ذلك هيّأ الأرضيّة لحادثة كربلاء طيلة نصف قرن بعد رحيل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ولذلك فإنّ اللعنة في زيارة عاشوراء شملت العوامّ إلى جانب الخواصّ ، حيث ورد فيها :
يا أبا عَبدِ اللّهِ ، لَقَد عَظُمَتِ المُصيبَةُ بِكَ عَلَينا وَعَلى جَميعِ أهلِ السَّماواتِ ، فَلَعَنَ اللّهُ اُمَّةً أسَّسَت أساسَ الظُّلمِ وَالجَورِ عَلَيكُم أهلَ البَيتِ ، وَلَعَنَ اللّهُ اُمَّةً دَفَعَتكُم عَن مَقامِكُم وَأزالَتكُم عَن مَراتِبِكُمُ الَّتي رَتَّبَكُمُ اللّهُ فيها ، وَلَعَنَ اللّهُ اُمَّةً قَتَلَتكُم ، وَلَعَنَ اللّهُ المُمَهِّدينَ لَهُم بِالتَّمكينِ مِن قِتالِكُم . ۱
والمراد من مؤسّسي الظلم والجور على أهل البيت ، الخواصّ والبارزون في المجتمع الذين لعبوا الدور الأساسي في تغيير المجتمع المسلم ثقافيّاً وسياسيّا ، وتقصيرهم يفوق تقصير الذين كان لهم دور مباشر في مأساة كربلاء ، ولذلك فقد لُعنوا أكثر منهم .
وبناءً على ذلك ، فإنّ الرسالة الكبرى لعاشوراء إلى البارزين في المجتمعات المسلمة ، هي التحذير من خطر حبّ الدنيا ، وتوعية الشعوب المسلمة بشأن انحراف الخواصّ والبارزين ، وعلى الشعب الإيرانيّ ـ هذا الشعب الذي أقام ومن خلال اتّباع مدرسة عاشوراء ، النظامَ الإسلامي في هذا البلد ، والذي يقوم على تطلّعات أهل البيت وأهدافهم ، وسوف يهيّئ بإذن اللّه الأرضيّة للثورة الإسلاميّة العالميّة بقيادة الإمام المهديّ(عج) ـ أن يلتفت إلى هذه الرسالة المهمّة وهذا الدرس المصيريّ أكثر من أيّ شعبٍ آخر .
القابلية الثقافية لتاريخ عاشوراء
يظهر من خلال التأمّل فيما سبقت الإشارة إليه ، أنّ تاريخ عاشوراء يتمتّع بقدرة لا غنى عنها على هداية البشر، وبناء المجتمع الإنساني المثالي القائم على القيم الإسلاميّة ، وإذا ما أخذنا