فَأَمّا عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ فَرَجُلٌ قَد وَقَذَتهُ ۱ العِبادَةُ ، وإذا لَم يَبقَ أحَدٌ غَيرُهُ بايَعَكَ .
وأمَّا الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ فَإِنَّ أهلَ العِراقِ لَن يَدَعوهُ حَتّى يُخرِجوهُ ، فَإِن خَرَجَ عَلَيكَ فَظَفِرتَ بِهِ فَاصفَح عَنهُ ، فَإِنَّ لَهُ رَحِما ماسَّةً وحَقّا عَظيما .
وأمَّا ابنُ أبي بَكرٍ فَرَجُلٌ إن رَأى أصحابَهُ صَنَعوا شَيئا صَنَعَ مِثلَهُم ، لَيسَ لَهُ هِمَّةٌ إلّا فِي النِّساءِ وَاللَّهوِ .
وأمَّا الَّذي يَجثُمُ لَكَ جُثومَ الأَسَدِ ويُراوِغُكَ مُراوَغَةَ الثَّعلَبِ ، فَإِذا أمكَنَتهُ فُرصَةٌ وَثَبَ فَذاكَ ابنُ الزُّبَيرِ ، فَإِن هُوَ فَعَلَها بِكَ فَقَدَرتَ عَلَيهِ فَقَطِّعهُ إربا إربا . ۲
۷۹۱.تاريخ الطبري عن عوانة :إنَّ مُعاوِيَةَ لَمّا حَضَرَهُ المَوتُ ـ وذلِكَ في سَنَةِ سِتّينَ ـ وكانَ يَزيدُ غائِبا ، فَدَعا بِالضَّحّاكِ بنِ قَيسٍ الفِهرِيِّ وكانَ صاحِبَ شُرطَتِهِ ومُسلِمِ بنِ عُقبَةَ المُرِّيِّ ، فَأَوصى إلَيهِما ، فَقالَ : بَلِّغا يَزيدَ وَصِيَّتي : اُنظُر أهلَ الحِجازِ فَإِنَّهُم أصلُكَ ، فَأَكرِم مَن قَدِمَ عَلَيكَ مِنهُم وتَعاهَد مَن غابَ .
وَانظُر أهلَ العِراقِ ، فَإِن سَأَلوكَ أن تَعزِلَ عَنهُم كُلَّ يَومٍ عامِلاً فَافعَل ، فَإِنَّ عَزلَ عامِلٍ أحَبُّ إلَيَّ مِن أن تُشهَرَ عَلَيكَ مِئَةُ ألفِ سَيفٍ .
وَانظُر أهلَ الشّامِ فَليَكونوا بِطانَتَكَ وعَيبَتَكَ ۳ ، فَإِن نابَكَ شَيءٌ مِن عَدُوِّكَ فَانتَصِر بِهِم ، فَإِذا أصَبتَهُم فَاردُد أهلَ الشّامِ إلى بِلادِهِم ؛ فَإِنَّهُم إن أقاموا بِغَيرِ بِلادِهِم أخَذوا بِغَيرِ أخلاقِهِم .
1.يقال : وَقَذَهُ النعاس : إذا غلبَهُ . والوقيذ : الشديد المرض الذي قد أشرف على الموت (لسان العرب : ج ۳ ص ۵۱۹ «وقذ») .
2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۲۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۲۳ نحوه ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۱۵ ، تاريخ ابن خلدون : ج ۳ ص ۲۳ .
3.عَيبتي : أي خاصّتي وموضع سرّي . والعرب تكنّي عن القلوب والصدور بالعياب ؛ لأنّها مستودع السرائر ، كما أنّ العيابَ مستودع الثياب (النهاية : ج ۳ ص ۳۲۷ «عيب») .