217
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

صدورهم ، ما للحسن وذوي الحسن في سلطان اللّه الّذي استخلف به معاوية في أرضه ؟ ! هيهات ! ولا تورث الخلافة عن كَلالَةٍ ۱ ، ولا يُحجَب غير الذكَرِ العَصَبَة ۲ ، فوطّنوا أنفسكم ـ يا أهل العراق ـ على المناصحة لإمامكم وكاتب نبيّكم وصهره ، يسلم لكم العاجل ، وتربحوا من الآجل .
ثمّ قام الأحنف بن قيس ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :
يا أمير المؤمنين ، إنّا قد فررنا ۳ عنك قريشا فوجدناك أكرمها زندا ، وأشدّها عقدا ، وأوفاها عهدا ، قد علمت أنّك لم تفتح العراق عنوةً ۴ ، ولم تظهر عليها قَعصا ۵ ، ولكنّك أعطيت الحسن بن عليّ من عهود اللّه ما قد علمت ؛ ليكون له الأمر من بعدك ، فإن تفِ فأنت أهل الوفاء، وإن تغدر ۶ تعلم واللّه أنّ وراء الحسن خيولاً جيادا ، وأذرُعا شدادا ، وسيوفا حدادا، إن تَدنُ له شبرا من غدرٍ ، تجد وراءه باعا ۷ من نصر ، وإنّك تعلم أنّ أهل العراق ما أحبّوك منذ أبغضوك ، ولا أبغضوا عليّا وحسنا منذ أحبّوهما ، وما نزل عليهم في ذلك خبرٌ ۸ من السماء ، وإنّ السيوف الّتي شهروها عليك مع عليّ يوم صفّين لعلى عواتقهم ، والقلوب الّتي أبغضوك بها لَبين جوانحهم ، وايم اللّه ، إنّ الحسن لأحبّ إلى أهل العراق من عليّ .
ثمّ قام عبدالرحمن بن عثمان الثقفي ، فأثنى على يزيد وحثّ معاوية إلى بيعته . فقام معاوية فقال :

1.الكَلالة : هو أن يموت الرجل ولا يدع والدا ولا ولدا يرثانه (النهاية : ج ۴ ص ۱۹۷ «كلل») .

2.العَصَبة : الأقارب من جهة الأب ، لأنّهم يُعصّبونه ويعتصّبُ بهم (النهاية : ج ۳ ص ۲۴۵ «عصب») .

3.فَرَرْتُ عن الأمر : بحثت عنه (الصحاح : ج ۲ ص ۷۸۰ «فرر») .

4.عَنوة : أي قهرا وغلبة (النهاية : ج ۳ ص ۳۱۵ «عنا») .

5.القعْصُ : أن يُضرَب الإنسان فيموت مكانه (النهاية : ج ۴ ص ۸۸ «قعص») .

6.في الطبعة المعتمدة : «تعذر» ، وهو تصحيف ظاهر .

7.الباعُ : قَدْرُ مدّ اليدين (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۷ «بوع») .

8.في الإمامة والسياسة : «غير من السماء» .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
216

معن السلمي ، وعبداللّه بن عصام الأشعري ، فأمرهم أن يقوموا إذا فرغ الضحّاك وأن يصدّقوا قوله ويدعوه إلى [بيعة] ۱ يزيد . ۲
ثمّ خطب معاوية ، فتكلّم القوم بعده على ما يروقه من الدعوة إلى يزيد ، فقال معاوية : أين الأحنف ؟ فأجابه ، قال : ألا تتكلّم ؟ فقام الأحنف ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أصلح اللّه أمير المؤمنين ، إنّ الناس قد أمسوا في مُنكَرِ زمانٍ قد سلف ، ومعروفِ زمانٍ مؤتَنَفٍ ۳
، ويزيد ابن أمير المؤمنين نِعم الخلف ، وقد حَلِبتَ الدّهر أشطُرَهُ ۴ يا أمير المؤمنين ! فاعرف من تسند إليه الأمر من يدك ، ثمّ اعصِ أمرَ من يأمرك ، لا يَغرُرك مَن يُشير عليك ولا ينظر لك ، وأنت أنظر للجماعة وأعلم باستقامة الطاعة ، [مع] ۵ أنّ أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيّا .
فغضب الضحّاك ، فقام الثانية فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أصلح اللّه أمير المؤمنين، إنّ أهل النفاق من أهل العراق ، مروءتهم في أنفسهم الشقاق ، وإلفتهم في دينهم الفراق ، يرون الحقّ على أهوائهم كأنّما ينظرون بأقفائهم ۶ ، اختالوا جهلاً وبطرا ، لا يرقبون من اللّه راقبة ، ولا يخافون وبال عاقبة ، اتّخذوا إبليس لهم ربّا ، واتّخذهم إبليس حزبا ؛ فمن يقاربوه لا يسرّوه ، ومَن يفارقوه لا يضرّوه ، فادفع رأيهم ـ يا أمير المؤمنين ـ في نحورهم ، وكلامهم في

1.ما بين المعقوفين أثبتناه من الإمامة والسياسة .

2.الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۱۸۸ .

3.اُنْفَةُ الشيء : ابتداؤه (النهاية : ج ۱ ص ۷۵ «أنف») .

4.يقال : حَلَبَ فلانٌ الدهرَ أشطُرَه : أي اختبر ضروبه من خيره وشرّه ، تشبيها بحلب جميع أخلاف الناقة (النهاية : ج ۲ ص ۴۷۴ «شطر») .

5.القفا ـ مقصور ـ : مؤخّر العنق ، يذكّر ويؤنّث (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۶۵ «قفا») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4730
صفحه از 448
پرینت  ارسال به