67
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

قالوا : بَلى ، قُلتُ : فَحينَ مَضى صلى الله عليه و آله مَن كانَ الحُجَّةَ ؟ قالوا : القُرآنُ .
فَنَظَرتُ فِي القُرآنِ ، فَإِذا هُوَ يُخاصِمُ به المُرجِئُ ۱ وَالقَدَرِيُّ ۲ وَالزِّنديقُ ۳ الَّذي لا يُؤمِنُ بِهِ ، حَتّى يَغلِبَ الرِّجالَ بِخُصومَتِهِ ، فَعَرَفتُ أنَّ القُرآنَ لا يَكونُ حُجَّةً إلّا بِقَيِّمٍ ۴ ، فَما قالَ فيهِ مِن شَيءٍ كانَ حَقّا .
فَقُلتُ لَهُم : مَن قَيِّمُ القُرآنِ ؟ قالوا : اِبنُ مَسعودٍ قَد كانَ يَعلَمُ ، وعُمَرُ يَعلَمُ ، وحُذَيفَةُ يَعلَمُ . قُلتُ : كُلَّهُ ؟ قالوا : لا .
فَلَم أجِد أحَدا يُقالُ إنَّهُ يَعلَمُ القُرآنَ كُلَّهُ إلّا عَلِيّا صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ ، وإذا كانَ الشَّيءُ بَينَ القَومِ ، فَقالَ هذا : لا أدري ، وقالَ هذا : لا أدري ، وقالَ هذا : لا أدري ، وقالَ هذا : أنَا أدري .
فَأَشهَدُ أنَّ عَلِيّا عليه السلام كانَ قَيِّمَ القُرآنِ ، وكانَت طاعَتُهُ مُفتَرَضَةً ، وكانَ الحُجَّةَ عَلَى النّاسِ بَعدَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وأنَّ ما قالَ فِي القُرآنِ فَهُوَ حَقٌّ .
فَقالَ : رَحِمَكَ اللّهُ .
فَقُلتُ : إنَّ عَلِيّا عليه السلام لَم يَذهَب حَتّى تَرَكَ حُجَّةً مِن بَعدِهِ كَما تَرَكَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وأنَّ الحُجَّةَ بَعدَ عَلِيٍّ عليه السلام الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام ، وأشهَدُ عَلَى الحَسَنِ عليه السلام أنَّهُ لَم يَذهَب حَتّى تَرَكَ حُجَّةً مِن بَعدِهِ كَما تَرَكَ أبوهُ وجَدُّهُ ، وأنَّ الحُجَّةَ بَعدَ الحَسَنِ عليه السلام

1.المُرجِئَةُ : هم فرقة من فرق الإسلام، يعتقدون أنّ الإيمان لا تضرّ معه معصية ، وأنّ الكفر لا تنفع معه طاعة ؛ سمّوا مرجئة لاعتقادهم أنّ اللّه أرجأ تعذيبهم على المعاصي : أي أخّره عنهم ، فتقول : رجل مُرجئ ومُرجي (النهاية : ج ۲ ص ۲۰۶ «رجا»). ولمزيد من الاطّلاع على عقائد المرجئة راجع : مقالات تاريخي (المقالات التاريخية) للشيخ رسول جعفريان، ومقال : مرجئه ، تاريخ وانديشه (المرجئة ، تاريخها وعقائدها) «كلاهما بالفارسية» .

2.راجع: موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۶ ص ۳۰۲ (القسم الثاني / الفصل الثامن / معنى القدريّة).

3.الزِّنْدِيقُ : هو الذي لا يتمسّك بشريعة ، ويقول بدوام الدهر (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۷۸۳ «زندق») .

