قالَ ابنُ عَبّاسٍ : ثُمَّ رَجَعَ وهُوَ مُتَغَيِّرُ اللَّونِ ، مُحمَرُّ الوَجهِ ، فَخَطَبَ خُطبَةً بَليغَةً موجَزَةً وعَيناهُ يَهمِلانِ دُموعا .
ثُمَّ قالَ : أيُّهَا النّاسُ ! إنّي قَد خَلَّفتُ فيكُمُ الثَّقَلَينِ ؛ كِتابَ اللّهِ وعِترَتي وأرومَتي ، ومَراحَ مَماتي وثَمَرَتي ، ولَن يَفتَرِقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ .
ألا وإنّي [لا] ۱ أسأَلُكُم في ذلِكَ إلّا ما أمَرَني رَبّي أن أسأَلَكُمُ المَوَدَّةَ فِي القُربى ، فَانظُروا أن لا تَلقَوني غَدا عَلَى الحَوضِ وقَد أبغَضتُم عِترَتي وظَلَمتُموهُم ، ألا وإنَّهُ سَيَرِدُ عَلَيَّ فِي القِيامَةِ ثَلاثُ راياتٍ مِن هذِهِ الاُمَّةِ : رايَةٌ سَوداءُ مُظلِمَةٌ ، قَد فَزِعَت لَهَا المَلائِكَةُ ، فَتَقِفُ عَلَيَّ ، فَأَقولُ : مَن أنتُم ؟ فَيَنسَونَ ذِكري ، ويَقولونَ : نَحنُ أهلُ التَّوحيدِ مِنَ العَرَبِ .
فَأَقولُ : أنَا أحمَدُ نَبِيُّ العَرَبِ وَالعَجَمِ ، فَيَقولونَ : نَحنُ مِن اُمَّتِكَ يا أحمَدُ .
فَأَقولُ لَهُم : كَيفَ خَلَفتُموني مِن بَعدي في أهلي وعِترَتي وكِتابِ رَبّي ؟
فَيَقولونَ : أمَّا الكِتابُ فَضَيَّعنا ومَزَّقنا ، وأمّا عِترَتُكَ فَحَرَصنا عَلى أن نُبيدَهُم ۲ مِن جَديدِ ۳ الأَرضِ ؛ فَاُوَلّي عَنهُم وَجهي ، فَيَصدُرونَ ظِماءَ عُطاشى ، مُسوَدَّةً وُجوهُهُم ... . ۴
۲ / ۴
إنباؤُهُ بِشَهادَتِهِ قُبَيلَ وَفاتِهِ
۸۰۹.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي عن ابن عبّاس :خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله قَبلَ مَوتِهِ بِأَيّامٍ يَسيرَةٍ
1.ما بين المعقوفين سقط من المصدر ، وأثبتناه من مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .
2.في الطبعة المعتمدة : «يندهم» ، والتصويب من طبعة دار الفكر .
3.جديد الأرض : وجهها (النهاية : ج ۱ ص ۲۴۶ «جدد») .
4.الفتوح : ج ۴ ص ۳۲۵ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۶۳ عن ابن عبّاس ؛ الملهوف : ص ۹۳ ، مثير الأحزان : ص ۱۸ عن عبداللّه بن يحيى عن الإمام عليّ عليه السلام عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وكلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۴۸ ح ۴۶ .