227
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

وعلى من خالف عنّا أعوانا ، يُشدّ بنا العضد ، ويُقام منّا الأوَد ۱
، ونستشار في القضيّة ، ونستأمر في أمر الرعيّة ، وقد أصبحنا اليوم في اُمور مستخيرة ، ذات وجوه مستديرة ، تفتح بأزمّة الضّلال ، وتجلس بأسوأ الرجال ، يؤكل جزورها وتُمقّ ۲ أحلابها ، فما لنا لا نُستأمر في رضاعها ، ونحن فطامها وأولاد فطامها ؟ وايم اللّه ! لولا عهودٌ مؤكّدة ومواثيق معقّدة ، لأقمت أوَد وليّها ، فأقم الأمر يابن أبي سفيان ، واهدأ من تأميرك الصبيان ، واعلم أنّ لك في قومك نظرا ، وأنّ لهم على مناوأتك ۳ وزرا ۴ .
فغضب معاوية من كلامه غضبا شديدا ، ثمّ كظم غيظه بحلمه ، وأخذ بيد مروان ثمّ قال :
إنّ اللّه قد جعل لكلّ شيء أصلاً ، وجعل لكلّ خيرٍ أهلاً ، ثمّ جعلك في الكرم منّي محتدا ۵ ، والعزيز منّي والدا ، اخترت من قروم ۶ قادة ، ثمّ استللت سيّد سادة ، فأنت ابن ينابيع الكرم ، ۷ فمرحبا بك وأهلاً من ابن عمّ ، ذكرت خلفاء مفقودين ، شهداء صدّيقين ، كانوا كما نعتّ ، وكنت لهم كما ذكرت ، وقد أصبحنا في اُمور مستخيرة ذات وجوهٍ مستديرة ، وبك واللّه يابن العمّ نرجو استقامة أوَدها ، وذلولة صعوبتها ،

1.الأوَد : العِوَج (النهاية : ج ۱ ص ۷۹ «أود») .

2.امتقّ الفَصيلُ ما في ضرع اُمّه : أي شربه كلّه (الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۵۶ «مقق») . والمراد أنّ معاوية يستأثر بكلّ شيء في الخلافة ولا يترك لمروان منها شيئا .

3.ناوأت الرجل مناوءة ونواء : عاديته (الصحاح : ج ۱ ص ۷۹ «نوأ») .

4.الوزر : الملجأ (الصحاح : ج ۲ ص ۸۴۵ «وزر») .

5.المَحتِد : الأصل والطبع (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۲۸۶ «حتد») .

6.القَرْمُ : أي المقدّم في الرأي (النهاية : ج ۴ ص ۴۹ «قرم») .

7.قايسوا هذه الأكاذيب والخُزعبلات مع ما جاء عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله حول الطريد ابن الطريد (مروان بن الحكم) ، حيث قال : «الوَزَغُ ابنُ الوَزَغِ ، اللَّعينُ ابن اللَّعينِ» (المستدرك على الصحيحين : ج۴ ص۴۷۹ وراجع : الصواعق المحرقة : ص۱۰۸ ، و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۲ ص۵۶ و حياة الحيوان : ج۲ ص۳۹۹) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
226

صورة اُخرى : قالوا : ثمّ لم يلبث معاوية بعد وفاة الحسن عليه السلام إلّا يسيرا أن بايع ليزيد بالشام ، وكتب بيعته إلى الآفاق ، وكان عامله على المدينة مروان بن الحكم ، فكتب إليه يذكر الّذي قضى اللّه به على لسانه من بيعة يزيد ، ويأمره بجمع من قبله من قريش وغيرهم من أهل المدينة يبايعوا ليزيد .
فلمّا قرأ مروان كتاب معاوية أبى من ذلك وأبته قريش ، فكتب لمعاوية : «إنّ قومك قد أبوا إجابتك إلى بيعتك ابنك ، فأرِني رأيك» . فلمّا بلغ معاوية كتاب مروان عرف ذلك من قبله ، فكتب إليه يأمره أن يعتزل عمله ، ويخبره أنّه قد ولّى المدينة سعيد بن العاص ، فلمّا بلغ مروان كتاب معاوية ، أقبل مغاضبا في أهل بيته وناس كثير من قومه ، حتّى نزل بأخواله بني كنانة ، فشكا إليهم وأخبرهم بالّذي كان من رأيه في أمر معاوية وفي عزله ، واستخلافه يزيد ابنه عن غير مشاورة مبادرة له ، فقالوا : نحن نبلك في يدك ، وسيفك في قرابك ، فمن رميته بنا أصبناه ، ومن ضربته قطعناه ، الرأي رأيك ، ونحن طوع يمينك .
ثمّ أقبل مروان في وفدٍ منهم كثير ممّن كان معه من قومه وأهل بيته ، حتّى نزل دمشق ، فخرج حتّى أتى سدَّة ۱ معاوية ، وقد أذن للناس، فلمّا نظر الحاجب إلى كثرة مَن معه مِن قومه وأهل بيته منعه من الدخول ، فوثبوا إليه فضربوا وجهه ، حتّى خلّى عن الباب ، ثمّ دخل مروان ودخلوا معه ، حتّى إذا كان معاوية بحيث تناله يده ، قال بعد التسليم عليه بالخلافة :
إنّ اللّه عظيمٌ خطره ، لا يقدر قادرٌ قدره ، خلق من خلقه عبادا جعلهم لدعائم دينه أوتادا ، هم رقباؤه على البلاد ، وخلفاؤه على العباد ، أسفر بهم الظلم ، وألّف بهم الدين ، وشدّد بهم اليقين ، ومنح بهم الظفر ، ووضع بهم من استكبر ، فكان من قبلك من خلفائنا يعرفون ذلك في سالف زماننا ، وكنّا نكون لهم على الطاعة إخوانا ،

1.السدّة : باب الدار (الصحاح : ج ۲ ص ۴۸۶ «سدد») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4615
صفحه از 448
پرینت  ارسال به