241
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

ودَع عَنكَ ما تُحاوِلُ ، فَما أغناكَ أن تَلقَى اللّهَ بِوِزرِ هذَا الخَلقِ بِأَكثَرَ مِمّا أنتَ لاقيهِ ، فَوَاللّهِ ما بَرِحتَ تُقَدِّرُ ۱ باطِلاً فى جَورٍ ، وحَنَقا في ظُلمٍ ، حَتّى مَلَأتَ الأَسقِيَةَ ، وما بَينَكَ وبَينَ المَوتِ إلّا غَمضَةٌ ، فَتَقدَمُ عَلى عَمَلٍ مَحفوظٍ في يَومٍ مَشهودٍ ، ولاتَ حينَ مَناصٍ ۲ .
ورَأَيتُكَ عَرَضتَ بِنا بَعدَ هذَا الأَمرِ ، ومَنَعتَنا عَن آبائِنا [تُراثا] ۳ ، ولَقَد ـ لَعَمرُ اللّهِ ـ أورَثَنَا الرَّسولُ عليه السلام وِلادَةً وجِئتَ لَنا بِها ، ما ۴
حَجَجتُم بِهِ القائِمَ عِندَ مَوتِ الرَّسولِ فَأَذعَنَ لِلحُجَّةِ بِذلِكَ ، ورَدَّهُ الإِيمانُ إلَى النَّصَفِ ، فَرَكِبتُمُ الأَعاليلَ ، وفَعَلتُمُ الأَفاعيلَ ، وقُلتُم : كانَ ويَكونُ ، حَتّى أتاكَ الأَمرُ ـ يا مُعاوِيَةُ ـ مِن طَريقٍ كانَ قَصدُها لِغَيرِكَ ، فَهُناكَ «فَاعْتَبِرُواْ يَـأُوْلِى الْأَبْصَـرِ» ۵ .
وذَكَرتَ قِيادَةَ الرَّجُلِ القَومَ بِعَهدِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وتَأميرَهُ لَهُ ، وقَد كانَ ذلِكَ ولِعَمرِو بنِ العاصِ يَومَئِذٍ فَضيلَةٌ بِصُحبَةِ الرَّسولِ وبَيعَتِهِ لَهُ ، وما صارَ لِعَمرٍو يَومَئِذٍ حَتّى أنِفَ القَومُ إمرَتَهُ وكَرِهوا تَقديمَهُ ، وعَدّوا عَلَيهِ أفعالَهُ ، فَقالَ صلى الله عليه و آله : «لا جَرَمَ مَعشَرَ المُهاجِرينَ ، لا يَعمَلُ عَلَيكُم بَعدَ اليَومِ غَيري » ، فَكَيفَ تَحتَجُّ بِالمَنسوخِ مِن فِعلِ الرَّسولِ في أوكَدِ الأَحوالِ وأولاها بِالمُجتَمَعِ عَلَيهِ مِنَ الصَّوابِ ؟ أم كَيفَ صاحَبتَ بِصاحِبٍ تابِعٍ وحَولَكَ مَن لا يُؤمَنُ في صُحبَتِهِ ، ولا يُعتَمَدُ في دينِهِ وقَرابَتِهِ ، وتَتَخَطّاهُم إلى مُسرِفٍ مَفتونٍ ، تُريدُ أن تَلبِسَ النّاسَ شُبهَةً يَسعَدُ بِهَا الباقي في دُنياهُ وتَشقى بِها في آخِرَتِكَ ، إنَّ هذا لَهُوَ الخُسرانُ المُبينُ ، وَأستَغفِرُ اللّهَ لي ولَكُم .
فنظر معاوية إلى ابن عبّاس ، فقال : ما هذا يابن عبّاس ؟ ولما عندك أدهى وأمرّ .
فقال ابن عبّاس :

1.في الإمامة والسياسة : «تَقدَحُ» بدل «تقدّر» .

