257
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

فيمَن لا يَحفَظُهُ بَعدي ! قالَ ابنُ عَبّاسٍ : ثُمَّ اُغمِيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ساعَةً ثُمَّ أفاقَ وقالَ : يا حُسَينُ ! إنَّ لي ولِقاتِلِكَ يَومَ القِيامَةِ مَقاما بَينَ يَدَي رَبّي وخُصومَةً ، وقَد طابَت نَفسي إذ جَعَلَنِيَ اللّهُ خَصيما لِمَن قَتَلَكَ يَومَ القِيامَةِ .
يا بُنَيَّ ! هذا حَديثُ ابنِ عَبّاسٍ ، وأنَا اُحَدِّثُكَ عَن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله أنَّهُ قالَ : أتاني جِبريلُ يَوما فَخَبَّرَني وقالَ : يا مُحَمَّدُ ! إنَّ اُمَّتَكَ سَتَقتُلُ ابنَكَ حُسَينا وقاتِلَهُ لَعينُ هذِهِ الاُمَّةِ .
ولَقَد لَعَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ـ يا بُنَيَّ ـ قاتِلَ الحُسَينِ مِرارا ، فَانظُر لِنَفسِكَ ثُمَّ انظُر ألّا يُتَعَرَّضَ لَهُ بِأَذِيَّةٍ ، فَحَقُّهُ وَاللّهِ يا بُنَيَّ عَظيمٌ ، ولَقَد رَأَيتَني كَيفَ كُنتُ أحتَمِلُهُ في حَياتي ، وأضَعُ لَهُ رَقَبَتي وهُوَ يُواجِهُني بِالكَلامِ الَّذي يُمِضُّني ۱ ويُؤلِم قَلبي ، فَلا اُجيبُهُ ولا أقدِرُ لَهُ عَلى حيلَةٍ ؛ فَإِنَّهُ بَقِيَّةُ أهلِ الأَرضِ في يَومِهِ هذا ، وقَد أعذَرَ مَن أنذَرَ .
قالَ : ثُمَّ أقبَلَ عَلَى الضَّحّاكِ ومُسلِمِ بن عُقبَةَ فَقالَ لَهُما مُعاوِيَةُ : اِشهَدا عَلى مَقالَتي هذِهِ ، فَوَاللّهِ إن فَعَلَ بِيَ الحُسَينُ كُلَّ ما يَسوؤُني لَاحتَمَلتُهُ أبَدا ولَم يَكُنِ اللّهُ يَسأَلُني عَن دَمَهِ ، أفَهِمتَ عَنّي ما أوصَيتُكَ بِهِ يا يَزيدُ ؟ فَقالَ : فَهِمتُ يا أميرَ المُؤمِنينَ .
ثُمَّ قالَ مُعاوِيَةُ : اُنظُر في أهلِ الحِجازِ ؛ فَهُم أصلُكَ وفَرعُكَ ، فَأَكرِم مَن قَدِمَ عَلَيكَ مِنهُم ومَن غابَ عَنكَ ، فَلا تَجفُهُم ولا تَعِقُّهُم ، وَانظُر أهلَ العِراقِ فَإِنَّهُم لا يُحِبّونَكَ أبَدا ولا يَنصَحونَكَ ، ولكِن دارِهِم مَهما أمكَنَكَ وَاستَطَعتَ ، وإن سَأَلوكَ عَلى كُلِّ يَومٍ

1.مَضّني الجُرح وأمضّني : آلمني وأوجعني . ويقال : أمَضّني هذا الأمر : أي بلغت منه المشقّة (لسان العرب : ج ۷ ص ۲۳۳ «مضض») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
256

وإنّي لَستُ أخافُ مِن قُرَيشٍ إلّا ثَلاثَةً : حُسَينَ بنَ عَلِيٍّ ، وعَبدَ اللّهِ بنَ عُمَرَ ، وعَبدَ اللّهِ بنَ الزُّبَيرِ .
فَأَمَّا ابنُ عُمَرَ ، فَرَجُلٌ قَد وَقَذَهُ الدِّينُ ، فَلَيسَ مُلتَمِسا شَيئا قِبَلَكَ .
وأمَّا الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ خَفيفٌ ، وأرجو أن يَكفِيَكَهُ اللّهُ بِمَن قَتَلَ أباهُ وخَذَلَ أخاهُ ، وإنَّ لَهُ رَحِما ماسَّةً وحَقّا وقَرابَةً مِن مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، ۱ ولا أظُنُّ أهلَ العِراقِ تارِكيهِ حَتّى يُخرِجوهُ ، فَإِن قَدَرتَ عَلَيهِ فَاصفَح عَنهُ ؛ فَإِنّي لَو أنّي صاحِبُهُ عَفَوتُ عَنهُ .
وأمَّا ابنُ الزُّبَيرِ فَإِنَّهُ خَبٌّ ضَبٌّ ، فَإِذا شَخَصَ لَكَ فَالبُد لَهُ إلّا أن يَلتَمِسَ مِنكَ صُلحا ، فَإِن فَعَلَ فَاقبَل وَاحقِن دِماءَ قَومِكَ مَا استَطَعتَ . ۲

۷۹۲.الفتوح عن معاويةـ في عَهدِهِ لِابنِهِ يَزيدَـ : إنَّ ابنَ عَبّاسٍ حَدَّثَني فَقالَ :
إنّي حَضَرتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله وهُوَ فِي السِّياقِ ۳ وقَد ضَمَّ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ إلى صَدرِهِ وهُوَ يَقولُ : هذا مِن أطائِبِ أرومَتي ۴ وأنوارِ عِترَتي ۵ وخِيارِ ذُرِّيَّتي ، لا بارَكَ اللّهُ

1.«هاشم» جدّ الإمام الحسين عليه السلام و«عبد شمس» جدّ معاوية ، كانا أخوين ، مضافا إلى أنّ إحدى أخوات معاوية كانت زوجا للنبيّ عليه السلام وإحدى بنات اُخته كانت زوجة للإمام الحسين عليه السلام وهي اُمّ عليّ الأكبر عليه السلام (راجع : الطبقات الكبرى : ج۱ ص۷۵ و اُسد الغابة : ج۷ ص۳۳۰ وهذه الموسوعة : ج۱ ص۲۰۷ (القسم الأوّل / الفصل الخامس / ليلى) وج۴ ص۳۰۱ ح۱۷۷۰ .

2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۲۳ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۲۳ وفيه «قيل : إنّ يزيد كان غائبا في مرض أبيه وموته ، وإنّ معاوية أحضر الضحّاك بن قيس ومسلم بن عقبة المرّي فأمرهما أن يؤدّيا هذه الرسالة إلى يزيد ابنه» وهو الصحيح ، العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۶۰ كلاهما نحوه ، تاريخ ابن خلدون : ج ۳ ص ۲۴ .

3.ساقَ المريضُ سَوقا وسياقا : شرعَ في نزع الروح (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۲۴۷ «سوق») .

4.الأرومة ـ بوزن الأكولة ـ : الأصل (النهاية : ج ۱ ص ۴۱ «أرم») .

5.في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : «أبرار عترتي» .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6522
صفحه از 448
پرینت  ارسال به