315
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

قالَ : ثُمَّ خَفَقَ بِرَأسِهِ خَفقَةً ، فَنامَ ، وَانتَبَهَ فَزِعا ، فَقالَ :
يَابنَ عَبّاسِ ! ألا اُحَدِّثُكَ بِما رَأَيتُ السّاعَةَ في مَنامي ؟
فَقالَ : بَلى يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَقالَ : رَأَيتُ رِجالاً بيضَ الوُجوهِ ، في أيديهِم أعلامٌ بيضٌ ، وهُم مُتَقَلِّدونَ بِسُيوفٍ لَهُم ، فَخَطّوا حَولَ هذِهِ الأَرضِ خَطَّةً ، ثُمَّ رَأَيتُ هذِهِ النَّخيلَ وقَد ضَرَبَت بِسَعفِهَا الأَرضَ ، ورَأَيتُ نَهرا يَجري بِالدَّمِ العَبيطِ ، ورَأَيتُ ابنِيَ الحُسَينَ وقَد غَرِقَ في ذلِكَ الدَّمِ ، وهُوَ يَستَغيثُ فَلا يُغاثُ ، ثُمَّ إنّي رَأَيتُ اُولئِكَ الرِّجالَ البيضَ الوُجوهِ الَّذينَ نَزَلوا مِنَ السَّماءِ ، وهُم يُنادونَ : صَبرا آلَ الرَّسولِ صَبرا ؛ فَإِنَّكُم تُقتَلونَ عَلى أيدي أشرارِ النّاسِ ، وهذِهِ الجَنَّةُ مُشتاقَةٌ إلَيكَ يا أبا عَبدِ اللّهِ ، ثُمَّ تَقَدَّموا إلَيَّ ، فَعَزَّوني وقالوا : أبشِر يا أبَا الحَسَنِ فَقَد أقَرَّ اللّهُ عَينَكَ بِابنِكَ الحُسَينِ غَدا يَومَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ .
ثُمَّ إنِّي انتَبَهتُ ؛ فَهذا ما رَأَيتُ ، فَوَالَّذي نَفسُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ ، لَقَد حَدَّثَنِي الصّادِقُ المَصدوقُ أبُو القاسِمِ صلى الله عليه و آله ، أنّي سَأَرى هذِهِ الرُّؤيا بِعَينِها في خُروجي إلى قِتالِ أهلِ البَغيِ عَلَينا ، وهذِهِ أرضُ كَربَلاءَ الَّذي يُدفَنُ فيهَا ابنِيَ الحُسَينُ ، وشيعَتُهُ ، وجَماعَةٌ مِن وُلدِ فاطِمَةَ بِنتِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، وأنَّ هذِهِ البُقعَةَ المَعروفَةَ في أهلِ السَّماواتِ تُذكَرُ بِأَرضِ كربٍ وبَلاءٍ ، ولَيُحشَرَنَّ مِنها قَومٌ يَدخُلونَ الجَنَّةَ بِلا حِسابٍ .
ثُمَّ قالَ : يَابنَ عَبّاسٍ ، اطلُب لي حَولَها صِيرانَ الظِّباءِ ، فَطَلَبَهَا ابنُ عَبّاسٍ فَوَجَدَها ، ثُمَّ قالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، قَد أصَبتُها ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : اللّهُ أكبَرُ ! صَدَقَ اللّهُ ورَسولُهُ .
ثُمَّ قامَ عَلِيٌّ عليه السلام يُهَروِلُ نَحوَها حَتّى وَقَفَ عَلَيها ، ثُمَّ أخَذَ قَبضَةً مِن بَعرِ الظِّباءِ ، فَشَمَّها ، فَإِذا لَها لَونٌ كَلَونِ الزَّعفَرانِ ، ورائِحَةٌ كَرائِحَةِ المِسكِ ، فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : نَعَم هِيَ


