169
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

جُذوعِ النَّخلِ ؛ كَأَنَّكَ لَستَ مِنَ الاُمَّةِ وكَأَنَّها لَيسَت مِنكَ ، وقَد قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله :«مَن ألحَقَ بِقَومٍ نَسَبا لَيسَ لَهُم فَهُوَ مَلعونٌ» ؟
أوَلَستَ صاحِبَ الحَضرَمِيّينَ الَّذينَ كَتَبَ إلَيكَ ابنُ سُمَيَّةَ أنَّهُم عَلى دينِ عَلِيٍّ ، فَكَتَبتَ إلَيهِ : اُقتُل مَن كانَ عَلى دينِ عَلِيٍّ ورَأيِهِ ؟ فَقَتَّلَهُم ومَثَّلَ بِهِم بِأَمرِكَ ، ودينُ عَلِيٍّ دينُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله الَّذي كانَ يَضرِبُ عَلَيهِ أباكَ ، وَالَّذِي انتِحالُكَ ۱ إيّاهُ أجلَسَكَ مَجلِسَكَ هذا ،ولَولا هُوَ كانَ أفضَلُ شَرَفِكَ تَجَشُّمَ ۲ الرِّحلَتَينِ في طَلَبِ الخُمورِ .
وقُلتَ : اُنظُر لِنَفسِكَ ودينِكَ وَالاُمَّةِ ، وَاتَّقِ شَقَّ عَصَا الاُلفَةِ ، وأن تَرُدَّ النّاسَ إلَى الفِتنَةِ ! فَلا أعلَمُ فِتنَةً عَلَى الاُمَّةِ أعظَمَ مِن وِلايَتِكَ عَلَيها ، ولا أعلَمُ نَظَرا لِنَفسي وديني أفضَلَ مِن جِهادِكَ ، فَإِن أفعَلهُ فَهُوَ قُربَةٌ إلى رَبّي ، وإن أترُكهُ فَذَنبٌ أستَغفِرُ اللّهَ مِنهُ في كَثيرٍ مِن تَقصيري ، وأسأَلُ اللّهَ تَوفيقي لِأَرشَدِ اُموري .
وأمّا كَيدُكَ إيّايَ ، فَلَيسَ يَكونُ عَلى أحَدٍ أضَرَّ مِنهُ عَلَيكَ ، كَفِعلِكَ بِهؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذينَ قَتَلتَهُم ومَثَّلتَ بِهِم بَعدَ الصُّلحِ مِن غَيرِ أن يَكونوا قاتَلوكَ ولا نَقَضوا عَهدَكَ ، إلّا مَخافَةَ أمرٍ لَو لَم تَقتُلهُم مِتَّ قَبلَ أن يَفعَلوهُ ، أو ماتوا قَبلَ أن يُدرِكوهُ . فَأَبشِر يا مُعاوِيَةُ بِالقِصاصِ ، وأيقِن بِالحِسابِ ، وَاعلَم أنَّ للّهِِ كِتابا لا يُغادِرُ صَغيرَةً ولا كَبيرَةً إلّا أحصاها ، ولَيسَ اللّهُ بِناسٍ لَكَ أخذَكَ بِالظِّنَّةِ ، وقَتلَكَ أولِياءَهُ عَلَى الشُّبهَةِ وَالتُّهمَةِ ، وأخذَكَ النّاسَ بِالبَيعَةِ لِابنِكَ غُلامٍ سَفيهٍ يَشرَبُ الشَّرابَ ويَلعَبُ بِالكِلابِ ، ولا أعلَمُكَ إلّا خَسِرتَ نَفسَكَ ، وأوبَقتَ ۳ دينَكَ ، وأكَلتَ أمانَتَكَ ، وغَشَشتَ رَعِيَّتَكَ ،وتَبَوَّأتَ مَقعَدَكَ مِنَ النّارِ ، فَبُعدا لِلقَومِ الظّالِمينَ ! ۴

1.فلان ينتحل مذهب كذا وقبيلة كذا ؛ إذا انتسب إليه (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۲۷ «نحل») .

