247
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

فقال بعض اُولئك النفر لبعض : لا تُخدعوا فما صنع بكم هذا لحبّكم وماصنعه إلّا لما يريد ، فأعدّوا له جوابا . فاتّفقوا على أن يكون المخاطب له ابن الزبير .
فأحضرهم معاوية وقال :
قد علمتم سيرتي فيكم ، وصلتي لأرحامكم ، وحملي ما كان منكم ، ويزيد أخوكم وابن عمّكم وأردت أن تقدّموه باسم الخلافة ، وتكونوا أنتم تعزلون وتؤمّرون ، وتجبون المال وتقسّمونه ، لا يعارضكم في شيء من ذلك .
فسكتوا ، فقال : ألا تجيبون ؟ مرّتين .
ثمَّ أقبل على ابن الزبير ، فقال : هات لعمري إنّك خطيبهم ، فقال : نعم ، نخيّرك بين ثلاث خصال ، قال : اعرضهنّ ، قال : تصنع كما صنع رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، أو كما صنع أبو بكر أو كما صنع عمر . قال معاوية : ماصنعوا ؟ قال : قُبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله ولم يستخلف أحدا ، فارتضى الناس أبا بكر ، قال : ليس فيكم مثل أبي بكر ، وأخاف الاختلاف ، قالوا : صدقت ، فاصنع كما صنع أبو بكر ؛ فإنّه عهد إلى رجلٍ من قاصية قريش ليس من بني أبيه فاستخلفه ، وإن شئت فاصنع كما صنع عمر ؛ جعل الأمر شورى في ستّة نفرٍ ليس فيهم أحد من ولده ولا من بني أبيه . قال معاوية : هل عندك غير هذا ؟ قال : لا . ثمّ قال : فأنتم ؟ قالوا : قولنا قوله . قال :
فإنّي قد أحببت أن أتقدّم إليكم أنّه قد أعذر مَن أنذر ، إنّي كنت أخطب منكم ۱ فيقوم إليّ القائم منكم فيكذّبني على رؤوس الناس ، فأحمل ذلك وأصفح ، وإنّي قائم بمقالةٍ ، فاُقسم باللّه لئن ردّ عليّ أحدكم كلمة في مقامي هذا ، لا ترجع إليه كلمة غيرها حتّى يسبقها السيف إلى رأسه ، فلايبقينّ رجل إلّا على نفسه .
ثمّ دعا صاحب حرسه بحضرتهم فقال :

1.في الكامل : «فيكم» بدل «منكم» .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
246

تصيبهم بوائق تجتثُّ اُصولهم ، وقد أنذرت إن أغنت النذر .
ثمّ أنشد متمثّلاً :

قد كنت حذّرتك آل المصطلقوقلت : يا عمرو أطعني وانطلق
إنّك إن كلّفتني ما لم أطقساءك ما سرّك منّي مِن خُلُق

دونك ما استسقيته فاحسُ وذق

ثمّ دخل على عائشة ، وقد بلغها أنّه ذكر الحسين عليه السلام وأصحابه ، فقال : لأقتلنّهم إن لم يبايعوا ! فشكاهم إليها ، فوعظته وقالت له : بلغني أنّك تهدّدهم بالقتل ، فقال : يا اُمَّ المؤمنين ! هم أعزّ من ذلك ، ولكنّي بايعت ليزيد وبايعه غيرهم ، أفترين أن أنقض بيعة قد تمّت ؟ قالت : فارفق بهم ؛ فإنَّهم يصيرون إلى ما تحبّ إن شاء اللّه ، قال : أفعل .
وكان في قولها له : ما يُؤمِنُك أن اُقعد لك رجلاً يقتلك وقد فعلت بأخي ما فعلت ـ تعني أخاها محمّدا ـ ؟ فقال لها : كلّا يا اُمَّ المؤمنين ! إنِّي في بيت أمن ، قالت : أجل .
ومكث بالمدينة ما شاء اللّه ، ثمّ خرج إلى مكّة فلقيه الناس ، فقال اُولئك النفر : نتلقّاه فلعلّه قد ندم على ما كان منه . فلقوه ببطن مرّ ۱ ، فكان أوَّل من لقيه الحسين عليه السلام ، فقال له معاوية : مرحبا وأهلاً يابن رسول اللّه ، وسيِّد شباب المسلمين ! فأمر له بدابّة فركب وسايره ، ثمّ فعل بالباقين مثل ذلك ، وأقبل يسايرهم لا يسير معه غيرهم حتّى دخل مكّة ، فكانوا أوّل داخلٍ وآخر خارجٍ ، ولا يمضي يوم إلّا ولهم صلة ولا يذكر لهم شيئا ، حتّى قضى نسكه وحمل أثقاله وقرب مسيره .

1.بَطْنُ مَرّ : من نواحي مكّة ، عنده يجتمع وادي النخلتين فيصيران واديا واحدا (معجم البلدان : ج ۱ ص ۴۴۹) وراجع : الخريطة رقم ۳ في آخر المجلّد ۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4803
صفحه از 448
پرینت  ارسال به