2.ولات حين مناص : أي ليس وقت تأخّر وفِرار (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۶۰ «نوص») .

3.ما بين المعقوفين أثبتناه من الإمامة والسياسة .

4.في الإمامة والسياسة : «أما» بدل «ما» .

5.الحشر : ۲ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
240

كلمة الإمام السبط

فتيسّر ۱ ابن عبّاس للكلام ونصب يده للمخاطبة ، فأشار إليه الحسين عليه السلام وقال :
عَلى رِسلِكَ ، فَأَنَا المُرادُ ، ونَصيبي فِي التُّهَمَةِ أوفَرُ .
فأمسك ابن عبّاس ، فقام الحسين عليه السلام فحمد اللّه وصلّى على الرسول ، ثمّ قال :
أمّا بَعدُ يا مُعاوِيَةُ ! فَلَن يُؤَدِّيَ القائِلُ وإن أطنَبَ ۲
في صِفَةِ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله مِن جَميعٍ جُزءا ، وقَد فَهِمتُ ما لَبَستَ بِهِ الخَلَفَ بَعدَ رَسولِ اللّهِ مِن إيجازِ الصِّفَةِ وَالتَّنَكُّبِ عَنِ استِبلاغِ البَيعَةِ ۳ ، وهَيهاتَ هَيهاتَ يا مُعاوِيَةُ ! فَضَحَ الصُّبحُ فَحمَةَ الدُّجى ، وبَهَرَتِ الشَّمسُ أنوارَ السُّرُجِ ، ولَقَد فَضَّلتَ حَتّى أفرَطتَ ، وَاستَأثَرتَ حَتّى أجحَفتَ ، ومَنَعتَ حَتّى بَخِلتَ ۴ ، وجُرتَ حَتّى جاوَزتَ ، ما بَذَلتَ لِذي حَقٍّ مِن أتَمِّ ۵ حَقِّهِ بِنَصيبٍ ، حَتّى أخَذَ الشَّيطانُ حَظَّهُ الأَوفَرَ ونَصيبَهُ الأَكمَلَ .
وفَهِمتُ ما ذَكَرتَهُ عَن يَزيدَ مِنِ اكتِمالِهِ وسِياسَتِهِ لِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ ، تُريدُ أن توهِمَ النّاسَ في يَزيدَ ، كَأَنَّكَ تَصِفُ مَحجوبا أو تَنعَتُ غائِبا ، أو تُخبِرُ عَمّا كانَ مِمَّا احتَوَيتَهُ بِعِلمٍ خاصٍّ ، وقَد دَلَّ يَزيدُ مِن نَفسِهِ عَلى مَوقِعِ رَأيِهِ ، فَخُذ لِيَزيدَ فيما أخَذَ بِهِ ، مِنِ استِقرائِهِ الكِلابَ المُهارِشَةَ ۶ عِندَ التَّحارُشِ ، وَالحَمامَ السِّبقَ لِأَترابِهِنَّ ، وَالقيناتِ ۷ ذَواتِ المَعازِفِ ، وضُروبِ المَلاهي ، تَجِدهُ ناصِرا ۸ .

1.تيسّر لفلان : أي تهيّأ (لسان العرب : ج ۵ ص ۲۹۶ «يسر») .

2.أطنب في الكلام : بالغ فيه (الصحاح : ج ۱ ص ۱۷۲ «طنب») .

3.في الإمامة والسياسة : «النعت» بدل «البيعة» .

4.في الإمامة والسياسة : «مَحَلتَ» بدل «بخلت» .

5.في الإمامة والسياسة : «اسم» بدل «أتمّ» .

6.المهارشة بالكلاب : هو تحريش بعضها على بعض (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۲۷ «هرش») .

7.القينة : الأمة مغنّية كانت أو غير مغنّية (الصحاح : ج ۶ ص ۲۱۸۶ «قنن») .

8.في الإمامة والسياسة : «باصرا» بدل «ناصرا» .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4662
صفحه از 448
پرینت  ارسال به