صدورهم ، ما للحسن وذوي الحسن في سلطان اللّه الّذي استخلف به معاوية في أرضه ؟ ! هيهات ! ولا تورث الخلافة عن كَلالَةٍ ۱ ، ولا يُحجَب غير الذكَرِ العَصَبَة ۲ ، فوطّنوا أنفسكم ـ يا أهل العراق ـ على المناصحة لإمامكم وكاتب نبيّكم وصهره ، يسلم لكم العاجل ، وتربحوا من الآجل .
ثمّ قام الأحنف بن قيس ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :
يا أمير المؤمنين ، إنّا قد فررنا ۳ عنك قريشا فوجدناك أكرمها زندا ، وأشدّها عقدا ، وأوفاها عهدا ، قد علمت أنّك لم تفتح العراق عنوةً ۴ ، ولم تظهر عليها قَعصا ۵ ، ولكنّك أعطيت الحسن بن عليّ من عهود اللّه ما قد علمت ؛ ليكون له الأمر من بعدك ، فإن تفِ فأنت أهل الوفاء، وإن تغدر ۶ تعلم واللّه أنّ وراء الحسن خيولاً جيادا ، وأذرُعا شدادا ، وسيوفا حدادا، إن تَدنُ له شبرا من غدرٍ ، تجد وراءه باعا ۷ من نصر ، وإنّك تعلم أنّ أهل العراق ما أحبّوك منذ أبغضوك ، ولا أبغضوا عليّا وحسنا منذ أحبّوهما ، وما نزل عليهم في ذلك خبرٌ ۸ من السماء ، وإنّ السيوف الّتي شهروها عليك مع عليّ يوم صفّين لعلى عواتقهم ، والقلوب الّتي أبغضوك بها لَبين جوانحهم ، وايم اللّه ، إنّ الحسن لأحبّ إلى أهل العراق من عليّ .
ثمّ قام عبدالرحمن بن عثمان الثقفي ، فأثنى على يزيد وحثّ معاوية إلى بيعته . فقام معاوية فقال :
1.الكَلالة : هو أن يموت الرجل ولا يدع والدا ولا ولدا يرثانه (النهاية : ج ۴ ص ۱۹۷ «كلل») .
2.العَصَبة : الأقارب من جهة الأب ، لأنّهم يُعصّبونه ويعتصّبُ بهم (النهاية : ج ۳ ص ۲۴۵ «عصب») .
3.فَرَرْتُ عن الأمر : بحثت عنه (الصحاح : ج ۲ ص ۷۸۰ «فرر») .
4.عَنوة : أي قهرا وغلبة (النهاية : ج ۳ ص ۳۱۵ «عنا») .
5.القعْصُ : أن يُضرَب الإنسان فيموت مكانه (النهاية : ج ۴ ص ۸۸ «قعص») .
6.في الطبعة المعتمدة : «تعذر» ، وهو تصحيف ظاهر .
7.الباعُ : قَدْرُ مدّ اليدين (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۷ «بوع») .
8.في الإمامة والسياسة : «غير من السماء» .