فَلَمّا قَرَأَ عَلَيهِ كِتابَ يَزيدَ استَرجَعَ وتَرَحَّمَ عَلَيهِ ، وَاستَشارَهُ الوَليدُ فِي الأَمرِ وقالَ : كَيفَ تَرى أن نَصنَعَ ؟
قالَ : فَإِنّي أرى أن تَبعَثَ السّاعَةَ إلى هؤُلاءِ النَّفَرِ فَتَدعُوَهُم إلَى البَيعَةِ وَالدُّخولِ فِي الطّاعَةِ ، فَإِن فَعَلوا قَبِلتَ مِنهُم وكَفَفتَ عَنهُم ، وإن أبَوا قَدَّمتَهُم فَضَرَبتَ أعناقَهُم قَبلَ أن يَعلَموا بِمَوتِ مُعاوِيَةَ ؛ فَإِنَّهُم إن عَلِموا بِمَوتِ مُعاوِيَةَ وَثَبَ كُلُّ امرِئٍ مِنهُم في جانِبٍ وأظهَرَ الخِلافَ وَالمُنابَذَةَ ودَعا إلى نَفسِهِ . ۱
۹۴۱.تاريخ دمشق عن زُريق مولى معاوية :لَمّا هَلَكَ مُعاوِيَةُ بَعَثَني يَزيدُ بنُ مُعاوِيَةَ إلَى الوَليدِ بنِ عُتبَةَ ، وهُوَ أميرُ المَدينَةِ ، وكَتَبَ إلَيهِ بِمَوتِ مُعاوِيَةَ ، وأن يَبعَثَ إلى هؤُلاءِ الرَّهطِ ، وأن يَأمُرَهُم بِالبَيعَةِ . قالَ : فَقَدِمتُ المَدينَةَ لَيلاً فَقُلتُ لِلحاجِبِ : اِستَأذِن لي ، فَقالَ : قَد دَخَلَ ولا سَبيلَ لي إلَيهِ ، فَقُلتُ : إنّي جِئتُ بِأَمرٍ ، فَدَخَلَ فَأَخبَرَهُ ، فَأَذِنَ لَهُ وهُوَ عَلى سَريرِهِ .
فَلَمّا قَرَأَ كِتابَ يَزيدَ بِوَفاةِ مُعاوِيَةَ وَاستِخلافِهِ جَزِعَ مِن مَوتِ مُعاوِيَةَ جَزَعا شَديدا ، فَجَعَلَ يَقومُ عَلى راحِلَتِهِ ، ثُمَّ يَرمي بِنَفسِهِ عَلى فِراشِهِ .
ثُمَّ بَعَثَ إلى مَروانَ ، فَجاءَ وعَلَيهِ قَميصٌ أبيَضُ ومُلاءَةٌ ۲ مُوَرَّدَةٌ ، فَنَعى لَهُ مُعاوِيَةَ ، وأخبَرَهُ أنَّ يَزيدَ كَتَبَ إلَيهِ أن يَبعَثَ إلى هؤُلاءِ الرَّهطِ فَيَدعُوَهُم إلَى البَيعَةِ لِيَزيدَ ، قالَ : فَتَرَحَّمَ مَروانُ عَلى مُعاوِيَةَ ، ودَعا لَهُ بِخَيرٍ ، وقالَ : اِبعَث إلى هؤُلاءِ الرَّهطِ السّاعَةَ ، فَادعُهُم إلَى البَيعَةِ ، فَإِن بايَعوا وإلّا فَاضرِب أعناقَهُم .