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
314

فَسَمِعتُ صَوتا مِن ناحِيَةِ البَيتِ ، وهُوَ يَقولُ :

اِصبِروا آلَ الرَّسولِقُتِلَ الفَرخُ النُّحولُ ۱
نَزَلَ الرّوحُ الأَمينُبِبُكاءٍ وعَويلٍ
ثُمَّ بَكى بِأَعلى صَوتِهِ وبَكَيتُ ، وأثبَتُّ عِندي تِلكَ السّاعَةَ ، وكانَ شَهرُ المُحَرَّمِ ويَومَ عاشوراءَ لِعَشرٍ مَضَينَ مِنهُ ، فَوَجَدتُهُ يَومَ وَرَدَ عَلَينا خَبَرُهُ وتاريخُهُ كَذلِكَ ، فَحَدَّثتُ بِهذَا الحَديثِ اُولئِكَ الَّذينَ كانوا مَعَهُ ، فَقالوا : وَاللّهِ ، لَقَد سَمِعنا ما سَمِعتَ ونَحنُ فِي المَعرَكَةِ ، لا نَدري ما هُوَ ، فَكُنّا نَرى أنَّهُ الخِضرُ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ وعَلَى الحُسَينِ . ۲

۸۹۱.الفتوح :سارَ [عَلِيٌّ عليه السلام ] حَتّى نَزَلَ بِدَيرِ كَعبٍ ، فَأَقامَ هُنالِكَ باقِيَ يَومِهِ ولَيلَتِهِ . وأصبَحَ سائِرا حَتّى نَزَلَ بِكَربَلاءَ ، ثُمَّ نَظَرَ إلى شاطِئِ الفُراتِ ، وأبصَرَ هُنالِكَ نَخيلاً ، فَقالَ : يَابنَ عَبّاسٍ ، أتَعرِفُ هذَا المَوضِعَ ؟ فَقالَ : لا يا أميرَ المُؤمِنينَ ما أعرِفُهُ .
فَقالَ : أما إنَّكَ لَو عَرَفتَهُ كَمَعرِفَتي لَم تَكُن تُجاوِزُهُ حَتّى تَبكِيَ لِبُكائي . قالَ : ثُمَّ بَكى عَلِيٌّ عليه السلام بُكاءً شَديدا ، حَتَّى اخضَلَّت لِحيَتُهُ بِدُموعِهِ ، وسالَتِ الدُّموعُ عَلى صَدرِهِ ، ثُمَّ جَعَلَ يَقولُ : أوّاه ! ما لي ولِالِ أبي سُفيانَ ! ثُمَّ التَفَتَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام فَقالَ : اِصبِر أبا عَبدِ اللّهِ ؛ فَلَقَد لَقِيَ أبوكَ مِنهُم مِثلَ الَّذي تَلقى مِن بَعدي .
قالَ : ثُمَّ جَعَلَ عَلِيٌّ عليه السلام يَجولُ في أرضِ كَربَلاءَ كَأَنَّهُ يَطلُبُ شَيئا ، ثُمَّ نَزَلَ ودَعا بِماءٍ ، فَتَوَضَّأَ وُضوءَ الصَّلاةِ ، ثُمَّ قامَ فَصَلّى ما شاءَ أن يُصَلِّيَ ، وَالنّاسُ قَد نَزَلوا هُنالِكَ مِن قُربِ نينَوى إلى شاطِئِ الفُراتِ .

1.نَحلَ جسمه نُحولاً : ذهب من مرض أو سفر فهو ، ناحلٌ ونَحيل (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۵۵ «نحل») .

2.كمال الدين : ص ۵۳۲ ح ۱ ، الأمالي للصدوق : ص ۶۹۴ ح ۹۵۱ ، الخرائج والجرائح : ج ۳ ص ۱۱۴۴ ح ۵۶ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۵۲ ح ۲۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4750
صفحه از 448
پرینت  ارسال به