347
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

فيها بشكل غير مباشر بعض وجهات النظر في مجال هدف ثورة الإمام الحسين عليه السلام ، قائلاً:
وردت عن طريق النقل، روايات متواترة بأنّ ... الإمام عليه السلام مطّلع على جميع الاُمور عن طريق الموهبة الإلهية، لا عن طريق الاكتساب ، وأنّه يعرف كلّ ما يريده بأدنى التفات بإذن اللّه ... [ولكن ]أيّ نوع من التكليف لا يتعلّق بمتعلّق هذا النوع من العلم من ناحية أنّه متعلَّق هذا النوع من العلم وحتميّ الوقوع ، كما لا يرتبط به قصد وطلب من الإنسان... .
وهذا العلم الممنوح للإمام عليه السلام ليس له أثر في أعماله ، ولا علاقة له بتكاليفه الخاصّة ؛ إذ إنّ كلّ أمر يرتبط بالقضاء الحتمي لا يتعلّق به الأمر أو النهي، أو الإرادة والقصد الإنساني ... .
وليس من الصحيح أن نعتبر ظواهر أعمال الإمام عليه السلام ، والتي يمكن تطبيقها على العلل والأسباب الظاهريّة، دليلاً على عدم امتلاك هذا العلم الفطريّ وشاهدا على الجهل بالواقع. كأن يقال : إن كان سيّد الشهداء عليه السلام عالما بالواقع فلماذا أرسل مسلماً سفيراً له إلى الكوفة؟ ولماذا بعث كتاباً إلى أهل الكوفة بواسطة الصيداوي، ولماذا توجّه بنفسه من مكّة إلى الكوفة...؟
والإجابة على هذه الأسئلة ونظائرها تتّضح من خلال الملاحظة المشار إليها ، فقد عمل الإمام عليه السلام في هذه المواضع وأمثالها بالعلوم التي نحصل عليها من المجاري العاديّة ، ومن الشواهد والقرائن . ۱

۴ . علم الإمام الحسين عليه السلام بشهادته

استناداً إلى الأحاديث الكثيرة التي وصلتنا بشكل متواتر في كتب التاريخ والحديث ، فقد كان الإمام الحسين عليه السلام على علم بشهادته قبل انطلاقه نحو مكّة وكربلاء ۲ ، حيث ذكر

1.سرگذشت كتاب شهيد جاويد «بالفارسية» : ص ۵۲۸ - ۵۳۲.

2.في هذا الخصوص راجع : ص۲۶۱ (القسم السادس : الإنباء بشهادة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
346

ولو لم يكن الأمر كذلك فسوف يكون من الصعب تبرير ذهابه إلى مكّة وإحرامه ، وانتهاء ذلك إلى صلح الحديبيّة ، وكذا معركة اُحد ، والكثير من الأحداث الاُخرى .
وبعبارة أوضح : إنّ أئمّة الدين كانوا يستندون إلى الأساليب المتعارفة في تحصيل العلم والوعي في الشؤون الاجتماعيّة والعلاقات بين الناس ، ولم يكونوا يوظّفون معلوماتهم الغيبيّة لذلك . نعم، قد يعتمدون عليها أحيانا لإظهار معاجزهم أو كراماتهم ، ومع ذلك فلم يكن اُسلوبهم الرائج به والمتعارف عليه.
كتب العلّامة المجلسي في جلاء العيون وكذا في الرسالة التي كتبها حول حكمة شهادة الإمام الحسين عليه السلام :
الشبهة العالقة في أذهان العوامّ وهي لماذا توجّه [الإمام الحسين عليه السلام ] إلى كربلاء واصطحب معه أهل بيته، رغم أنّه كان يعلم بشهادته؟ يمكن تقديم عدّة أجوبة عليها ، فجوابها المجمل أنّنا يجب ألّا نقيس أحوال أئمّة الدين [في موضوع علم الغيب والاطّلاع على القضاء والقدر ]بأحوالنا ، فتكليفهم هو تكليف آخر. وإذا ماكان تكليف المطّلعين على أسرار قضاء الحقّ تعالى وقدره كتكليفنا في هذا الباب ، وكان بمقدورهم رفع تلك القضاءات، لكان من اللّازم ألّا يجري عليهم أيّ قضاء ، ولا يبتلوا بأيّ بلاء ، وأن تقع جميع الاُمور حسب رغبتهم البدنيّة ، وهو ما يخالف مصلحة العليم القدير.
وعلى هذا ينبغي ألّا يكونوا مكلّفين بالعلم الواقع ، وأن يشتركوا مع سائر الناس في التكاليف الظاهريّة ، كما أنّهم كانوا مكلّفين بالظاهر في باب طهارة الأشياء ونجاستها ، وإيمان العباد وكفرهم. ولو كانوا مكلّفين بالعلم الواقع، لكان من الواجب ألّا يعاشروا أيّ أحد ، ويعتبروا كلّ الأشياء نجسة ، ويحكموا بكفر أكثر العالم... وإذا ما كان الأمر كذلك، فإنّ الإمام الحسين عليه السلام كان مكلّفاً بحسب الظاهر بأن يجاهد المنافقين والكفّار مع وجود الأعوان والأنصار . ۱
كما كتب العلّامة الطباطبائي في الرسالة التي ألّفها حول علم الإمام بالغيب ، ونقد

1.جلاء العيون : ص ۷۰۰- ۷۰۱، مجموعة رسائل اعتقادي «بالفارسيّة» : ص ۱۹۹ - ۲۰۰.

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4583
صفحه از 448
پرینت  ارسال به