147
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی

فَانصَرَفوا عَنهُ ، فَلَم يَكُن شَيءٌ أحَبَّ إلَيهِم وإلَى الشّيعَةِ مِن هَلاكِ مُعاوِيَةَ ، وهُم يَأخُذونَ أعطِيَتَهُم ويَغزونَ مَغازِيَهُم .
قالوا : وشَخَصَ ۱ مُحَمَّدُ بنُ بِشرٍ الهَمدانِيُّ وسُفيانُ بنُ لَيلَى الهَمدانِيُّ إلَى الحَسَنِ عليه السلام ، وعِندَهُ الشّيعَةُ الَّذينَ قَدِموا عَلَيهِ أوَّلاً ، فَقالَ لَهُ سُفيانُ ـ كَما قالَ لَهُ بِالعِراقِ ـ : السَّلامُ عَلَيكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، فَقالَ لَهُ : اِجلِس للّهِِ أبوكَ ۲ ! وَاللّهِ لَو سِرنا إلى مُعاوِيَةَ بِالجِبالِ وَالشَّجَرِ ما كانَ إلَا الَّذي قُضِيَ .
ثُمَّ أتَيَا الحُسَينَ عليه السلام فَقالَ : لِيَكُن كُلُّ امرِئٍ مِنكُم حِلسا مِن أحلاسِ بَيتِهِ ما دامَ هذَا الرَّجُلُ [مُعاوِيَةُ ]حَيَّا ، فَإِن يَهلِك وأنتُم أحياءٌ رَجَونا أن يَخيرَ اللّهُ لَنا ويُؤتِيَنا رُشدَنا ولا يَكِلَنا إلى أنفُسِنا «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّ الَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ » . ۳
قالوا : وكانَ حُجرُ بنُ عَدِيٍّ أوَّلَ مَن ذَمَّ الحَسَنَ عليه السلام عَلَى الصُّلحِ ، وقالَ لَهُ قَبلَ خُروجِهِ مِنَ الكوفَةِ : خَرَجنا مِنَ العَدلِ ودَخَلنا فِي الجَورِ ، وتَرَكنَا الحَقَّ الَّذي كُنّا عَلَيهِ ودَخَلنا فِي الباطِلِ الَّذي كُنّا نَذُمُّهُ ! واُعطينَا الدَّنِيَّةَ ورَضينا بِالخَسيسَةِ ، وطَلَبَ القَومُ أمرا وطَلَبنا أمرا ، فَرَجَعوا بِما أحَبّوا مُسرورينَ ، ورَجَعنا بِما كَرِهنا راغِمينَ !
فَقالَ لَهُ : يا حُجرُ ، لَيسَ كُلُّ النّاسِ يُحِبُّ ما أحبَبتَ ، إنّي قَد بَلَوتُ النّاسَ ، فَلَو كانوا مِثلَكَ في نِيَّتِكَ وبَصيرَتِكَ لَأَقدَمتُ .
وأتَى الحُسَينَ عليه السلام فَقالَ لَهُ : يا أبا عَبدِ اللّهِ ، شَرَيتُمُ العِزَّ بِالذُّلِّ ! وقَبِلتُمُ القَليلَ بِتَركِ الكَثيرِ ، أطِعنِي اليَومَ وَاعصِني سائِرَ الدَّهرِ ، دَع رَأيَ الحَسَنِ عليه السلام وَاجمَع شيعَتَكَ ، ثُمَّ

1.شَخَصَ من بلدٍ إلى بلد شُخوصا : أي ذهب (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۴۳ «شخص») .

2.للّه أبوك : في معرض المدح والتعجّب : أي أبوك للّه خالصا حيث أنجب بك واُتى بمثلك (النهاية : ج ۱ ص ۱۹) .

3.النحل : ۱۲۸ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
146

وتُحارِبونَ مَن حارَبتُ ، وتُسالِمونَ مَن سالَمتُ .
فَلَمّا سَمِعوا ذلِكَ ارتابوا وأمسَكوا أيدِيَهُم وقَبَضَ هُوَ يَدَهُ . ۱
فَأَتَوُا الحُسَينَ عليه السلام ، فَقالوا لَهُ : اُبسُط يَدَكَ نُبايِعكَ عَلى ما بايَعنا عَلَيهِ أباكَ ، وعَلى حَربِ المُحِلّينَ الضّالّينَ أهلِ الشّامِ ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : مَعاذَ اللّهِ أن اُبايِعَكُم ما كانَ الحَسَنُ حَيّا ! ۲

۷۲۴.الأخبار الطوال :دَخَلَ [حُجرُ بنُ عَدِيٍّ] عَلَى الحُسَينِ عليه السلام مَعَ عُبَيدَةَ بنِ عَمرٍو ، فَقالا : أبا عَبدِ اللّهِ ، شَرَيتُمُ الذُّلَّ بِالعِزِّ ، وقَبِلتُمُ القَليلَ وتَرَكتُمُ الكَثيرَ ، أطِعنَا اليَومَ وَاعصِنَا الدَّهرَ ، دَعِ الحَسَنَ عليه السلام وما رَأى مِن هذَا الصُّلحِ ، وَاجمَع إلَيكَ شيعَتَكَ مِن أهلِ الكوفَةِ وغَيرِها ، ووَلِّني وصاحِبي هذِهِ المُقَدِّمَةَ ، فَلا يُشعِرُ ابنُ هِندٍ إلّا ونَحنُ نُقارِعُهُ بِالسُّيوفِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام ، إنّا قَد بايَعنا وعاهَدنا ولا سَبيلَ لِنَقضِ بَيعَتِنا . ۳

۷۲۵.أنساب الأشراف :لَمّا بايَعَ الحَسَنُ عليه السلام مُعاوِيَةَ ومَضى ، تَلاقَتِ الشّيعَةُ بِإِظهارِ الحَسرَةِ وَالنَّدَمِ عَلى تَركِ القِتالِ وَالإِذعانِ بِالبَيعَةِ ، فَخَرَجَت إلَيهِ جَماعَةٌ مِنهُم فَخَطَّؤوهُ فِي الصُّلحِ ، وعَرَضوا لَهُ بِنَقضِ ذلِكَ ، فَأَباهُ وأجابَهُم بِخِلافِ ما أرادوهُ عَلَيهِ .
ثُمَّ إنَّهُم أتَوُا الحُسَينَ عليه السلام فَعَرَضوا عَلَيهِ ما قالوا لِلحَسَنِ عليه السلام ، وأخبَروهُ بِما رَدَّ عَلَيهِم ، فَقالَ : قَد كانَ صُلحٌ وكانَت بَيعَةٌ كُنتُ لَها كارِها ، فَانتَظِروا ما دامَ هذَا الرَّجُلُ [مُعاوِيَةَ] حَيّا ، فَإِن يَهلِك نَظَرنا ونَظَرتُم .

1.في زمان خلافة الإمام عليّ عليه السلام لم يؤدّ الكوفيّون ما عليهم تجاه الإمام عليه السلام ، وبناءً على هذا فلو صحّ وقوع مثل هذه الحوادث فهو لعدم الوثوق بهم وعدم الاعتماد عليهم .

2.الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۱۸۳ .

3.الأخبار الطوال : ص ۲۲۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الثّانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4676
صفحه از 448
پرینت  ارسال به