449
موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث

معرفة الكنه غير ميسّرة له أيضا ، إذ يقول:
اللّهُ أعلى وأجَلُّ أن يَطَّلِعَ أَحَدٌ عَلى كُنهِ مَعرِفَتِهِ . ۱
ويقول أيضا في خصوص معرفة اللّه :
يامَن لا يَعلَمُ ما هُوَ إلّا هُوَ . ۲
وقال كذلك:
سُبحانَكَ ما عَرَفناكَ حَقَّ مَعرِفَتِكَ . ۳
الخامس : الروايات الّتي تقسّم حجب اللّه تعالى إلى حجب نورانيّة وظلمانيّة ، وأشرنا قبل ذلك إلى المعنى المحتمَل للحجبِ النورانيّة، ۴ أمّا القصد من الحجب الظلمانيّة فهو ـ على ما يبدو ـ الصدأ الّذي يرين على البصائر ويحول دون معرفة اللّه بسبب الأعمال غير الصالحة ، كما جاء في القرآن الكريم :
«كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ» . ۵
وسيأتي شرح هذه الموانع في الفصل العاشر .
يقول الشاعر حافظ الشيرازيّ مشيرا إلى هذه الحجب ما تعريبه :

لا نقاب ولا حجاب يحول دون جمال الحبيبولكن أزح الغبار حتّى يتيسّر لك النظر

1.راجع : ص ۴۲۸ ح ۳۳۱۱ .

2.راجع : ص۴۲۸ ح ۳۳۱۰ .

3.راجع : ص ۴۲۸ ح ۳۳۰۹ .

4.المعنى الدقيق القاطع لحجب النور والظلمة غير واضح . لمزيد الاطّلاع انظر : فصوص الحكم ، فصّ الحكمة الإلهيّة في الكلمة الآدميّة ، تعليقة أبي العلاء : ص ۱۶ ـ ۱۷ . تعليقات الإمام الخمينيّ على فصوص الحكم .

5.المطفّفين : ۱۴ و ۱۵ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث
448

مخلوقين ، إذ من المحال أن يُحيط المخلوق المحدود بالخالق الّذي لا حدود له ، فضلاً عن أنّ جميع الأحاديث الّتي مرّت في الباب الثالث من هذا الفصل تدلّ على هذا المعنى أيضا . ۱
الرابع : الروايات الّتي تعبّر عن حجاب اللّه ـ عزّ وجلّ ـ بالنّور . ولعلّ المراد من الحجب النورانيّة ـ كما قيل ـ رؤية العابد عبادة نفسه ، فإنّ العبادة نور ، لكن إنْ رآها السالك يُصَب بنوع من الأنانية الّتي تحجب المعرفة الشهودية.
وقيل : إنّ المراد بالحجب النورانيّة ، المخلوقات الأفضل ، بمعنى أنّ كلّ مخلوق أفضل يحجب ما دونه ؛ لأَنّه واسطة الفيض إليه . ولكن لا يستقيم هذا الاحتمال مع ما مرّ من الأحاديث في هذا الشأن ، فتأمّل .
إذا ، يتيسّر لنا أن نقول : إنّ المراد من خرق حجب النُّور بأبصار القلوب الوارد في المناجاة الشعبانيّة :
وأنِر أَبصارَ قُلوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها إِلَيكَ ، حَتّى تَخرِقَ أَبصارُ القُلوبِ حُجُبَ النّورِ فَتَصِلَ إلى مَعدِنِ العَظَمَةِ ... .
هو أنّ السالك في سلوكه إلى اللّه يبلغ نقطةً تُماط فيها حجب الأنانيّة كلّها نتيجة لشدّة حبّ اللّه سبحانه فلا يَرَى شيئا إلّا اللّه سبحانه وتعالى ، وكما قال الشاعر الفارسيّ حافظ الشيرازيّ ما تعريبه :

لا حجاب بين العاشق والمعشوقفنفسك هي الحجاب يا حافظ فأزحها
وهذه المرحلة من معرفة اللّه وإن كانت تمثّل أعلى منازل السلوك وأسمى درجات المعرفة لكنّها لا تعني إحاطة المخلوق بالخالق ومعرفة كنه اللّه سبحانه قطعا ، من هنا فإنّ سيد المرسلين وإمام أهل المعرفة أجمعين يصرّح ضمنيّا أنّ

1.راجع : ص ۴۲۸ (لا يبلغ أحد كنه معرفته) .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5957
صفحه از 575
پرینت  ارسال به