جعفر ، والحسين بن عليّ عليه السلام كتبا ، وأمر سعيد بن العاص أن يوصلها إليهم ويبعث بجواباتها . وكتب إلى سعيد بن العاص :
أمّا بعد : فقد أتاني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه من إبطاء الناس عن البيعة ولا سيّما بني هاشم ، وما ذكر ابن الزبير ، وقد كتبت إلى رؤسائهم كتبا ، فسلّمها إليهم وتنجّز جواباتها ، وابعث بها حتّى أرى في ذلك رأيي ، ولتشدّ عزيمتك ولتصلب شكيمتك ۱ وتحسن نيّتك ، وعليك بالرّفق ، وإيّاك والخُرق ۲ ؛ فإنّ الرفق رشد والخرق نكد ، وانظر حسينا خاصّة فلا يناله منك مكروه ؛ فإنّ له قرابة وحقّا عظيما لا ينكره مسلم ولا مسلمة ، وهو ليث عرين ، ولست آمنك إن تشاوره أن لا تقوى عليه . فأمّا من يرد مع السباع إذا وردت ويكنس ۳ إذا كنست ، فذلك عبداللّه بن الزبير ، فاحذره أشدّ الحذر ، ولا قوّة إلّا باللّه ، وأنا قادمٌ عليك إن شاء اللّه . والسّلام ... . ۴
كتاب معاوية الى الحسين عليه السلام :
أمّا بعد ، فقد انتهت إليَّ منك اُمور لم أكن أظنّك بها رغبةً عنها ، وإنّ أحقّ الناس بالوفاء لمن أعطى بيعته من كان مثلك في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك اللّه بها ، فلا تنازع إلى قطيعتك ، واتّق اللّه ، ولا تَرُدّنّ هذه الاُمّةَ في فتنة ، وانظر لنفسك ودينك واُمّة محمّد ، ولا يستخفنّك الّذين لا يوقنون . ۵
فكتب إليه الحسين عليه السلام :
أمّا بَعدُ ، فَقَد جاءَني كِتابُكَ تَذكُرُ فيهِ أنَّهُ انتَهَت إلَيكَ عَنّي اُمورٌ لَم تَكُن تَظُنُّني بِها رَغبَةً بي عَنها ، وإنَّ الحَسَناتِ لا يَهدي لَها ولا يُسَدِّدُ إلَيها إلَا اللّهُ تَعالى . وأمّا ما
1.يقال : فلان شديد الشَّكيمة ؛ إذا كان عزيز النفس أبيّا قويّا (النهاية : ج ۲ ص ۴۹۷ «شكم») .
2.الخُرْقُ : الجهل والحُمق (النهاية : ج ۲ ص ۲۶ «خرق») .
3.كَنَسَ الظبي : إذا تغيّب واستتر (لسان العرب : ج ۶ ص ۱۹۸ «كنس») .
4.الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۱۹۹ .
5.الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۰۱ .