247
موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث

۲ . منهج الإسلام في تأليف القُلوب

إنّ تأليف القلوب ـ وبالخصوص المتنافرة ـ عمل فيه مشقّة ما بعدها مشقّة ، وقد يُصبح أحيانا متعذّرا ، لذا فإنّ الإمام عليّا عليه السلام يقول في هذا الصّدد :
إزالَةُ الرَّواسي أسهَلُ مِن تَأليفِ القُلوبِ المُتَنافِرَةِ . ۱
والمنهج الإسلامي يتّجه في تأليف القلوب إلى إزالة موانع الاُلفة في المرحلة الاُولى ، ثمّ توفير الأجواء اللَازمة لتحقّقها في المرحلة التالية :

أ ـ مكافحة الموانع

موانع الاُلفة هي ذاتها موانع المحبّة والاُخوّة ؛ كالحسد ، والحقد ، والكِبْر ، وسوء الخُلُق ، وذكر عيوب الآخرين و ... ۲ .
إنّ هذه الموانع ذات جذور تمتدّ إلى دائرة وساوس الشيطان والأهواء النفسيّة في الإنسان ، وقد تنشأ عن الجهل وسوء التدبير ، كما روي في مسألة زواج الصغار :
إذا زُوِّجوا وهُم صِغارٌ لَم يَكادوا يَتَأَلَّفوا . ۳
ولمكافحة الموانع ، قرّر الإسلام حظر كلّ ما يحول دون الاُلفة والمحبّة ، أو يؤدّي إلى البغضاء والعداوة والفرقة . وإذا اتّفق أن انقطع حبل الاُلفة بين مسلمَينِ لسبب من الأسباب ، فلا يحقّ لهما أن يتهاجرا أكثر من ثلاثة أيّام ۴ ، فالإسلام فرض عليهما العودة ، لقول الرسول صلى الله عليه و آله :
لا هِجرَةَ فَوقَ ثَلاثٍ . ۵

1.راجع : ص ۲۶۳ ح ۳۰۲۴.

2.راجع : المحبّة في الكتاب والسنّة : ص ۸۵ (موانع المحبّة) .

3.راجع : ص ۲۷۸ ح ۳۰۷۴.

4.راجع : المحبّة في الكتاب والسنّة : ص ۴۶ (النهي عن الهجران فوق ثلاثة أيّام) .

5.الكافي : ج ۲ ص ۳۴۴ ح ۲ عن هشام بن الحكم عن الإمام الصادق عليه السلام .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث
246

سبحانه :
«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِى سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا» . ۱
وتارةً اُخرى بمعنى التأليف المعنويّ :
«وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ» . ۲
وما نتناوله هنا هو المعنى الثاني ، ونذكر ما يرتبط بهذا المعنى على ضوء القرآن والسنّة :

۱ . أهمّيّة الاُلفة

إنّ تأليف القلوب من أهمّ الأولويّات التربويّة والسياسيّة في المدرسة الإسلاميّة ، يصف القرآن الكريم ما حصل من تأليف قلوب المسلمين إبّان عصر الرسالة بعد أن كانوا أعداءً ، وإحلال روح الاُخوّة بينهم ، أنّها من نِعَم اللّه الّتي منّ بها سبحانه على المجتمع الإسلاميّ الأوّل ، ووهبت لهم ببركة البعثة النبويّة .
يقول أمير المؤمنين عليّ عليه السلام بشأن أهميّة هذه النِّعمة :
فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ قَدِ امتَنَّ عَلى جَماعَةِ هذِهِ الاُمَّةِ فيما عَقَدَ بَينَهُم مِن حَبلِ هذِهِ الاُلفَةِ الَّتي يَنتَقِلونَ في ظِلِّها ، ويَأوونَ إلى كَنَفِها ، بِنِعمَةٍ لا يَعرِفُ أحَدٌ مِنَ المَخلوقينَ لَها قيمَةً ؛ لِأَنَّها أرجَحُ مِن كُلِّ ثَمَنٍ ، وأجَلُّ مِن كُلِّ خَطَرٍ ، وَاعلَموا أنَّكُم صِرتُم بَعدَ الهِجرَةِ أعرابا ، وبَعدَ المُوالاةِ أحزابا ، ما تَتَعَلَّقونَ مِنَ الإِسلامِ إلّا بِاسمِهِ ، ولا تَعرِفونَ مِنَ الإِيمانِ إلّا رَسمَهُ . ۳

1.النور : ۴۳ .

2.آل عمران : ۱۰۳ .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۲ ، بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۴۷۴ ح ۳۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الثّالث
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5426
صفحه از 575
پرینت  ارسال به