221
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

أما لقد اصطنعك أبي ورفاك حتّى بلغت باصطناعه المدى الذي لا يُجارى إليه ولا يُسامى ، فما شكرت بلاءه ولا جازيته بآلائه ، وقدّمت عليّ هذا ـ يعني يزيد بن معاوية ـ وبايعت له ، وواللّه لأنا خيرٌ منه أبا واُمّا ونفسا .
فقال معاوية :
أمّا بلاء أبيك فقد يحقّ عليّ الجزاء به ، وقد كان من شكري لذلك أنّي طلبت بدمه حتّى تكشّفت الاُمور ، ولست بلائم لنفسي في التشمير ۱ . وأمّا فضل أبيك على أبيه ، فأبوك واللّه خيرٌ منّي وأقرب برسول اللّه صلى الله عليه و آله . وأمّا فضل اُمّك على اُمّه فما يُنكر ؛ امرأة من قريش خيرٌ من امرأة من كلب . وأمّا فضلك عليه فواللّه ما اُحبّ أنّ الغوطَةَ ۲ دَحَسَت ۳ ليزيد رجالاً مثلك !
فقال له يزيد :
يا أمير المؤمنين ، ابن عمّك وأنت أحقّ مَن نظر في أمره ، وقد عتب عليك لي فأعتبه . ۴
وفي لفظ ابن قتيبة : فلمّا قدم معاوية الشام ، أتاه سعيد بن عثمان بن عفّان ، وكان شيطان قريش ولسانها ، قال :
يا أمير المؤمنين ! عَلام تبايع ليزيد وتتركني ؟ فواللّه ، لتعلم أنّ أبي خير من أبيه ، واُمّي خيرٌ من اُمّه ، وأنا خيرٌ منه ، وإنّك إنّما نلت ما أنت فيه بأبي .
فضحك معاوية وقال :
يابن أخي ، أمّا قولك : إنّ أباك خيرٌ من أبيه ، فيوم من عثمان خيرٌ من معاوية ، وأمّا

1.التشمير في الأمر : السرعة فيه والخِفّة (المصباح المنير : ص ۳۲۲ «شمر») .

2.الغوطة : اسم البساتين والمياه التي حول دمشق (لسان العرب : ج ۷ ص ۳۶۶ «غوط») .

3.دَحَسَ الشيء : مَلَأَهُ (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۲۱۳ «دحس») .

4.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۰۵ ، تاريخ دمشق : ج ۸ ص ۲۳۱ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۷۹ ، الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۱۴ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
220

فأصفقوا ۱ واجتمعوا وقالوا : رضينا عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ! فشقّ ذلك على معاوية وأسرّها في نفسه ، ثمّ إنّ عبد الرحمن مرض فأمر معاوية طبيبا عنده يهوديّا يقال له ابن أثالَ ـ وكان عنده مكينا ـ أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها ، فأتاه فسقاه فانخرق بطنه فمات ، ثمَّ دخل أخوه المهاجر بن خالد دمشق مستخفيا هو وغلام له ، فرصدا ذلك اليهودي ، فخرج ليلاً من عند معاوية فهجم عليه ومعه قومٌ هربوا عنه فقتله المهاجر .
وفي الأغاني :
إنّه قتله خالد بن المهاجر ، فاُخذ واُتي به معاوية ، فقال له : لا جزاك اللّه من زائرٍ خيرا ! قتلت طبيبي ؟ ! قال : قتلت المأمور وبقي الآمر . ۲
قال أبو عمر بعد ذكر القصّة :
وقصّته هذه مشهورةٌ عند أهل السير والعلم بالآثار والأخبار اختصرناها ، ذكرها عمر بن شبّة في أخبار المدينة وذكرها غيره . ۳
قال الأميني : وقعت هذه القصّة سنة ۴۶ ، وهي السنة الثانية من هاجسة بيعة يزيد .

سعيد بن عثمان (سنة خمس و خمسين)

سأل سعيد بن عثمان معاوية أن يستعمله على خراسان ، فقال : إنّ بها عبيد اللّه بن زياد ، ۴ فقال :

1.أصفقوا على كذا : أي أطبقوا (الصحاح : ج ۴ ص ۱۵۰۸ «صفق») .

2.الأغاني : ج ۱۶ ص ۲۰۹ .

3.الاستيعاب : ج ۱ ص ۳۷۳ . وراجع : تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۲۷ .

4.سار عبيداللّه إلى خراسان سنة ۵۳ وهو ابن خمس وعشرين سنة (راجع : تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۹۷) .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4520
صفحه از 448
پرینت  ارسال به