431
موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الأوّل

۷۷۳.الكافي عن أحمد بن محمّد بن خالد عن بعض أصحابه من العراقيّين رفعه ، قالَ :خَطَبَ النّاسَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ ـ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِما ـ فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ، أنَا اُخبِرُكُم عَن أخٍ لي كانَ مِن أعظَمِ النّاسِ في عَيني ، وكانَ رَأسُ ما عَظُمَ بِهِ في عَيني صِغَرَ الدُّنيا في عَينِهِ . كانَ خارِجا مِن سُلطانِ بَطنِهِ ؛ فَلا يَشتَهي ما لا يَجِدُ ، ولا يُكثِرُ إذا وَجَدَ . كانَ خارِجا مِن سُلطانِ فَرجِهِ ؛ فَلا يَستَخِفُّ لَهُ عَقلَهُ ولا رَأيَهُ . كانَ خارِجا مِن سُلطانِ الجَهالَةِ ؛ فَلا يَمُدُّ يَدَهُ إلّا عَلى ثِقَةٍ ؛ لِمَنفَعَةٍ .
كانَ لا يَتَشَهّى ، ولا يَتَسَخَّطُ ، ولا يَتَبَرَّمُ ۱ . كانَ أكثَرَ دَهرِهِ صَمّاتا ، فَإِذا قالَ بَذَّ القائِلينَ ۲ . كانَ لا يَدخُلُ في مِراءٍ ۳ ، ولا يُشارِكُ في دَعوى ، ولا يُدلي بِحُجَّةٍ حَتّى يَرى قاضِيا ۴ . وكانَ لا يَغفُلُ عَن إخوانِهِ ، ولا يَخُصُّ نَفسَهُ بِشَيءٍ دونَهُم . كانَ ضَعيفا مُستَضعَفا ، فَإِذا جاءَ الجِدُّ كانَ لَيثا عادِيا .
كانَ لا يَلومُ أحَدا فيما يَقَعُ العُذرُ في مِثلِهِ حَتّى يَرَى اعتِذارا . كانَ يَفعَلُ ما يَقولُ ، ويَفعَلُ ما لا يَقولُ ۵ . كانَ إذَا ابتَزَّهُ أمرانِ لا يَدري أيَّهُما أفضَلُ نَظَرَ إلى أقرَبِهِما إلَى الهَوى فَخالَفَهُ . كانَ لا يَشكو وَجَعا إلّا عِندَ مَن يَرجو عِندَهُ البُرءَ ، ولا يَستَشيرُ إلّا مَن يَرجو عِندَهُ النَّصيحَةَ . كانَ لا يَتَبَرَّمُ ، ولا يَتَسَخَّطُ ، ولا يَتَشَكّى ، ولا يَتَشَهّى ، ولا يَنتَقِمُ ، ولا يَغفُلُ عَن العَدُوِّ .

1.بَرِمَ به : إذا سئمَه ، وتَبَرَّم به مثله . وأبرَمه : أي أملّه وأضجره (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۶۹ «برم») .

2.بَذَّ القائلين : أي سَبَقَهم وغَلَبَهم (النهاية : ج ۱ ص ۱۱۰ «بذذ») .

3.المِراء : الجِدال (النهاية : ج ۴ ص ۳۲۲ «مرا») .

4.المعنى أنّه ليس من عادته إذا ظلمه أحد أن يبثّ الشكوى عند الناس كما هو دأب أكثر الخلق ، بل يصبر إلى أن يجد حاكما يحكم بينه وبين خصمه . وذلك في الحقيقة يؤول إلى الكفّ عن فضول الكلام والتكلّم في غير موضعه (مرآة العقول : ج ۹ ص ۲۶۲).

