163
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

يا مُعاوِيَةَ ، لا تُكرِههُ ؛ فَإنَّهُ لَن يُبايِعَ أبَدَا أو يُقتَلَ ، ولَن يُقتَلَ حَتّى يُقتَلَ أهلُ بَيتِهِ ، ولَن يُقتَلَ أهلُ بَيتِهِ حَتّى يُقتَلَ أهلُ الشّامِ . ۱
ليس صحيحا ؛ لأنّه ـ مضافا إلى الأسباب الّتي سبق ذكرها ـ لو لم يكن الإمام الحسين عليه السلام قد بايع معاوية، لكانت دوافع نقلها كثيرة ، في حين أنّ الروايات العديدة للمصادر المعتبرة تؤيّد بيعته، ولم يرد موضوع عدم مبايعته إلّا في نقلين ، مع أنّ ناقل أحدهما ـ أي المناقب لابن شهرآشوب ـ نقل خلاف ذلك أيضا في رواية اُخرى . ۲
وبالإضافة إلى جميع هذه القرائن، فإنّ أفضل شاهد على عدم صحّة الرواية المذكورة هو نصّها ؛ لأنّه يقول : «... لن يقتل أهل بيته حتّى يقتل أهل الشام» ، في حين أنّه عليه السلام استشهد هو وأهل بيته ولم يتضرّر أهل الشام.
ومع الأخذ بنظر الاعتبار ما مرّ ذكره، يبدو أنّ هذا النوع من الإشاعات تمّت إثارتها من جانب أعداء أهل البيت بهدف توجيه ضربة إلى هذه الاُسرة، أو أنّ النهجَين السياسيّين المختلفين لهذين الإمامين ، واللّذين كانا قائمين على اختلاف الظروف السياسية في عصر إمامتهما، هيّئا الأرضية للتحليلات التاريخيّة المختلفة ، ثمّ تحوّل التحليل التاريخي من جانب الأشخاص الجهلة إلى رواية تاريخية شيئا فشيئا.

۳ . الحرب الدعائية ضدّ معاوية والتمهيد للثورة

رغم أنّ الإمام الحسين عليه السلام دافع عن الصلح مع معاوية اتّباعا للإمام الحسن عليه السلام ، ولرعاية مصالح الاُمّة الإسلامية، بل إنّه هو نفسه بايع معاوية أيضا ، ولكن لم يترك أيّة فرصة لمحاربة معاوية من الناحية الإعلامية ، والانتقاد

1.المناقب لابن شهر آشوب : ج ۴ ص ۳۵ ؛ الفتوح : ج ۴ ص ۲۹۲ .

2.المناقب لابن شهر آشوب : ج ۴ ص ۸۷ وفيه : «لمّا مات الحسن بن علي عليه السلام استدعي الحسين عليه السلام في خلع معاوية ، فقال : إنّ بيني وبين معاوية عهدا لا يجوز نقضه» .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
162

المعتبرة ۱ تفيد بأنّه دافع بحزم عن الصلح مع معاوية ، بل إنّه بايع معاوية، وعندما طلب قيس بن سعد منه أن يبدي رأيه في هذا المجال أعلن بصراحة ـ استنادا إلى رواية الكشّي ـ :
«يا قَيسُ ، إنَّهُ إمامي» يعني الحسنَ عليه السلام . ۲
بل إنّه لم ينقض بيعته لمعاوية حتّى بعد شهادة الإمام الحسن عليه السلام . وأمّا ما قيل من أنّ الإمام الحسين عليه السلام لم يبايع معاوية، أو أنّه لم يكن راضيا عن مصالحة أخيه لمعاوية ۳ ـ كما ظنّ ذلك بعض الكتّاب مثل طه حسين ۴ ـ فإنّ ذلك يخالف الواقع للأسباب التالية :
أولاً : إنّ هذه الروايات معارضة بما جاء في المصادر المعتبرة.
ثانيا : حتّى إذا لم نأخذ بنظر الاعتبار موضوع عصمة أهل البيت عليهم السلام ، فإنّ المصالح السياسية والاجتماعية لأهل بيت الرسالة لم تكن تستوجب أن يختلف هذان الإمامان في قضيةٍ تبلغ هذا الحدّ من الأهمّية .
ثالثا : واصل الإمام الحسين عليه السلام بعد شهادة أخيه نهج المصالحة الذي كان أخوه قد اتّبعه من قبل، مادام معاوية على قيد الحياة، أي حتّى عشر سنوات
تلت ذلك .
وعلى هذا، فإنّ ما جاء في المناقب لابن شهرآشوب والفتوح لابن أعثم من قولهما :
طلب معاوية البيعة من الحسين عليه السلام فقال الحسن عليه السلام :

1.راجع : ص ۱۴۵ (الفصل الأوّل / تصديقه رأي أخيه في الصلح) .

2.راجع : ص ۱۴۹ ح ۷۲۸ .

3.تهذيب الكمال : ج ۶ ص ۲۴۸ ، سير اعلام النبلاء : ج ۳ ص ۲۶۵، اُسد الغابة : ج ۲ ص ۲۷ ، تاريخ دمشق : ج ۱۳ ص ۲۶۷ .

4.انقلاب بزرگ «بالفارسيّة» : ج ۲ ص ۲۱۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4578
صفحه از 448
پرینت  ارسال به