وبعبارة أوضح : مدّ يد العون إلى الآخرين يكون على ثلاث درجات ، لكلّ منها عنوانه الخاصّ وقيمته الأخلاقيّة :
الدرجة الاُولى : مساعدة المحتاجين من المال الزائد عن الحاجة ؛ وهو الإنفاق ، والصدقة ، والسّخاء وأمثالها .
الدرجة الثانية : إشراك الآخرين فيما يحتاجه من المال ؛ وهو المؤاساة .
الدرجة الثالثة : تقديم حاجة الآخرين على النفس ؛ وهو الإيثار ، ويعتبر أسمى القيم الأخلاقيّة .
المؤاساة في الحديث
استعملت الأحاديث الإسلاميّة مصطلح «المؤاساة» بنفس المعنى اللغوي له ، حيث إنّها ترِد تارةً بمعنى إشراك الآخرين في التنعّم بمواهب الحياة والإمكانات الاقتصاديّة التي يحتاج إليها الفرد . وتارةً اُخرى بمعنى رعاية العدالة في العلاقات مع الآخرين .
و«التأسّي» و «المؤاساة» بناء على المعنى اللّغوي ، توجيهان هامّان في دائرة الثقافة الإسلاميّة في اتّجاه الإصلاح الخلقي والاقتصادي والحقوقي في المجتمع .
إنّ «التأسّي» بمن يمتلك الغنى الأخلاقي ، والسعي للتشبُّه به ، يقلّل الفقر الأخلاقي ، وممارسة «المؤاساة» تزيل التفاوت الطبقي ، ورعاية «المؤاساة» في التعامل مع الآخرين توفّر الحقوق العادلة المتساوية بين الجميع . وبهذا التفسير ، لابدّ من الوقوف عند عدّة موضوعات في أحاديث هذا الباب :
۱ . أنواع المؤاساة
لقد أشرنا إلى أنّ «المؤاساة» في الحديث وردت بمعنيين :
أ ـ مشاركة الآخرين في مشاكل الحياة وصعابها ، وإسهامهم في استثمار إمكانات