رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله واُمّي فاطِمَةُ الزَّهراءُ وأبي عَلِيٌّ وأخِي الحَسَنُ ! يا بَقِيَّةَ الماضينَ وثِمالَ الباقينَ .
فَقالَ لَها الحُسَينُ عليه السلام : يا اُختي! لَو تُرِكَ القَطا لَنامَ .
قالَت : فَإِنَّما تُغتَصَبُ نَفسُكَ اغتِصابا ، فَذاكَ أطوَلُ لِحُزني ، وأشجى لِقَلبي ! وخَرَّت مَغشِيّا عَلَيها ، فَلَم يَزَل يُناشِدُها ، وَاحتَمَلَها حَتّى أدخَلَهَا الخِباءَ . ۱
۱۶۰۱.أنساب الأشرافـ عن الامام زين العابدين عليه السلام ـ :كانَ مَعَ الحُسَينِ عليه السلام حُوَيٌّ مَولى أبي ذَرٍّ الغِفارِيِّ ، فَجَعَلَ يُعالِجُ سَيفَهُ ويُصلِحُهُ ، ويَقولُ :
يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِكَم لَكَ بِالإِشراقِ وَالأَصيلِ
مِن طالِبٍ و صاحِبٍ قَتيلِوَالدَّهرُ لا يَقنَعُ بِالبَديلِ
وإنَّمَا الأَمرُ إلَى الجَليلِوكُلُّ حَيٍّ سالِكٌ سَبيلِ
ورَدَّدَها حَتّى حَفِظتُ ، وسَمِعَتها زَينَبُ بِنتُ عَلِيٍّ عليهاالسلام ، فَنَهَضَت إلَيهِ تَجُرُّ ثَوبَها وهِيَ تَقولُ : واثُكلاه ! لَيتَ المَوتَ أعدَمَنِي الحَياةَ ! اليَومَ ماتَت فاطِمَةُ اُمّي وعَلِيٌّ أبي وَالحَسَنُ أخي ! يا خَليفَةَ الماضي وثِمالَ الباقي .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : يا اُخَيَّةُ ، لا يُذهِبَنَّ حِلمَكِ الشَّيطانُ .
قالَت : أتَغتَصِبُ نَفسَكَ اغتِصابا ؟! ثُمَّ لَطَمَت وَجهَها ، وشَقَّت جَيبَها ، وهُوَ يُعَزّيها ويُصَبِّرُها. ۲
۱۶۰۲.الملهوف :نَزَلَ الحُرُّ وأصحابُهُ ناحِيَةً ، وجَلَسَ الحُسَينُ عليه السلام يُصلِحُ سَيفَهُ ، ويَقولُ :
يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِكَم لَكَ بِالإِشراقِ وَالأَصيلِ
مِن طالِبٍ و صاحِبٍ قَتيلِوَالدَّهرُ لا يَقنَعُ بِالبَديلِ
وإنَّمَا الأَمرُ إلَى الجَليلِوكُلُّ حَيٍّ فَإِلى سَبيلِ
ما أقرَبَ الوَعدَ إلَى الرَّحيلِإلى جِنانٍ وإلى مَقيلِ
قالَ الرّاوي : فَسَمِعَت زَينَبُ ابنَةُ فاطِمَةَ عليهاالسلام ذلِكَ فَقالَت : يا أخي! هذا كَلامُ مَن قَد أيقَنَ بِالقَتلِ .
فَقالَ : نَعَم يا اُختاه ! فَقالَت زَينَبُ عليهاالسلام : واثُكلاه ، يَنعى إلَيَّ الحُسَينُ عليه السلام نَفسَهُ !!
قالَ : وبَكَى النِّسوَةُ ، ولَطَمنَ الخُدودَ ، وشَقَقنَ الجُيوبَ ، وجَعَلَت اُمُّ كُلثومٍ تُنادي : وامُحَمّداه ! واعَلِيّاه ! وااُمّاه ! وافاطِمَتاه ! واحَسَناه ! واحُسَيناه ! واضَيعَتاه بَعدَكَ يا أبا عَبدِ اللّهِ !
قالَ : فَعَزّاهَا الحُسَينُ عليه السلام وقالَ لَها : يا اُختاه تَعَزَّي بِعَزاءِ اللّهِ ، فَإِنَّ سُكّانَ السَّماواتِ يَموتونَ ، وأهلَ الأَرضِ لا يَبقَونَ ، وجَميعَ البَرِيَّةِ يَهلِكونَ .
ثُمَّ قالَ : يا اُختاه يا اُمَّ كُلثومٍ! وأنتِ يا زَينَبُ! وأنتِ يا رُقَيَّةُ! وأنتِ يا فاطِمَةُ! وأنتِ يا رَبابُ! اُنظُرنَ إذا أنَا قُتِلتُ ، فَلا تَشقُقنَ عَلَيَّ جَيبا ، ولا تَخمُشنَ عَلَيَّ وَجها ، ولا تَقُلنَ عَلَيَّ هُجرا .
ورُوِيَ مِن طَريقٍ آخَرَ : أنَّ زَينَبَ عليهاالسلام لَمّا سَمِعَتِ الأَبياتَ ـ وكانَت في مَوضِعٍ مُنفَرِدٍ عَنهُ مَعَ النِّساءِ وَالبَناتِ ـ خَرَجَت حاسِرَةً تَجُرُّ ثَوبَها ، حَتّى وَقَفَت عَلَيهِ ، وقالَت : واثُكلاه ! لَيتَ المَوتَ أعدَمَنِي الحَياةَ ! اليَومَ ماتَت اُمّي فاطِمَةُ الزَّهراءُ ، وأبي عَلِيٌّ المُرتَضى ، وأخِي الحَسَنُ الزَّكِيُّ ! يا خَليفَةَ الماضينَ وثِمالَ الباقينَ .
فَنَظَرَ الحُسَينُ عليه السلام إلَيها وقالَ : يا اُختاه لا يَذهَبَنَّ حِلمُكِ . فَقالَت : بِأَبي أنتَ واُمّي أسَتُقتَلُ؟! نَفسي لَكَ الفِداءُ .
فَرَدَّ غُصَّتَهُ وتَغَرغَرَت عَيناهُ بِالدُّموعِ ، ثُمَّ قالَ : هَيهاتَ هَيهاتَ! لَو تُرِكَ القَطا لَيلاً