۷۷۳.الكافي عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابه من العراقيّين رفعه ، قالَ :خَطَبَ النّاسَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ ـ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِما ـ فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ، أنَا اُخبِرُكُم عَن أخٍ لي كانَ مِن أعظَمِ النّاسِ في عَيني ، وكانَ رَأسُ ما عَظُمَ بِهِ في عَيني صِغَرَ الدُّنيا في عَينِهِ . كانَ خارِجا مِن سُلطانِ بَطنِهِ ؛ فَلا يَشتَهي ما لا يَجِدُ ، ولا يُكثِرُ إذا وَجَدَ . كانَ خارِجا مِن سُلطانِ فَرجِهِ ؛ فَلا يَستَخِفُّ لَهُ عَقلَهُ ولا رَأيَهُ . كانَ خارِجا مِن سُلطانِ الجَهالَةِ ؛ فَلا يَمُدُّ يَدَهُ إلّا عَلى ثِقَةٍ ؛ لِمَنفَعَةٍ .
كانَ لا يَتَشَهّى ، ولا يَتَسَخَّطُ ، ولا يَتَبَرَّمُ ۱ . كانَ أكثَرَ دَهرِهِ صَمّاتا ، فَإِذا قالَ بَذَّ القائِلينَ ۲ . كانَ لا يَدخُلُ في مِراءٍ ۳ ، ولا يُشارِكُ في دَعوى ، ولا يُدلي بِحُجَّةٍ حَتّى يَرى قاضِيا ۴ . وكانَ لا يَغفُلُ عَن إخوانِهِ ، ولا يَخُصُّ نَفسَهُ بِشَيءٍ دونَهُم . كانَ ضَعيفا مُستَضعَفا ، فَإِذا جاءَ الجِدُّ كانَ لَيثا عادِيا .
كانَ لا يَلومُ أحَدا فيما يَقَعُ العُذرُ في مِثلِهِ حَتّى يَرَى اعتِذارا . كانَ يَفعَلُ ما يَقولُ ، ويَفعَلُ ما لا يَقولُ ۵ . كانَ إذَا ابتَزَّهُ أمرانِ لا يَدري أيَّهُما أفضَلُ نَظَرَ إلى أقرَبِهِما إلَى الهَوى فَخالَفَهُ . كانَ لا يَشكو وَجَعا إلّا عِندَ مَن يَرجو عِندَهُ البُرءَ ، ولا يَستَشيرُ إلّا مَن يَرجو عِندَهُ النَّصيحَةَ . كانَ لا يَتَبَرَّمُ ، ولا يَتَسَخَّطُ ، ولا يَتَشَكّى ، ولا يَتَشَهّى ، ولا يَنتَقِمُ ، ولا يَغفُلُ عَن العَدُوِّ .
1.بَرِمَ به : إذا سئمَه ، وتَبَرَّم به مثله . وأبرَمه : أي أملّه وأضجره (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۶۹ «برم») .
2.بَذَّ القائلين : أي سَبَقَهم وغَلَبَهم (النهاية : ج ۱ ص ۱۱۰ «بذذ») .
3.المِراء : الجِدال (النهاية : ج ۴ ص ۳۲۲ «مرا») .
4.المعنى أنّه ليس من عادته إذا ظلمه أحد أن يبثّ الشكوى عند الناس كما هو دأب أكثر الخلق ، بل يصبر إلى أن يجد حاكما يحكم بينه وبين خصمه . وذلك في الحقيقة يؤول إلى الكفّ عن فضول الكلام والتكلّم في غير موضعه (مرآة العقول : ج ۹ ص ۲۶۲).
5.. كذا في المصدر ، وفي تحف العقول : «لا يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول» ، وفي نهج البلاغة : «كان يفعل ما يقول ولا يقول ما لا يفعل» .