243
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

إنّك واللّه لوددنا أن نكلك إلى اللّه فيما جسرت عليه من أمر يزيد ، والّذي نفسي بيده لتجعلنّها شورى أو لأعيدها جذَعةً ۱ .
ثمّ قام ليخرج فتعلّق معاوية بطرف ردائه ، ثمّ قال :
على رسلك ، اللّهمّ اكفنيه بما شئت ، لا تظهرنّ لأهل الشام ؛ فإنّي أخشى عليك منهم .
ثمّ قال لابن الزبير نحو ما قاله لابن عمر ، ثمّ قال له :
أنت ثعلب روّاغ ، كلّما خرجت من جُحر انجحرت في آخر ، أنت ألّبت هذين الرجلين ، وأخرجتهما إلى ما خرجا إليه .
فقال ابن الزبير :
أتريد أن تبايع ليزيد ؟ أرأيت إن بايعناه أيّكما نطيع ، أنطيعك أم نطيعه ؟ ! إن كنت مللت الخلافة فاخرج منها وبايع ليزيد فنحن نبايعه .
فكثر كلامه وكلام ابن الزبير ، حتّى قال له معاوية في بعض كلامه : واللّه ، ما أراك إلّا قاتلاً نفسك ، ولكأنّي بك قد تخبّطت في الحبالة ۲ . ثمّ أمرهم بالانصراف ، واحتجب عن الناس ثلاثة أيّام لا يخرج .
ثمّ خرج ، فأمر المنادي أن ينادي في الناس أن يجتمعوا لأمرٍ جامع ، فاجتمع الناس في المسجد ، وقعّد هؤلاء ۳ حول المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ ذكر يزيد فضله وقراءته القرآن ، ثمّ قال :
يا أهل المدينة ! لقد هممت بيعة يزيد وما تركت قرية ولا مدرة ۴ إلّا بعثت إليها بيعته ،

1.أعدت الأمر جَذَعا : أي جديدا كما بدأ (لسان العرب : ج ۸ ص ۴۴ «جذع») .

2.الحِبالة : ما يُصاد بها من أيّ شيء كان (النهاية : ج ۱ ص ۳۳۳ «حبل») .

3.يعني المتخلّفين عن بيعة يزيد .

4.العرب تسمّي القرية مدرة ؛ لأنّ بنيانها غالبا من المدر [أي الطين] (المجموع : ج ۱۸ ص ۵۴) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
242

لعمر اللّه ، إنّها لذرّية الرسول ، وأحد أصحاب الكساء ، ومن البيت المطهّر ، فَالهَ عمّا تريد ، فإنّ لك في الناس مُقنِعا حتّى يحكم اللّه بأمره وهو خير الحاكمين .
فقال معاوية :
أعوَد ۱ الحلم التحلّم ، وخيره التحلّم عن الأهل ، انصرفا في حفظ اللّه .
ثمّ أرسل معاوية إلى عبد الرحمن بن أبي بكر ، وإلى عبداللّه بن عمر ، وإلى عبداللّه بن الزبير ، فجلسوا ، فحمد اللّه وأثنى عليه معاوية ، ثمّ قال :
يا عبداللّه بن عمر ، قد كنت تحدّثنا أنّك لا تُحبّ أن تبيت ليلة وليس في عنقك بيعة جماعة ، وإنّ لك الدنيا وما فيها ، وإنّي اُحذّرك أن تشقّ عصا المسلمين ، وتسعى في تفريق ملئهم ، وأن تسفك دماءهم ، وإنّ أمر يزيد قد كان قضاء من القضاء ، وليس للعباد خيرة من أمرهم ، وقد وكّد الناس بيعتهم في أعناقهم ، وأعطوا على ذلك عهودهم ومواثيقهم . ثمّ سكت .
فتكلّم عبداللّه بن عمر ، فحمد اللّه وأثنى عليه . ثمّ قال :
أمّا بعد : يا معاوية ، قد كان قبلك خلفاء وكان لهم بنون ، ليس ابنك بخير من أبنائهم ، فلم يروا في أبنائهم ما رأيت في ابنك ، فلم يحابوا في هذا الأمر أحدا ، ولكن اختاروا لهذه الاُمّة حيث علموهم ، وإن تحذّرني أن أشقّ عصا المسلمين ، واُفرّق ملأهم ، وأسفك دماءهم ، ولم أكن لأفعل ذلك إن شاء اللّه ، ولكن إن استقام الناس فسأدخل في صالح ما تدخل فيه اُمّة محمّد صلى الله عليه و آله .
فقال معاوية : يرحمك اللّه ! ليس عندك خلافٌ .
ثمّ قال معاوية لعبد الرحمن بن أبي بكر نحو ما قاله لعبد اللّه بن عمر ، فقال له عبد الرحمن :

1.العائدة : العطف والمنفعة . يقال : هذا الشيء أعود عليك من كذا ؛ أي أنفع (الصحاح : ج ۲ ص ۵۱۴ «عود») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4627
صفحه از 448
پرینت  ارسال به