ح ۱ ، معاني الأخبار : ص ۸۱ ح ۱ كلاهما عن إسماعيل بن محمّد بن إسحاق عن الإمام الرضا عن آبائه عنه عليهم السلام نحوه ، بحار الأنوار : ج ۱۶ ص ۱۴۹ ح ۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد السّادس
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6856
صفحه از 600
پرینت  ارسال به