391
موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث

أنّ أئمه أهل البيت أو الإنسان الكامل في كل عصر وزمان والذي يسمى بالإمام ، له دور في هداية النّاس إلى الكمال المطلق ، فهو مضافا إلى ما يقوم به من الهداية العامّة يرافقُ المستعدّين روحيّا ويعينهم على قطع الطريق وبلوغ الهدف أيضا ، أي : إنّ نفوس اُولئك المستعدّين تتربّى بقبس الأنوار الباطنيّة للإمام تكوينيّا ، وتسير صوب الكمال المطلق .
فروى الكلينيّ ـ رضوان اللّه عليه ـ في باب «الأئمّة نور اللّه » من كتابه الجليل الكافي ستّ روايات فُسّرت فيها كلمة «النور» في عدد من الآيات القرآنيّة بأئمّة أهل البيت عليهم السلام ، منها رواية نقلها أبو خالد الكابليّ ، قال : سألت أبا جعفر] الباقر عليه السلام [عن قوله تعالى : «فَامِنُواْ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ النُّورِ الَّذِى أَنزَلْنَا» ۱ فقال :
النّورُ وَاللّهِ الأَئِمَّةُ مِن آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله إِلى يَومِ القِيامَةِ ، وهُم وَاللّهِ نورُ اللّهِ الَّذي أُنزِلَ ، وهُم وَاللّهِ نورُ اللّهِ فِي السَّماواتِ وفِي الأَرضِ ، وَاللّهِ ـ يا أبا خالِدٍ ـ لَنورُ الإِمامِ في قُلوبِ المُؤمِنينَ أنوَرُ مِنَ الشَّمسِ المُضيئَةِ بِالنَّهارِ؛ وهُم وَاللّهِ يُنَوِّرونَ قُلوبَ المُؤمِنينَ ، ويَحجُبُ اللّهُ عز و جل نورَهُم عَمَّن يَشاءُ فَتُظلَمُ قُلوبُهُم. وَاللّهِ يا أبا خالِدٍ لا يُحِبُّنا عَبدٌ ويَتَوَلّانا حَتّى يُطَهِّرَ اللّهُ قَلبَهُ ... . ۲
فمن وحي هذا الكلام نعرف أنّ الإمام كالشّمس الساطعة تشعُّ على الباطن الخافي للعالم أكثر ممّا تشعّه الشّمس المحسوسة ، وتُنير ملكوت السّماوات والأَرض وسرائر المؤمنين . وهذا النور لا يُبيّن طريق السير والسلوك لهم فحسب ، بل يرافقهم حتّى بلوغ الهدف .
بعبارة اُخرى : كما أنّ الشّمس المحسوسة ـ فضلاً عن إضاءتها ـ تؤثّر في التكامل المادّي للإنسان تكوينيّا ، فإنّ الشمس المعنويّة للإمام ـ مضافا إلى

1.التغابن : ۸ .

2.الكافي : ج ۱ ص ۱۹۴ ح ۱ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث
390

أقرب ، فروي عن الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام قوله :
مَن أخلَصَ للّهِِ أربَعينَ صَباحا ، يَأكُلُ الحَلالَ ، صائِما نهارَهُ ، قائِما لَيلَهُ ، أجرَى اللّهُ سُبحانَهُ يَنابيعَ الحِكمَةِ مِن قَلبِهِ عَلى لِسانِهِ . ۱

ثالثا : ولاية أهل البيت عليهم السلام

طريق التوحيد والسلوك إلى المعرفة الشهوديّة والكمال المطلق هو طريق صعب مستصعَب ، وفيه قُطّاع طرقٍ كثيرون ، فالسير فيه من دون توجيه وإرشاد ومؤازرة من القادة الربّانيّين الذين بلغوا الغاية وعُصموا من الزلل ـ وهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام ـ عمل خطير ، بل غير ممكن . وفي هذا المجال ينبغي الالتفات إلى ثلاث نقاط وهي ، كما يأتي :

۱ . تأثير أَهل البيت عليهم السلام في معرفة اللّه عز و جل

إنّ أهل البيت ـ كما في الأحاديث السالفة ـ أبواب معرفة اللّه ، وسبل الوصول إلى رضوانه ، أي إنّهم وحدهم المحيطون بالمعارف الإسلاميّة الأصيلة ، وهم الذين يستطيعون أن يعرّفوا الناس بخالقهم الحقيقيّ ، ويهدونهم حتّى بلوغ أسمى مراتب التوحيد على أساس تعاليم الوحي ، كما نخاطبهم بذلك في الزيارة الجامعة الكبيرة المرويّة عن الإمام الهادي عليه السلام :
بِمُوالاتِكُم عَلَّمَنَا اللّهُ مَعالِمَ دينِنا . ۲

۲ . دور أَهل البيت عليهم السلام في الهداية الباطنيّة للإنسان

إنّ دراسة دقيقة للنصوص الإسلاميّة المأثورة في شأن الإمامة والقيادة ، تدلّ على

1.مسند زيد : ص ۳۸۴ عن الإمام زين العابدين عن أبيه عليهماالسلام .

2.تهذيب الأحكام : ج ۶ ص ۱۰۰ ح ۱۷۷ ؛ كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۲ ص ۶۱۶ ح ۳۲۱۳ كلاهما عن موسى بن عبداللّه النخعي .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5610
صفحه از 575
پرینت  ارسال به