153
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

ـ إلى أن قالَ ـ : اُكتُب :
هذا ما أوصى بِهِ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ إلى أخيهِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ : أوصى أنَّهُ يَشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وأنَّهُ يَعبُدُهُ حَقَّ عِبادَتِهِ ، لا شَريكَ لَهُ فِي المُلكِ ، ولا وَلِيَّ لَهُ مِنَ الذُّلِّ ، وأنَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقديرا ، وأنَّهُ أولى مَن عُبِدَ وأحَقُّ مَن حُمِدَ ، مَن أطاعَهُ رَشَدَ ، ومَن عَصاهُ غَوى ، ومَن تابَ إلَيهِ اهتَدى .
فَإِنّي اُوصيكَ يا حُسَينُ بِمَن خَلَّفتُ مِن أهلي ووُلدي وأهلِ بَيتِكَ ، أن تَصفَحَ عَن مُسيئِهِم ، وتَقبَلَ مِن مُحسِنِهِم ، وتَكونَ لَهُم خَلَفا ووالِدا ، وأن تَدفِنَني مَعَ جَدّي رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؛ فَإِنّي أحَقُّ بِهِ وبِبَيتِهِ مِمَّن اُدخِلَ بَيتَهُ بِغَيرِ إذنِهِ ولا كِتابٍ جاءَهُم مِن بَعدِهِ ، قالَ اللّهُ تَعالى فيما أنزَلَهُ عَلى نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله في كِتابِهِ : «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِىِّ إِلَا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ» ۱ فَوَاللّهِ ما أذِنَ لَهُم فِي الدُّخولِ عَلَيهِ في حَياتِهِ بِغَيرِ إذنِهِ ، ولا جاءَهُمُ الإِذنُ في ذلِكَ مِن بَعدِ وَفاتِهِ ، ونَحنُ مَأذونٌ لَنا فِي التَّصَرُّفِ فيما وَرِثناهُ مِن بَعدِهِ ، فَإِن أبَت عَلَيكَ الاِمرَأَةُ فَأَنشُدُكَ بِالقَرابَةِ الَّتي قَرَّبَ اللّهُ عز و جل مِنكَ ، وَالرَّحِمِ الماسَّةِ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ألّا تُهَريقَ فِيَّ مِحجَمَةً مِن دَمٍ حَتّى نَلقى رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَنَختَصِمَ إلَيهِ ، ونُخبِرَهُ بِما كانَ مِنَ النّاسِ إلَينا بَعدَهُ . ثُمَّ قُبِضَ عليه السلام .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ ـ [بَعدَ شَهادَةِ الإِمامِ الحَسَنِ عليه السلام ] ـ : فَدَعانِي الحُسَينُ عليه السلام وعَبدَ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ وعَلِيَّ بنَ عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ ، فَقالَ : اِغسِلُوا ابنَ عَمِّكُم ، فَغَسَّلناهُ وحَنَّطناهُ وألبَسناهُ أكفانَهُ ، ثُمَّ خَرَجنا بِهِ حَتّى صَلَّينا عَلَيهِ فِي المَسجِدِ ، وإنَّ الحُسَينَ عليه السلام أمَرَ أن يُفتَحَ البَيتُ ، فَحالَ دونَ ذلِكَ مَروانُ بنُ الحَكَمِ وآلُ أبي سُفيانَ ومَن حَضَرَ هُناكَ مِن وُلدِ عُثمانَ بنِ عَفّانَ ، وقالوا : أيُدفَنُ أميرُ المُؤمِنينَ عُثمانُ الشَّهيدُ القَتيلُ ظُلما بِالبَقيعِ بِشَرِّ مَكانٍ ، ويُدفَنُ الحَسَنُ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؟ وَاللّهِ لا يَكونُ ذلِكَ أبَدا حَتّى تَكَسَّرَ

1.الأحزاب : ۵۳ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
152

لكِنَّهُ عليه السلام كانَ أعلَمَ بِاللّهِ ورَسولِهِ وبِحُرمَةِ قَبرِهِ مِن أن يَطرُقَ عَلَيهِ هَدما كَما طَرَقَ ذلِكَ غَيرُهُ ، ودَخَلَ بَيتَهُ بِغَيرِ إذنِهِ .
ثُمَّ أقبَلَ عَلى عائِشَةَ فَقالَ لَها : وَاسَوأَتاه ! يَوما عَلى بَغلٍ ويَوما عَلى جَمَلٍ ، تُريدينَ أن تُطفِئي نورَ اللّهِ ، وتُقاتِلينَ أولِياءَ اللّهِ ، ارجِعي فَقَد كُفِيتِ الَّذي تَخافينَ وبَلَغتِ ما تُحِبّينَ ، وَاللّهُ تَعالى مُنتَصِرٌ لِأَهلِ هذَا البَيتِ ولَو بَعدَ حينٍ .
وقالَ الحُسَينُ عليه السلام : وَاللّهِ لَولا عَهدُ الحَسَنِ عليه السلام إلَيَّ بِحَقنِ الدِّماءِ ، وألّا اُهَريقَ في أمرِهِ مِحجَمَةَ دَمٍ ، لَعَلِمتُم كَيفَ تَأخُذُ سُيوفُ اللّهِ مِنكُم مَأخَذَها ، وقَد نَقَضتُمُ العَهدَ بَينَنا وبَينَكُم ، وأبطَلتُم مَا اشتَرَطنا عَلَيكُم لِأَنفُسِنا .
ومَضَوا بِالحَسَنِ عليه السلام فَدَفَنوهُ بِالبَقيعِ عِندَ جَدَّتِهِ فاطِمَةَ بِنتِ أسَدِ بنِ هاشِمِ بنِ عَبدِ مَنافٍ رَضِيَ اللّهُ عَنها وأسكَنَها جَنّاتِ النَّعيمِ . ۱

۷۳۲.الأمالي للطوسي عن ابن عبّاس :دَخَلَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام عَلى أخيهِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام في مَرَضِهِ الَّذي تُوُفِّيَ فيهِ ، فَقالَ لَهُ : كَيفَ تَجِدُكَ يا أخي ؟
قالَ : أجِدُني في أوَّلِ يَومٍ مِن أيّامِ الآخِرَةِ وآخِرِ يَومٍ مِن أيّامِ الدُّنيا ، وَاعلَم أنّي لا أسبِقُ أجَلي ، وأنّي وارِدٌ عَلى أبي وجَدّي عليهماالسلام ، عَلى كُرهٍ مِنّي لِفِراقِكَ وفِراقِ إخوَتِكَ وفِراقِ الأَحِبَّةِ ، وأستَغفِرُ اللّهَ مِن مَقالَتي هذِهِ وأتوبُ إلَيهِ ، بَل عَلى مَحَبَّةٍ مِنّي لِلِقاءِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وأميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام ولِقاءِ فاطِمَةَ عليهاالسلام وحَمزَةَ وجَعفَرٍ ، وفِي اللّهِ عز و جل خَلَفٌ مِن كُلِّ هالِكٍ ، وعَزاءٌ مِن كُلِّ مُصيبَةٍ ، ودَرَكٌ مِن كُلِّ ما فاتَ .

1.الإرشاد : ج ۲ ص ۱۷ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۱۱ ، روضة الواعظين : ص ۱۸۵ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۱۴ عن زياد المحاربي وفيه صدره إلى «بغل» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۵۶ ح ۲۵ وراجع : مقاتل الطالبيّين : ص ۸۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4756
صفحه از 448
پرینت  ارسال به