17
موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الأوّل

المهيمنة على العالم ، عارفاً بتزويراتها وأحابيلها ، ذا بصيرة بكيفية التعاطي مع الاقتصاد العالمي ، له معرفة بالسياسات وحتّى السياسيين والمعادلات التي يُملونها ، ذا دراية بموقع القطبين الرأسمالي والشيوعي وبنقاط قوّتهما وضعفهما ، وهو ما يرسم في الواقع استراتيجية حكم العالم. ۱
من هنا يمكن القول بأنّ العارفين الحقيقيين بالإسلام والذين بمقدورهم أن يهبّوا لنصرة دين اللّه والذّود عنه في جميع العصور هم الباحثون الشموليّون فقط ، الذين لهم إحاطة بجميع أبعاد الدين ، كما جاء ذلك في الحديث النبويّ :
إنَّ دينَ اللّهِ تَعالى لَن يَنصُرَهُ إلّا مَن حاطَهُ مِن جَميعِ جَوانِبِهِ. ۲
لقد أفصحت هذه الحقيقة عن محتواها فيما روي عن الإمام عليّ عليه السلام حيث قال :
إنَّمَا المُستَحفِظونَ لِدينِ اللّهِ هُمُ الّذينَ أقاموا الدّينَ ، ونَصَروهُ ، وحاطوهُ مِن جَميعِ جَوانِبِهِ. ۳
ولا ريب أنّ التحقيق الشامل الجامع المستوعب الذي يعدّ مقدّمة لا مناص عنها لشمولية الرؤية الدينية وإحاطتها ، لا يتيسّر من دون شمولية مصدر التحقيق وإحاطته ؛ وبذلك يحتاج الباحث الديني في كلّ موضوع إلى مصدر جامع لكلّ النّصوص ذات الصلة بذلك الموضوع .
بناءً على ذلك كلّه ، تبرز إحدى الخصائص المهمّة للمدوّنة الحديثية المنشودة ، بضرورة أن تكون مستوعبة لجميع الأحاديث التي وصلت إلينا عن الأئمّة في

1.صحيفة النور : ج ۲۱ ص ۹۸ / بيان الإمام الخميني قدس سرهالموجّه لرجال الدين والصادر بتاريخ ۳ / ۱۲ / ۱۳۶۷ ه .ش (۲۲ / ۲ / ۱۹۸۹ م) .

2.تاريخ دمشق : ج ۱۷ ص ۲۹۶ ح ۴۱۲۹ ، الأنساب : ج ۱ ص ۴۰ كلاهما عن ابن عبّاس عن الإمام عليّ عليه السلام ، كنزالعمّال : ج ۱۰ ص ۱۷۱ ح ۲۸۸۸۶ نقلاً عن الديلمي عن ابن عبّاس ؛ شرح الأخبار : ج ۲ ص ۳۸۹ عن الإمام عليّ عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله وفيه «وليس يقوم بدين اللّه » بدل «إنّ دين اللّه لن ينصره» .

3.غرر الحكم : ج ۳ ص ۹۵ ح ۳۹۱۲ ، عيون الحكم والمواعظ : ص ۱۷۹ ح ۳۶۸۹ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الأوّل
16

وخاصّة للباحثين ، ويتّسم موضوعان من بين هذه المكاسب بأهمّية أكبر ، هما :
أ ـ إنّها تبيّن الترابط الوثيق الذي لا ينفكّ بين القرآن والسنّة والعترة ، كما تبيّن التلاحم العضوي الذي لا ينفصم بين الثقل الأكبر والثقل الأصغر .
ب ـ إنّها تزيد الاطمئنان بصدور تلك الأحاديث التي لا تحظى بالاعتبار اللازم من الناحية السندية ، لكنّها تقع في الفضاء العامّ لتعاليم القرآن ، وربّما حصل للباحث المحقّق الاطمئنان بالصدور من خلال الاستناد إلى قرائن مختلفة .

۲ . الشمولية

يأخذ عنصر الشمولية موقعه بوصفه أحد الشروط الأوّلية للبحث ، خاصّة البحوث الدينية ؛ لأنّه ليس بمقدور الباحث أن ينسب نظريةً ما إلى الدين وشارعه من دون أن يحيط بجميع كلام الشارع المقدّس حيال موضوع تلك النظرية ، ويستوعب موارد العموم والخصوص ، والإطلاق والتقييد ، ويلاحظ موارد التعارض وأمثال ذلك .
وفضلاً عن الإحاطة بالأحاديث التي تتّصل بموضوع ما ، من الضروري أيضاً معرفة الموضوع نفسه لبلوغ مقصد الشارع وتأسيس النظرية الدينية ذات الصلة ، تماماً كما نبّه الإمام الخميني على ذلك ، وحثّ عليه بقوله :
الزمان والمكان عنصران أساسيّان في الاجتهاد ، فربّ مسألة كان لها حكم معيّن في القديم ، قد تبدو في الظاهر وكأنّها نفس المسألة السابقة إلّا أنّها في ظلّ العلاقات السائدة على السياسة والاجتماع والاقتصاد في نطاق نظام معيّن ، قد يكون لها حكم آخر ؛ بمعنى أنّ الإحاطة الدقيقة بالعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية جعلت الموضوع الأوّل والذي يبدو في الظاهر وكأنّه لم يتغيّر عن الموضوع السابق ، جعلته موضوعاً جديداً حقّاً ، وهو يتطلب حكماً جديداً بالضرورة ...
ومن خصائص المجتهد الجامع هو أن يكون محيطاً بطرق مواجهة حِيَل الثقافة

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة - المجلّد الأوّل
    سایر پدیدآورندگان :
    رسول الموسوي، السید رضا الحسيني، عبدالهادي مسعودي، أحمد الديلمي، محمّد رضا محسني نيا، محمّد رضا وهّابي
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6403
صفحه از 671
پرینت  ارسال به