317
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

وأنَا لا أحُلُّها عَن طَرَفي . ۱

۳ / ۳

قِصَّةُ هَرثَمَةَ

۸۹۲.وقعة صفّين عن أبي عبيدة عن هرثمة ۲ بن سليم :وقعة صفّين عن أبي عبيدة عن هرثمة ۳ بن سليم : غَزَونا مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام غَزوَةَ صِفّينَ ، فَلَمّا نَزَلنا بِكَربَلاءَ صَلّى بِنا صَلاةً ، فَلَمّا سَلَّمَ رَفَعَ إلَيهِ مِن تُربَتِها ، فَشَمَّها ، ثُمَّ قالَ : واها لَكِ أيَّتُهَا التُّربَةُ ! لَيُحشَرَنَّ مِنكِ قَومٌ يَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ .
فَلَمّا رَجَعَ هَرثَمَةُ مِن غَزوَتِهِ إلَى امرَأَتِهِ ـ وهِيَ جَرداءُ بِنتُ سُمَيرٍ ، وكانَت شيعَةً لِعَلِيٍّ عليه السلام ـ فَقالَ لَها زَوجُها هَرثَمَةُ : ألا اُعَجِّبُكِ مِن صَديقِكِ أبِي الحَسَنِ ؟ لَمّا نَزَلنا كَربَلاءَ رَفَعَ إلَيهِ مِن تُربَتِها ، فَشَمَّها ، وقالَ : واها لَكِ يا تُربَةُ ، لَيُحشَرَنَّ مِنكِ قَومٌ يَدخُلونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسابٍ ، وما عِلمُهُ بِالغَيبِ ؟ فَقالَت : دَعنا مِنكَ أيُّهَا الرَّجُلُ ؛ فَإِنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام لَم يَقُل إلّا حَقّا .
فَلَمّا بَعَثَ عُبَيدُ اللّهِ بنُ زِيادٍ البَعثَ الَّذي بَعَثَهُ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام وأصحابِهِ ، قالَ : كُنتُ فيهِم فِي الخَيلِ الَّتي بَعَثَ إلَيهِم ، فَلَمَّا انتَهَيتُ إلَى القَومِ وحُسَينٍ عليه السلام وأصحابِهِ ، عَرَفتُ المَنزِلَ الَّذي نَزَلَ بِنا عَلِيٌّ فيهِ ، وَالبُقعَةَ الَّتي رُفِعَ إلَيهِ مِن تُرابِها ، وَالقَولَ الَّذي قالَهُ ، فَكَرِهتُ مَسيري ، فَأَقبَلتُ عَلى فَرَسي حَتّى وَقَفتُ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَسَلَّمتُ عَلَيهِ ، وحَدَّثتُهُ بِالَّذي سَمِعتُ مِن أبيهِ في هذَا المَنزِلِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : مَعَنا أنتَ أو عَلَينا ؟ فَقُلتُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، لا مَعَكَ ولا عَلَيكَ ،

1.الفتوح : ج ۲ ص ۵۵۱ .

2.هو هرثمة بن سلمى أو سليم الضبّي، كما في أسانيد الأخبار، و كيفما كان فلم نعثر على ترجمته.


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
316

هذِهِ بِعَينِها ، ثُمَّ قالَ : أتَعلَمُ ما هذِهِ يَابنَ عَبّاسٍ ؟ قالَ : لا يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَقالَ : إنَّ المَسيحَ عيسَى بنَ مَريَمَ عليه السلام قَد مَرَّ بِهذِهِ الأَرضِ ومَعَهُ الحَوارِيّونَ ، فَشَمَّ هذَا البَعرَ كَما شَمَمتُهُ ، وأقبَلَت إلَيهِ الظِّباءُ حَتّى وَقَفَت بَينَ يَدَيهِ ، فَبَكى عيسى ، وبَكى مَعَهُ الحَوارِيّونَ ، وهُم لا يَدرونَ لِماذا يَبكي عيسى عليه السلام ، فَقالوا : يا روحَ اللّهِ ، ما يُبكيكَ ؟ ولِماذَا اختُلِستَ هاهُنا ؟
فَقالَ لَهُم : أتَعلَمونَ ما هذِهِ الأَرضُ ؟ قالوا : لا يا روحَ اللّهِ ، فَقالَ : هذِهِ أرضٌ يُقتَلُ عَلَيها فَرخُ الرَّسولِ أحمَدَ المُصطَفى ، وفَرخُ ابنَتِهِ الزَّهراءِ قَرينَةِ الطّاهِرَةِ البَتولِ مَريَمَ بِنتِ عِمرانَ ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عيسى إلى بَعرِ الظِّباءِ ، فَشَمَّهُ ، وقالَ :
يا مَعشَرَ الحَوارِيّينَ ، هذا بَعرُ الظِّباءِ عَلى هذَا الطّيبِ ؛ لِأَنَّهُ كانَ مِن حَشيشِ هذِهِ الأَرضِ . ثُمَّ مَضى عيسىَ بنُ مَريَمَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ ، وقَد بَقِيَت هذِهِ البَعَراتُ إلى يَومِنا هذا مِن ذلِكَ الدَّهرِ ، حَتّى أنَّها قَدِ اصفَرَّت لِطولِ الزَّمانِ عَلَيها ، فهذِهِ أرضُ الكَربِ وَالبَلاءِ .
قالَ : ثُمَّ بَكى عَلِيٌّ عليه السلام وقالَ : يا رَبِّ عيسى ، لا تُبارِك في قاتِلِ وَلَدي وَالعَنهُ لَعنا كَثيرا ، ثُمَّ اشتَدَّ بُكاءُ عَلِيٍّ ، وبَكَى النّاسُ مَعَهُ حَتّى سَقَطَ عَلى وَجهِهِ ، وغُشِيَ عَلَيهِ ؛ ثُمَّ أفاقَ ، فَوَثَبَ ، فَصَلّى ثَمانِيَ رَكَعاتٍ ، وسَلَّمَ مِن كُلِّ رَكعَتَينِ ، فَكُلَّما سَلَّمَ جَعَلَ يَتَناوَلُ مِن ذلِكَ البَعرِ فَيَشُمُّهُ ، ويَقولُ : صَبرا أبا عَبدِ اللّهِ ، صَبرا يا ثَمَرَةَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ورَيحانَةَ حَبيبِ اللّهِ ، ثُمَّ أخَذَ كَفّا مِن ذلِكَ البَعرِ ، فَصَرَّهُ في ثَوبِهِ ، وقالَ : لا يَزالُ هذا مَصرورا أبَدا أو يَأتِيَ عَلَيَّ أجَلي .
ثُمَّ قالَ : يَابنَ عَبّاسٍ ! إذا رَأَيتَها مِن بَعدي وهِيَ تَسيلُ دَما عَبيطا ، فَاعلَم أنَّ أبا عَبدِ اللّهِ قَد قُتِلَ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَوَ اللّهِ ، لَقَد كُنتُ أشَدَّ تَحافُظا لَها بَعدَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4498
صفحه از 448
پرینت  ارسال به