353
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

ب ـ شهيد الفداء

هذه النظريّة لا تخلو من شبه بنظريّة المسيحيّة بشأن صلب عيسى عليه السلام ، فكما أنّه ارتضى أن يُصلب كي يفتدي البشر من ذنوبهم، فقد استشهد الإمام الحسين عليه السلام كي يطهّر الاُمّة من ذنوبها ويكون شفيعها. وهذه النظريّة هي في الحقيقة تفسير مسيحي للثورة الحسينية ، وليس لها أيّ سند في النصوص الدينيّة . يقول أحد المعتقدين بهذه النظريّة :
إنّ الإمام عليه السلام مستجاب الدعوة ، وعلى هذا فلو كان سيّد الشهداء عليه السلام يريد أن يدعو على أعدائه بالهلاك كما حدث لقوم عاد وثمود، لدعا عليهم قبل أن يظفروا به ولأهلكهم اللّه جميعا ، ولكنّه كان يريد أن يُقتل ؛ كي يجزع عليه المؤمنون أوّلهم وآخرهم ويبكوا عليه ، ويتمنّوا أن يكونوا معه ليفوزوا معه الفوز العظيم المتمثّل في الشهادة ، كي تُغفر لهم بذلك ذنوبهم ، ويكون بكاؤهم وحزنهم كفّارة لذنوبهم، وهذا البكاء والحزن لم يكونا ليقعا دون شهادة مثل هذا الرجل العظيم، وبناءً على ذلك فإنّ شهادته عليه السلام كانت الكفّارة لذنوب جميع المذنبين . ۱
وقد ذكر النراقي ما يشبه هذا الكلام في كتاب محرق القلوب ، وأضاف قائلاً :
لقد رضي الإمام الحسين عليه السلام بالشهادة... . من أجل بلوغ الشفاعة الكبرى والتي هي مقتضى استخلاص جميع المحبّين والموالين... كي تكون هذه المرتبة له، فلم يكن بلوغ هذه المرتبة ممكناً له من دون الشهادة ؛ ذلك لأنّ تطهير الاُمّة من معاصيها وشفاعتها موقوف على إراقة دمه وتألمّه . ۲
وقد استنتج حميد عنايت استناداً إلى كتب بعض الخطباء ـ مثل محرق القلوب

1.أسرار شهادة آل اللّه صلوات اللّه عليهم : ص ۱۳۳ - ۱۳۴.

2.محرق القلوب : ص ۴. بشأن هذا الأمر نفسه راجع: عنوان الكلام : ص ۳۲۹ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
352

كان لها مخطّط غيبيّ ، وأنّ يد الغيب هي التي كتبت تفاصيلها ونفذّها الإمام ولا يمكن من بعدها الاقتداء به. واستناداً إلى وجهة النظر هذه، فإنّ ثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت حالة استثنائيّة ولم تكن قاعدة عامّة، ولا يمكن أن نجعل من هذا الاستثناء قاعدة.
كتب أحد العلماء قائلاً :
لا يمكن أن يقال حول وقعة كربلاء شيء سوى التكليف الشخصي. ۱
وكتب آخر:
لقد عزم الحسين عليه السلام عالماً بأنّه سيدرك الشهادة بحكم المصلحة التي لا يعلم سرّها أحدٌ سوى اللّه . ۲
وكتب باحثٌ آخر قائلاً:
لا يمكن بيانه [سبب شهادة الإمام الحسين ]بحسب الواقع... بغير المعصوم، بل إنّه مثل ذات الأحدية خارج بشكل مطلق عن دائرة إحاطة العقول : كُلُّما مَيّزتُموهُ بِأَوهامِكُم في أَدَقِّ مَعانِيهِ فَهوَ مَخلوقٌ مِثلُكُم مَردودٌ إلَيكُمْ . ۳
ومن العجيب أنّ المجلسي أيضاً كتب قائلاً:
إنّ هذه القضيّة (حكمة شهادة الإمام الحسين) هي في الحقيقة من فروع مسألة القضاء والقدر ، حيث ورد في أحاديث كثيرة النهي عن التفكير في هذه المسألة . وعلى هذا فإنّ عدم التفكير في هذا المجال أحوط وأولى . ۴
كما يقول صاحب الجواهر حول الإمام الحسين عليه السلام :
له تكليف خاصّ قد قدم عليه وبادر إلى إجابته ۵ . ۶

1.مقصد الحسين: ص ۹.

2.ناسخ التواريخ «بالفارسية» ـ ضمن أحوال سيّد الشهداء عليه السلام ـ : ج ۱ ص ۲۶۶.

3.دعات الحسينية: ص ۱۳.

4.مجموعه رسائل اعتقادي «بالفارسية» : ص ۲۰۳ .

5.جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام : ج ۲۱ ص ۲۹۶.

6.قال آية اللّه الصافي: «استناداً إلى اُصول مذهب الشيعة والأحاديث المعتبرة، فقد كانّ كل من الأئمّة مكلّفاً بتنفيذ برنامج ما كان قد بلغهم من جانب اللّه بواسطة النبي صلى الله عليه و آله . وعلى أساس هذه الأخبار الصريحة، فإنّ مخطّط الإمام الحسين عليه السلام لم يكن يتمثّل في أن يثور ويؤسّس الحكومة الإسلامية، بل كان مخطّطه الثورة والشهادة (شهيد آگاه «بالفارسية»: ص ۸۰).

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4538
صفحه از 448
پرینت  ارسال به