357
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

السياسي . فالزمان الخطّي ـ الممتدّ ـ للكفاح يحلّ هنا محلّ الزمان الدائري لاُسطورية الشهيد . ۱
وقد يقال : إنّ هذه النظرية هي تعبير آخر عن نظرية شهيد الفداء، إلّا أنّ من الصعب اعتبار هاتين النظريتيّن نظريّة واحدة ؛ لأنّ مصدريهما مختلفان .

۲ . نظرية إقامة الدولة

يرى بعض علماء الشيعة الكبار مثل الشيخ المفيد والشريف المرتضى وكذلك بعض العلماء المعاصرين ، أنّ الإمام الحسين عليه السلام ثار من أجل إقامة الحكم ، ويرى أصحاب هذا الرأي أن الإمام الحسين عليه السلام انطلق من المدينة إلى مكّة؛ لئلّا يبايع يزيد بن معاوية ، وعندما أخبره مسلم بن عقيل بنصرة أهل الكوفة له انطلق نحوها بهدف إقامة الحكم وإحياء سنّة رسول اللّه .
ويرى الشيخ المفيد في المسائل العكبريّة خلال سؤال وجواب ، أنّ هدف الإمام هو الانتصار على الأعداء كما هو شأن كافّة المجاهدين :
... وما بال الحسين بن عليّ عليه السلام صار إلى الكوفة وقد علم أنّهم يخذلونه ولا ينصرونه وأنّه مقتول في سفرته تلك؟ . . . فأمّا علم الحسين عليه السلام بأنّ أهل الكوفة خاذلوه فلسنا نقطع على ذلك، إذ لا حجّة عليه من عقل ولا سمع . ۲
كما يكتب الشريف المرتضى في كتاب تنزيه الأنبياء ضمن سؤال وجواب :
(مسألة) : فإن قيل: ما العذر في خروجه عليه السلام من مكّة بأهله وعياله إلى الكوفة والمستولي عليها أعداؤه ، والمتأمّر فيها من قبل يزيد اللعين منبسط الأمر والنهي، وقد رأى عليه السلام صنع أهل الكوفة بأبيه وأخيه، وأنّهم غدّارون خوّانون، وكيف خالف ظنّه ظنّ جميع أصحابه في الخروج ، وابن عبّاس يشير بالعدول عن الخروج ويقطع على العطب فيه، وابن عمر لمّا ودّعه عليه السلام يقول : أستودعك اللّه من قتيل، إلى غير ما

1.زير آسمان هاي جهان «بالفارسية» : ص ۱۵۵ - ۱۵۶.

2.المسائل العكبرية : ص ۶۹ ـ ۷۱، بحار الأنوار: ج ۴۲ ص ۲۵۷ ـ ۲۵۸ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
356

فالشهادة ليست موتاً يفرضه العدوّ على المجاهد، بل هي موت إراديّ يختاره المجاهد بكلّ وعي ... . ۱
إنّ الشهادة على غرار شهادة حمزة ، هي مقتل شخص أراد قتل العدوّ... ولكنّ الشهادة الحسينيّة هي مقتل رجل ثار بنفسه لكي يُقتل . ۲
د ـ الشهادة الاُسطورية
يرى بعض الباحثين المعاصرين ، أنّ شهادة الإمام الحسين عليه السلام يجب ألّا يُنظر إليها باعتبارها أمرا سياسيا ، وألّا تخرج من حالتها الاُسطوريّة والغامضة كي لا تقتصر دائرة تأثيرها على فئة محدودة ، بل يجب النظر إليها على أنّها اُسطورة يمتدّ تأثيرها من الزمان الخطّي المتناهي إلى دائرة الزمان اللّامتناهي . ولم يذكر هؤلاء دليلاً على هذا الرأي . تأمّلوا النصّ التالي :
سوف تهتك حرمة الدين وقدسيّته إذا ما فرضنا الفكر الآيديولوجي عليه، إنّهم يصرفون رأس المال الأساطيري على الزمن ويصنعون منها أساطير سياسيّة ، ويمحون الوجه الاُسطوريّ منها ويوجّهونها في الاُمور الدنيويّة . دعوني أضرب لكم مثالاً ملموساً؛ فواقعة كربلاء تتمتّع بمعنى اُسطوري ، ومفهوم الشهيد يتجلّى في تصوّر الإمام الحسين عليه السلام الذي حارب في أرض كربلاء واستشهد في شهر محرّم سنة ۶۱ للهجرة. وتؤكّد غالبيّة الروايات التي تروي هذه الحادثة على الجانب العاطفيّ والتمثيلي من هذه المأساة ، وعلى العكس من ذلك فقد بذلت الجهود في التعبيرات الجديدة إلى إضفاء الجنبة التاريخية على هذه المأساة ومحاولة تفسيرها على هذا الأساس ، كما فعل النجف آبادي ؛ حيث لا يمثل الإمام الحسين عليه السلام في هذا المنظار رمزاً اُسطورياً، أو نموذجا مجسّما للشهيد الذي يحقّق لنا الفوز والفلاح من خلال سفك دمه على يد الأشقياء، بل هو شخصيّة تاريخية تُقتل من أجل هدفها

1.المصدر السابق : ص ۱۹۲ .

2.المصدر السابق : ص ۲۲۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4523
صفحه از 448
پرینت  ارسال به