4.القَيِّمُ : السيّد وسائس الأمر (تاج العروس : ج ۱۷ ص ۵۹۷ «قوم») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
66

فَلَمّا مَضى عَلِيٌّ عليه السلام لَم يَكُن يَستَطيعُ عَلِيٌّ ـ ولَم يَكُن لِيَفعَلَ ـ أن يُدخِلَ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ ، ولَا العَبّاسَ بنَ عَلِيٍّ ، ولا واحِدا مِن وُلدِهِ ، إذا لَقالَ الحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهماالسلام : إنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى أنزَلَ فينا كَما أنزَلَ فيكَ ، فَأَمَرَ بِطاعَتِنا كَما أمَرَ بِطاعَتِكَ ، وبَلَّغَ فينا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله كَما بَلَّغَ فيكَ ، وأذهَبَ عَنَّا الرِّجسَ كَما أذهَبَهُ عَنكَ .
فَلَمّا مَضى عَلِيٌّ عليه السلام كانَ الحَسَنُ عليه السلام أولى بِها لِكِبَرِهِ ، فَلَمّا تُوُفِّيَ لَم يَستَطِع أن يُدخِلَ وُلدَهُ ، ولَم يَكُن لِيَفعَلَ ذلِكَ ، وَاللّهُ عز و جل يَقولُ : «وَأُوْلُواْ الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَـبِ اللَّهِ» ۱ ، فَيَجعَلَها في وُلدِهِ ، إذا لَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : أمَرَ اللّهُ بِطاعَتي كَما أمَرَ بِطاعَتِكَ وطاعَةِ أبيكَ ، وبَلَّغَ فِيَّ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله كَما بَلَّغَ فيكَ وفي أبيكَ ، وأذهَبَ اللّهُ عَنِّي الرِّجسَ كَما أذهَبَ عَنكَ وعَن أبيكَ .
فَلَمّا صارَت إلَى الحُسَينِ عليه السلام لَم يَكُن أحَدٌ مِن أهلِ بَيتِهِ يَستِطيعُ أن يَدَّعِيَ عَلَيهِ كَما كانَ هُوَ يَدَّعي عَلى أخيهِ وعَلى أبيهِ ، لَو أرادا أن يَصرِفَا الاَ?مرَ عَنهُ ، ولَم يَكونا لِيَفعَلا ، ثُمَّ صارَت حينَ أفضَت إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَجَرى تَأويلُ هذِهِ الآيَةِ : «وَأُوْلُواْ الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَـبِ اللَّهِ» .
ثُمَّ صارَت مِن بَعدِ الحُسَينِ لِعَلِيِّ بنِ الحُسَينِ ، ثُمَّ صارَت مِن بَعدِ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ إلى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ عليهم السلام .
وقالَ : الرِّجسُ هُوَ الشَّكُّ ، وَاللّهِ لا نَشُكُّ في رَبِّنا أبَدا . ۲

۶۲۰.الكافي بسندٍ معتبر عن منصور بن حازم :قُلتُ لِأَبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام : إنَّ اللّهَ أجَلُّ وأكرَمُ مِن أن يُعرَفَ بِخَلقِهِ ، بَلِ الخَلقُ يُعرَفونَ بِاللّهِ ، قالَ : صَدَقتَ . قُلتُ : إنَّ مَن عَرَفَ أنَّ لَهُ رَبّا فَقَد يَنبَغي لَهُ أن يَعرِفَ أنَّ لِذلِكَ الرَّبِّ رِضا وسَخَطا ، وأنَّهُ لا يُعرَفُ رِضاهُ وسَخَطُهُ إلّا بِوَحيٍ أو رَسولٍ ، فَمَن لَم يَأتِهِ الوَحيُ فَيَنبَغي لَهُ أن يَطلُبَ الرُّسُلَ ، فَإِذا لَقِيَهُم عَرَفَ أنَّهُمُ الحُجَّةُ ، وأنَّ لَهُمُ الطّاعَةَ المُفتَرَضَةَ .
فَقُلتُ لِلنّاسِ: ألَيسَ تَعلَمونَ أنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كانَ هُوَ الحُجَّةَ مِنَ اللّهِ عَلى خَلقِهِ؟

1.الأنفال: ۷۵ ، والأحزاب : ۶ .

2.الكافي : ج ۱ ص ۲۸۶ ح ۱ ، تفسير العيّاشي : ج ۱ ص ۲۴۹ ح ۱۶۹ عن أبي بصير عن الإمام الباقر عليه السلام نحوه ، بحار الأنوار : ج ۳۵ ص ۲۱۰ ح ۱۲ وراجع : تفسير العيّاشي : ج ۱ ص ۲۵۱ ح ۱۷۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4821
صفحه از 448
پرینت  ارسال به