171
موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الأوّل

قال الجمهور من أهل الإثبات وأصحاب الحديث : لا ينخلع [ الإمام ]بهذه الاُمور [بفسقه وظلمه ، وبغصب الأموال وضرب الأشبار ، وتناول النفوس المحرّمة ، وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود ]ولا يجب الخروج عليه ، بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء ممّا يدعو إليه من معاصي اللّه ، واحتجّوا في ذلك بأخبار كثيرة متظاهرة عن النبيّ صلى الله عليه و آله وعن أصحابه في وجوب طاعة الأئمّة وإن جاروا واستأثروا بالأموال . ۱

ب ـ وضع الدين في خدمة الساسة الفاسدين

لا شكّ في أنّ بروز هذا الضرب من الفتاوى في تاريخ الإسلام لم تقتصر تبعاته على فصل الدين عن السياسة ، وإنّما دفع أيضا إلى أن يتحوّل الدين إلى وسيلة لخدمة الحكّام المنحرفين والقادة الفاسدين الذين تبوّؤوا السلطة باسم الدين وفعلوا كلّ ما أرادوه تحت غطاء الإسلام !
على هذا ، يمكن القول إنّ جماعة برزت تحت عنوان المحدّثين والفقهاء أسدت ـ عن علم منها أو جهل ـ أكبر خدمة وأنفذها نفعا للحكّام الطغاة الذين مارسوا حكم المسلمين باسم الإسلام وأنهكوا كيان الإسلام الأصيل بضربات عنيفة موجعة حالت دون دوام الحكومة الإسلامية ؛ وذلك عبر ما قامت به تلك الجماعة من المحدّثين والفقهاء من فصل للدين عن السياسة ، وما أشاعته فتاواها والأحاديث التي بثّتها من مناخات منعت الجماهير المسلمة من الثورة لأجل إحقاق حقوقها وضمان حاكمية الإسلام الأصيل في المجتمع .
لذلك لم يكن غريبا ما كتبه الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام من لغة حادّة في رسالة نصيحة بعث بها إلى واحد من هذا النمط من العلماء وهو محمّد بن مسلم الزهري ،

1.تمهيد الأوائل : ص ۴۷۸ ، الغدير : ج ۷ ص ۱۳۷ وراجع : شرح صحيح مسلم للنووي : ج ۱۲ ص ۲۳۹ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الأوّل
170

من الأمثلة التي تعكس هذا النمط من فتاوى هؤلاء وآرائهم :
تولى المحدّث المعروف مسلم بن الحجّاج النيشابوري ، جمع الأحاديث المذكورة في عدد من أبواب الإمارة من صحيحه . وفيما يلي عناوين هذه الأبواب ـ بأرقامها في صحيحه ـ التي تعكس خلاصة فهمه وتمثّل في حقيقتها فتواه على هذا الصعيد :
(۱۱) باب الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم.
(۱۲) باب في طاعة الاُمراء وإن منعوا الحقوق.
(۱۳) باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن ، وفي كلّ حال ، وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة. ۱
في النطاق ذاته أفتى أحمد بن حنبل ، بقوله :
والصبر تحت لواء السلطان على ما كان منه من عدل أو جور ، ولا يخرج على الاُمراء بالسيف وإن جاروا. ۲
قيل : «هذا هو المنقول عن أئمّة أهل السنة مالك والشافعي وأحمد وهو المشهور» . ۳
جاء في شرح الموطّأ أنّ رأي مالك وجمهور أهل السنّة ، هو :
إذا ظلم الإمام فالطاعة أولى من الخروج. ۴
يقول الباقلّاني :

1.صحيح مسلم : ج ۳ ص ۱۴۷۴ و ۱۴۷۵.

2.تاريخ المذاهب الإسلامية : ص ۹۰ ، مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي : ص ۱۷۶ .

3.. تاريخ المذاهب الإسلامية : ص ۹۰ .

4.تاريخ المذاهب الإسلامية : ص ۹۰ ، مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي : ص ۱۷۶.

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6580
صفحه از 671
پرینت  ارسال به