جُذوعِ النَّخلِ ؛ كَأَنَّكَ لَستَ مِنَ الاُمَّةِ وكَأَنَّها لَيسَت مِنكَ ، وقَد قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله :«مَن ألحَقَ بِقَومٍ نَسَبا لَيسَ لَهُم فَهُوَ مَلعونٌ» ؟
أوَلَستَ صاحِبَ الحَضرَمِيّينَ الَّذينَ كَتَبَ إلَيكَ ابنُ سُمَيَّةَ أنَّهُم عَلى دينِ عَلِيٍّ ، فَكَتَبتَ إلَيهِ : اُقتُل مَن كانَ عَلى دينِ عَلِيٍّ ورَأيِهِ ؟ فَقَتَّلَهُم ومَثَّلَ بِهِم بِأَمرِكَ ، ودينُ عَلِيٍّ دينُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله الَّذي كانَ يَضرِبُ عَلَيهِ أباكَ ، وَالَّذِي انتِحالُكَ ۱ إيّاهُ أجلَسَكَ مَجلِسَكَ هذا ،ولَولا هُوَ كانَ أفضَلُ شَرَفِكَ تَجَشُّمَ ۲ الرِّحلَتَينِ في طَلَبِ الخُمورِ .
وقُلتَ : اُنظُر لِنَفسِكَ ودينِكَ وَالاُمَّةِ ، وَاتَّقِ شَقَّ عَصَا الاُلفَةِ ، وأن تَرُدَّ النّاسَ إلَى الفِتنَةِ ! فَلا أعلَمُ فِتنَةً عَلَى الاُمَّةِ أعظَمَ مِن وِلايَتِكَ عَلَيها ، ولا أعلَمُ نَظَرا لِنَفسي وديني أفضَلَ مِن جِهادِكَ ، فَإِن أفعَلهُ فَهُوَ قُربَةٌ إلى رَبّي ، وإن أترُكهُ فَذَنبٌ أستَغفِرُ اللّهَ مِنهُ في كَثيرٍ مِن تَقصيري ، وأسأَلُ اللّهَ تَوفيقي لِأَرشَدِ اُموري .
وأمّا كَيدُكَ إيّايَ ، فَلَيسَ يَكونُ عَلى أحَدٍ أضَرَّ مِنهُ عَلَيكَ ، كَفِعلِكَ بِهؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذينَ قَتَلتَهُم ومَثَّلتَ بِهِم بَعدَ الصُّلحِ مِن غَيرِ أن يَكونوا قاتَلوكَ ولا نَقَضوا عَهدَكَ ، إلّا مَخافَةَ أمرٍ لَو لَم تَقتُلهُم مِتَّ قَبلَ أن يَفعَلوهُ ، أو ماتوا قَبلَ أن يُدرِكوهُ . فَأَبشِر يا مُعاوِيَةُ بِالقِصاصِ ، وأيقِن بِالحِسابِ ، وَاعلَم أنَّ للّهِِ كِتابا لا يُغادِرُ صَغيرَةً ولا كَبيرَةً إلّا أحصاها ، ولَيسَ اللّهُ بِناسٍ لَكَ أخذَكَ بِالظِّنَّةِ ، وقَتلَكَ أولِياءَهُ عَلَى الشُّبهَةِ وَالتُّهمَةِ ، وأخذَكَ النّاسَ بِالبَيعَةِ لِابنِكَ غُلامٍ سَفيهٍ يَشرَبُ الشَّرابَ ويَلعَبُ بِالكِلابِ ، ولا أعلَمُكَ إلّا خَسِرتَ نَفسَكَ ، وأوبَقتَ ۳ دينَكَ ، وأكَلتَ أمانَتَكَ ، وغَشَشتَ رَعِيَّتَكَ ،وتَبَوَّأتَ مَقعَدَكَ مِنَ النّارِ ، فَبُعدا لِلقَومِ الظّالِمينَ ! ۴
1.فلان ينتحل مذهب كذا وقبيلة كذا ؛ إذا انتسب إليه (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۲۷ «نحل») .
2.جشمت الأمر ـ بالكسر ـ : إذا تكلّفته على مشقّة (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۸۸ «جشم») .
3.تُوبِقُ دِينَكَ : أي تُهلكه وتضيّعه (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۹۰۰ «وبق») .
4.أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۱۲۸ ، الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۰۱ و ۲۰۲ نحوه .