245
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

أبو بكر ما لم يصنعه رسول اللّه ، وصنع عمر ما لم يصنعه أبو بكر ، كلّ ذلك يصنعون نظرا للمسلمين ، فلذلك رأيت أن اُبايع ليزيد لما وقع الناس فيه من الاختلاف ، ونظرا لهم بعين الإنصاف . ۱

رحلة معاوية الثانية وبيعة يزيد فيها

قال ابن الأثير : فلمّا بايعه أهل العراق والشام ، سار معاوية إلى الحجاز في ألف فارس ، فلمّا دنا من المدينة لقيه الحسين بن عليّ عليه السلام أوَّل الناس ، فلمّا نظر إليه قال : لا مرحبا ولا أهلاً ! بُدنة يترقرق دمها واللّه مهريقه ! قال : مهلاً ، فإنّي واللّه لست بأهلٍ لهذه المقالة ! قال : بلى ولشرٍّ منها .
ولقيه ابن الزبير ، فقال : لا مرحبا ولا أهلاً ، خبّ ضبّ ۲ تلعة ۳ ، يدخل رأسه ، ويضرب بذنبه ، ويوشك واللّه أن يؤخذ بذنبه ويدقّ ظهره ، نحّياه عنّي . فضرب وجه راحلته .
ثمّ لقيه عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقال له معاوية : لا أهلاً ولا مرحبا ، شيخ قد خرف وذهب عقله ، ثمّ أمر فضُرب وجه راحلته . ثمّ فعل بابن عمر نحو ذلك . فأقبلوا معه لا يلتفت إليهم حتّى دخل المدينة ، فحضروا بابه فلم يؤذن لهم على منازلهم ، ولم يروا منه ما يحبّون ، فخرجوا إلى مكّة فأقاموا بها .
وخطب معاوية بالمدينة فذكر يزيد فمدحه ، وقال :
من أحقّ منه بالخلافة في فضله وعقله وموضعه ؟ وما أظنّ قوما بمنتهين حتّى

1.الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۰۴ ـ ۲۱۲ ، تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۰۳ وراجع : المعجم الكبير : ج ۱۹ ص ۳۵۶ ح ۸۳۳ .

2.فلانٌ خبٌّ ضبٌّ : إذا كان فاسدا مفسدا مُراوِغاً (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۴۸۷ «خبب») .

3.التلِع : الكثِر التلفّت حوله (لسان العرب : ج ۸ ص ۳۶ «تلع») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
244

فبايع الناس جميعا وسلّموا ، وأخّرت المدينة بيعته ، وقلتُ : بيضته وأصله ، ومن لا أخافهم عليه ، وكان الّذين أبوا البيعة منهم من كان أجدر أن يصله ، واللّه لو علمت مكان أحدٍ هو خير للمسلمين من يزيد لبايعت له .
فقام الحسين عليه السلام فقال : وَاللّهِ ، لَقَد تَرَكتَ مَن هُوَ خَيرٌ مِنهُ أبا واُمّا ونَفسا . فقال معاوية : كأنّك تريد نفسك ؟ فقال الحسين عليه السلام : نَعَم ، أصلَحَكَ اللّهُ .
فقال معاوية :
إذا اُخبِرُك ، أمّا قولك : خير منه اُمّا ، فلعمري اُمّك خير من اُمّه ، ولو لم يكن إلّا أنّها امرأة من قريش لكان لنساء قريش أفضلهنّ ، فكيف وهي ابنة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ ثمّ فاطمة في دينها وسابقتها ، فاُمّك لعمر اللّه خير من اُمّه . وأمّا أبوك فقد حاكم أباه إلى اللّه ، فقضى لأبيه على أبيك .
فقال الحسين عليه السلام : حَسبُكَ جَهلُكَ ؛ آثَرتَ العاجِلَ عَلَى الآجِلِ . فقال معاوية : وأمّا ما ذكرت من أنّك خير من يزيد نفسا ، فيزيد واللّه خير لاُمّة محمّد منك ! !
فقال الحسين عليه السلام : هذا هُوَ الإِفكُ وَالزّورُ ، يَزيدُ شارِبُ الخَمرِ ومُشتَرِي اللَّهوِ خَيرٌ مِنّي ؟ ! فقال معاوية : مهلاً عن شتم ابن عمّك ؛ فإنّك لو ذكرت عنده بسوء لم يشتمك .
ثمّ التفت معاوية إلى الناس وقال :
أيّها الناس ، قد علمتم أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قُبض ولم يستخلف أحدا ، فرأى المسلمون أن يستخلفوا أبا بكر ، وكانت بيعته بيعة هدى ، فعمل بكتاب اللّه وسنّة نبيّه ، فلمّا حضرته الوفاة رأى أن [يستخلف عمر ، فعمل عمر بكتاب اللّه وسنّة نبيّه ، فلمّا حضرته الوفاة رأى أن] ۱ يجعلها شورى بين ستّة نفر اختارهم من المسلمين ، فصنع

1.ما بين المعقوفين أثبتناه من الإمامة والسياسة .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4456
صفحه از 448
پرینت  ارسال به