345
موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث

خامسا : مراتب معرفة النفس

لا شكّ في أنّ لمعرفة النفس مراتب متعددة كمعرفة اللّه ، لذا نقرأ في الحديث العَلَويّ قوله عليه السلام :
أعرَفُكُم بِنَفسِهِ أعرَفُكُم بِرَبِّهِ . ۱
إنّ أدنى المراتب في معرفة النفس ميسّرة لعامّة الناس ، بيد أنّه كلّما ازدادت معرفة الإنسان بنفسه ، ازدادت معرفته باللّه سبحانه ، إلى أن يظفر بالمعرفة الشهوديّة للنّفس ، وهناك يفوز بالمعرفة الشهوديّة للحقّ تعالى ، ويشهد وحدانيّته إلى جانب الملائكة واُولي العلم:
«شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ» . ۲
ولا يتيسّر بلوغ هذه المرتبة من المعرفة إلّا عن طريق الرياضات وجهاد النفس ، وسيأتي الحديث عنها في الفصل السادس .

طرق معرفة اللّه

1.راجع : ص ۳۳۲ ح ۳۱۶۱ .

2.آل عمران : ۱۸ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث
344

الحكمة وآثار الصنع في وجود الإنسان بقوله:
وَالعَجَبُ مِن مَخلوقٍ يَزعُمُ أَنَّ اللّهَ يَخفى عَلى عِبادِهِ وهُوَ يَرى أَثَرَ الصُّنعِ في نَفسِهِ؛ بِتَركيبٍ يُبهِرُ عَقلَهُ ، وتَأليفٍ يُبطِلُ حُجَّتَهُ . ۱
وقوله عليه السلام في بيان الآية ۲۱ من سورة الذاريات : «وَ فِى أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ»:
إنَّهُ خَلَقَكَ سَميعا بَصيرا ، تَغضَبُ وتَرضى ، وتَجوعُ وتَشبَعُ ، وذلِكَ كُلُّهُ مِن آياتِ اللّهِ تَعالى . ۲
من اللافت للنظر أنّ هشام بن الحكم ـ وهو من تلاميذ الإمام الصادق عليه السلام وأصحابه المتكلّمين ـ استنبط نفس المعنى من الآيات والأحاديث الواردة في معرفة النفس ، فقد قال في صدد معرفة اللّه عن طريق معرفة النفس:
عَرَفتُ اللّهَ ـ جَلَّ جَلالُهُ ـ بِنَفسي لأَِنَّها أقرَبُ الأَشياءِ إِلَيَّ ، وذلِكَ أنّي أجِدُها أبعاضا مُجتَمِعَةً ، وأجزاءً مُؤتَلِفَةً ... . ۳
ويشير في الختام إلى أنّ القصد من قوله تعالى: «وَ فِى أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ» هو هذا المعنى نفسه .
لكنّنا نأسف شديد الأسف على أنّ المعنى الواضح الّذي أكّده القرآن الكريم والأحاديث في تبيين حديث معرفة النفس قد غُفِلَ عنه تماما ، ولم يذكر في عداد الشروح الملحوظة ـ حتّى بوصفه معنىً كسائر المعاني ـ الّتي فُرض بعضها على الحديث الشريف ولو أنّ علماء المسلمين أخذوا برسالة القرآن في معرفة النفس لفاقوا جميع علماء العالم في العلوم المرتبطة بعلم معرفة الإنسان .

1.بحار الأنوار : ج ۳ ص ۱۵۲ نقلاً عن رسالة الاهليلجة عن المفضّل بن عمر .

2.راجع : ص ۳۳۱ ح ۳۱۵۷ .

3.راجع : ص ۳۳۱ ح ۳۱۵۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5443
صفحه از 575
پرینت  ارسال به