فَقالَ لَهُ الوَليدُ ـ وكانَ يُحِبُّ العافِيَةَ ـ : فَانصَرِف عَلَى اسمِ اللّهِ حَتّى تَأتِيَنا مَعَ جَماعَةِ النّاسِ .
فَقالَ لَهُ مَروانُ : وَاللّهِ لَئِن فارَقَكَ السّاعَةَ ولَم يُبايِع لا قَدَرتَ مِنهُ عَلى مِثلِها أبَدا حَتّى تَكثُرَ القَتلى بَينَكُم وبَينَهُ ، احبِسِ الرَّجُلَ ولا يَخرُج مِن عِندِكَ حَتّى يُبايِعَ أو تَضرِبَ عُنُقَهُ .
فَوَثَبَ عِندَ ذلِكَ الحُسَينُ عليه السلام فَقالَ : يَابنَ الزَّرقاءِ ، أنتَ تَقتُلُني أم هُوَ ؟ كَذَبتَ وَاللّهِ وأثِمتَ . ثُمَّ خَرَجَ فَمَرَّ بِأَصحابِهِ فَخَرَجوا مَعَهُ حَتّى أتى مَنزِلَهُ . ۱
۹۶۲.الملهوف :ثُمَّ بَعَثَ [الوَليدُ بنُ عُتبَةَ] إلَى الحُسَينِ عليه السلام فَجاءَهُ في ثَلاثينَ رَجُلاً مِن أهلِ بَيتِهِ ومَواليهِ ، فَنَعَى الوَليدُ إلَيهِ مُعاوِيَةَ وَعَرَضَ عَلَيهِ البَيعَةَ لِيَزيدَ .
فَقالَ عليه السلام : أيُّهَا الأَميرُ ! إنَّ البَيعَةَ لا تَكونُ سِرّا ، ولكِن إذا دَعَوتَ النّاسَ غَدا فَادعُنا مَعَهُم .
فَقالَ مَروانُ : لا تَقبَل أيُّهَا الأَميرُ عُذرَهُ ، وَمتى لَم يُبايِع فَاضرِب عُنُقَهُ .
فَغَضِبَ الحُسَينُ عليه السلام ثُمَّ قالَ : وَيلي عَلَيكَ يَابنَ الزَّرقاءِ ! أنتَ تَأمُرُ بِضَربِ عُنُقي ؟! كَذَبتَ وَاللّهِ ولَؤُمتَ .
ثُمَّ أقبَلَ عَلَى الوَليدِ فَقالَ : أيُّهَا الأَميرُ ! إنّا أهلُ بَيتِ النُّبُوَّةِ ومَعدِنُ الرِّسالَة ومُختَلَفُ المَلائِكَةِ ، وبِنا فَتَحَ اللّهُ وبِنا خَتَمَ اللّهُ ، ويَزيدُ رَجُلٌ فاسِقٌ ، شارِبُ الخَمرِ ، قاتِلُ النَّفسِ المُحَرَّمَةِ ، مُعلِنٌ بِالفِسقِ ، لَيسَ لَهُ هذِهِ المَنزِلَةُ ، ومِثلي لا يُبايِعُ مِثلَهُ ، ولكِن نُصبِحُ وتُصبِحونَ ونَنظُرُ وتَنظُرونَ أيُّنا أحَقُّ بِالخِلافَةِ وَالبَيعَةِ . ۲