299
موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث

۱ . معرفة اللّه عز و جل عن طريق الآثار

يعرِّف اللّه الخالق الحكيم القدير الإنسان بنفسه من خلال إراءَتِه آثار علمه وقدرته وحكمته في نظام الوجود ، ويشير عدد من الأحاديث إلى هذا التفسير .
إِنَّما عَرَّفَ اللّهُ ـ جَلَّ وعَزَّ ـ نَفسَهُ إِلى خَلقِهِ بِالكَلامِ وَالدَّلالاتِ عَلَيهِ وَالأَعلامِ . ۱

۲ . معرفة اللّه عز و جل عن طريق التنزيه والتقديس

تنزيه الخالق سبحانه وتقديسه عن مشابهة المخلوقات ، هو التفسير الثاني لمعرفة اللّه باللّه . قال المحدّث الأقدم الشيخ الكلينيّ قدس سره في تبيان هذا التفسير :
إنّ اللّه خلق الأَشخاص والأَنوار والجواهر والأَعيان ؛ فالأَعيان : الأَبدان ، والجواهر : الأرواح . وهو ـ جلّ وعزّ ـ لا يشبه جسما ولا روحا ، وليس لأَحد في خلق الروح الحسّاس الدرّاك أَمر ولا سبب ، هو المتفرّد بخلق الأَرواح والأَجسام ، فإذا نفى عنه الشبهين ؛ شبه الأَبدان وشبه الأَرواح ، فقد عرف اللّه باللّه ، وإذا شبّهه بالروح أو البدن أو النور فلم يعرف اللّه باللّه ۲ .
وقال صدر الدِّين الشيرازيّ قدس سره في معرفة اللّه باللّه عن طريق التنزيه والتقديس :
وهو أن يستدلّ أَوّلاً بوجود الأَشياء على وجود ذاته ، ثمّ يعرف ذاته بنفي المثل والشبه عنه . . . فإذا نفى عنه ما عداه وسلب عنه شبه ما سواه ، سواء كانت أبدانا أو أرواحا ، فعرف أنّه منزّه عن أن يوصف بشيء غير ذاته . . . فمن عرف اللّه بأنّه لا يشبه شيئا من الأَشياء ولا يشبهه شيء ، فقد عرف اللّه باللّه لا بغيره . ۳
وجاء هذا التفسير أيضا في عدد من الأحاديث كقول أمير المؤمنين عليه السلام في جواب من سأله: كيف عرّفك نفسه؟

1.راجع: ص ۲۹۵ ح ۳۱۰۰ .

2.الكافي : ج ۱ ص ۸۵ ح ۱ .

3.شرح اُصول الكافي : ج ۳ ص ۶۱ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث
298

والأدوات والإمكانيّات الداخليّة والخارجيّة لمعرفته بكلّ طريق متيسّر ، من هنا قال شيخ المحدّثين في تفسير كلام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام إذ قال: «اعرفوا اللّهَ باللّهِ» :
عَرَفنا اللّهَ بِاللّهِ ؛ لِأَنّا إن عرفناه بعقولنا فهو عز و جل واهبها، وإن عرفناه عز و جل بأنبيائه ورسله وحججه عليهم السلام فهو عز و جل باعثهم ومرسلهم ومتَّخذهم حججا، وإن عرفناه بِأنفُسنا فهو عز و جلمحدثها ، فبه عرفناه . ۱
إنّ ما أودع اللّه في داخل وجود الإنسان لمعرفته هو فطرة معرفته ، والعقل والقلب ، تلك الاُمور الّتي سيأتي تفصيلها في الفصل الثالث تحت عنوان «مبادئ معرفة اللّه » ، وما جعل في خارج وجوده ، هو الوحي والأنبياء .
ومهمّة الأنبياء عليهم السلام ، كما قال الإمام عليّ عليه السلام هي هداية الفطرة والعقل ، وإزالة الموانع والحجب الّتي تحول دون معرفة اللّه من بصائرهم:
فَبَعَثَ فيهِم رُسُلَهُ ، وواتَرَ إِلَيهِم أَنبِياءَهُ ؛ لِيَستَأدوهُم ميثاقَ فِطرَتِهِ ، ويُذَكِّروهُم مَنسِيَّ نِعمَتِهِ ، ويَحتَجّوا عَلَيهِم بِالتَّبليغِ ، ويُثيروا لَهُم دَفائِنَ العُقولِ ، ويُروهُم آياتِ المَقدِرَةِ ... ۲
في ضوء ذلك ، وكما ورد في عدّة أحاديث ۳ ، فإن المعرفة من اللّه ، فهو الّذي وهب للإنسان وسائل الإدراك والمعرفة ، وهيّأ له سبل كسبها . فإذا استفاد الإنسان من هداية الأنبياء وازاح موانع المعرفة استطاع أن ينظر بعين بصيرته وقلبه مظاهر جمال الباري سبحانه .
وانطلاقا من هذا التحليل يمكننا أن نقدّم ثلاثة تفاسير واضحة لمعرفة اللّه باللّه وفقا لمراتب معرفة اللّه :

1.التوحيد : ص ۲۹۰ ، بحار الأنوار : ج ۳ ص ۲۷۳ .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱ ، بحار الأنوار : ج ۱۱ ص ۶۰ ح ۷۰ .

3.راجع : ص ۲۹۳ (الهداة إلى معرفة اللّه عز و جل / اللّه عز و جل) .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5885
صفحه از 575
پرینت  ارسال به