2.جشمت الأمر ـ بالكسر ـ : إذا تكلّفته على مشقّة (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۸۸ «جشم») .

3.تُوبِقُ دِينَكَ : أي تُهلكه وتضيّعه (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۹۰۰ «وبق») .

4.أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۱۲۸ ، الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۰۱ و ۲۰۲ نحوه .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
168

فَانظُر لِنَفسِكَ ودينِكَ «وَ لَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ » ۱ .
فَكَتَبَ إلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام : أمّا بَعدُ ، فَقَد بَلَغَني كِتابُكَ تَذكُرُ أنَّهُ بَلَغَتكَ عَنّي اُمورٌ تَرغَبُ عَنها ، فَإِن كانَت حَقّا لَم تُقارَّني عَلَيها ، ولَن يَهدِيَ إلَى الحَسَناتِ ويُسَدِّدَ لَها إلَا اللّهُ . فَأَمّا ما نُمِّيَ إلَيكَ فَإِنّما رَقّاهُ المَلّاقونَ ۲ المَشّاؤونَ بِالنَّمائِمِ ۳ ، المُفَرِّقونَ بَينَ الجَميعِ ، وما أريدُ حَربا لَكَ ولا خِلافا عَلَيكَ ، وَايمُ اللّهِ لَقَد تَرَكتُ ذلِكَ وأنَا أخافُ اللّهَ في تَركِهِ ، وما أظُنُّ اللّهَ راضِيا عَنّي بِتَركِ مُحاكَمَتِكَ إلَيهِ ، ولا عاذِري دونَ الإِعذارِ إلَيهِ فيكَ وفي أولِيائِكَ القاسِطينَ المُلحِدينَ ، حِزبِ الظّالِمينَ وأولِياءِ الشَّياطينِ .
ألَستَ قاتِلَ حُجرِ بنِ عَدِيٍّ وأصحابِهِ المُصَلّينَ العابِدينَ ، الَّذينَ يُنكِرونَ الظُّلمَ ويَستَعظِمونَ البِدَعَ ولا يَخافونَ فِي اللّهِ لَومَةَ لائِمٍ ، ظُلما وعُدوانا ، بَعدَ إعطائِهِمُ الأَمانَ بِالمَواثيقِ وَالأَيمانِ المُغَلَّظَةِ ؟
أوَلَستَ قاتِلَ عَمرِو بنِ الحَمِقِ صاحِبِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، الَّذي أبلَتهُ العِبادَةُ وصَفَّرَت لَونَهُ وأنحَلَت جِسمَهُ ؟
أوَلَستَ المُدَّعِيَ زِيادَ بنَ سُمَيَّةَ المَولودَ عَلى فِراشِ عُبَيدِ عَبدِ ثَقيفٍ ، وزَعَمتَ أنَّهُ ابنُ أبيكَ ، وقَد قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «الوَلَدُ لِلفِراشِ ولِلعاهِرِ الحَجَرُ» ، فَتَرَكتَ سُنَّهَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وخالَفتَ أمرَهُ مُتَعَمِّدا ، وَاتَّبَعتَ هَواكَ مُكَذِّبا بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّهِ ،
ثُمَّ سَلَّطتَهُ عَلَى العِراقَينِ ۴ فَقَطَعَ أيدِي المُسلِمينَ وسَمَلَ ۵ أعيُنَهُم ، وصَلَبَهُم عَلى

1.الروم : ۶۰ .

2.المَلَقُ : الزيادة في التودّد والدعاء والتضرّع فوق ما ينبغي (النهاية : ج ۴ ص ۳۵۸ «ملق») .

3.النَمُّ : إظهار الحديث بالوشاية ، والنميمة : الوشاية ، ورجل نمّام (مفردات ألفاظ القرآن : ص ۸۲۵ «نمم») .

4.العِراقان : البصرة والكوفة (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۲۴۸ «عرق») .

5.سملُ العين : فقؤها (الصحاح : ج ۵ ص ۱۷۳۲ «سمل») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4759
صفحه از 448
پرینت  ارسال به