5.. كذا في المصدر ، وفي تحف العقول : «لا يقول ما لا يفعل ويفعل ما لا يقول» ، وفي نهج البلاغة : «كان يفعل ما يقول ولا يقول ما لا يفعل» .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الأوّل
430

وعَلَيهِ مِدرَعَةٌ مِن صوفٍ ، وحَمائِلُ سَيفِهِ ليفٌ ، وفي رِجلَيهِ نَعلانِ مِن ليفٍ ، وفي جَبينِهِ ثَفِنَةٌ ۱ مِن أثَرِ السُّجودِ ... قالَ عليه السلام :
ألا إنَّهُ قَد أدبَرَ مِنَ الدُّنيا ماكانَ مُقبِلاً ، وأقبَلَ مِنها ماكانَ مُدبِرا ، وأزمَعَ ۲ التَّرحالَ عِبادُ اللّهِ الأَخيارُ ، وباعوا قَليلاً مِنَ الدُّنيا لا يَبقى بِكَثيرٍ مِنَ الآخِرَةِ لا يَفنى .
ما ضَرَّ إخوانَنَا الَّذينَ سُفِكت دِماؤُهُم ـ وهُم بِصِفِّينَ ـ ألّا يَكونوا اليَومَ أحياءً يُسيغُون الغُصَصَ ويَشرَبونَ الرَّنقَ ۳ ؟ قَد ـ وَاللّهِ ـ لَقُوا اللّهَ فَوَفّاهُم اُجورَهُم وأحَلَّهُم دارَ الأَمنِ بَعدَ خَوفِهِم .
أينَ إخوانِيَ الَّذينَ رَكِبُوا الطَّريقَ ومَضَوا عَلَى الحَقِّ؟ أينَ عَمّار؟ وأينَ ابنُ التَّيِّهان ۴ ؟ وأينَ ذُوالشَّهادَتَين ۵ ؟ وأينَ نُظَراؤُهُم مِن إخوانِهِم ؛ الَّذينَ تَعاقَدوا عَلَى المَنِيَّةِ واُبرِدَ بِرُؤوسِهِم ۶ إلَى الفَجَرَةِ؟
قالَ : ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلى لِحيَتِهِ الشَّريفَةِ الكَريمَةِ فَأَطالَ البُكاءَ ، ثُمَّ قالَ عليه السلام : أوِّه عَلى إخوانِيَ الَّذينَ تَلَوُا القُرآنَ فَأَحكَموهُ ، وتَدَبَّرُوا الفَرضَ فَأَقاموهُ ، أحيَوُا السُّنَّةَ وأماتُوا البِدعَةَ ، دُعوا لِلجِهادِ فَأَجابوا ، ووَثِقوا بِالقائِدِ فَاتَّبَعوهُ .
ثُمَّ نادى بِأَعلى صَوتِهِ : الجِهادَ الجِهادَ عِبادَ اللّهِ! ألا وإنّي مُعَسكِرٌ في يَومي هذا ، فَمَن أرادَ الرَّواحَ إلَى اللّهِ فَليَخرُج! ۷

1.الثَّفِنة ـ بكسر الفاء ـ : ما وليَ الأرض من كلّ ذات أربع إذا بركت ، كالركبتين وغيرهما ، ويحصل فيه غلظ من أثر البروك (النهاية : ج ۱ ص ۲۱۵ «ثفن») .

2.أزمَعَ الأمرَ : مضى فيه ، وثبَّت عليه عَزمَه (لسان العرب : ج ۸ ص ۱۴۴ «زمع»).

3.ماءٌ رَنْق : أي كَدِر (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۸۵ «رنق») .

4.هو أبو الهيثم مالك بن التيِّهان ، من أكابر الصحابة.

5.هو خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي عدلَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله شهادته بشهادة رجلين في قصّة مشهورة.

6.أي اُرسلت مع البريد بعدما قتلهم الفجرة البُغاة.

7.نهج البلاغة : الخطبة ۱۸۲ ، بحار الأنوار : ج ۴ ص ۳۱۳ ح ۴۰.

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6847
صفحه از 671
پرینت  ارسال به