فتكلّم معاوية فقال :
قد قلت وقلتم ، وإنّه قد ذهبت الآباء وبقيت الأبناء ، فابني أحبّ إليَّ من أبنائهم ، مع أنّ ابني إن قاولتموه وجد مقالاً ، وإنّما كان هذا الأمر لبني عبد مناف ؛ لأنّهم أهل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فلمّا مضى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ولّى الناسُ أبا بكر وعمر من غير معدن الملك والخلافة ، غير أنّهما سارا بسيرةٍ جميلة ، ثمّ رجع الملك إلى بني عبد مناف ، فلا يزال فيهم إلى يوم القيامة ، وقد أخرجك اللّه يا بن الزبير وأنت يابن عمر منها ، فأمّا ابنا عمّي هذان ۱ فليسا بخارجين من الرأي إن شاء اللّه .
ثمّ أمر بالرحلة ، وأعرض عن ذكر البيعة ليزيد ، ولم يقطع عنهم شيئا من صِلاتهم واُعطياتهم ، ثمّ انصرف راجعا إلى الشام ، وسكت عن البيعة فلم يعرض لها إلى سنة إحدى وخمسين . ۲
قال الأميني : لم يذكر في هذا اللفظ ما تكلّم به عبد الرحمن ، ذكره ابن حجر في الإصابة ج ۲ ص ۴۰۸ ۳ ، قال : خطب معاوية فدعا الناس إلى بيعة يزيد ، فكلّمه الحسين بن عليّ عليه السلام وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر ، فقال له عبد الرحمن :
أهرقليّة ؟ كلّما مات قيصر كان قيصر مكانه ؟ ! لا نفعل واللّه أبدا .
صورة اُخرى من محاورة الرحلة الاُولى
قدم معاوية المدينة حاجّا ، فلمّا أن دنا من المدينة خرج إليه الناس يتلقّونه ما بين راكبٍ وماش ، وخرج النساء والصبيان ، فلقيه الناس على حال طاقتهم وما تسارعوا به في الفوت والقرب ، فلانَ لمن كافَحَه ، وفاوض العامّة بمحادثته ، وتألّفهم جهده مقاربةً ومصانعةً ؛ ليستميلهم إلى ما دخل فيه الناس ، حتّى قال في بعض ما يجتلبهم به :