207
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع

فَإِنّي أستَودِعُكُمُ اللّهَ . ۱
واستمرّ قائلاً :
مَن أحَبَّ مِنكُمُ الشَّهادَةَ فَليَقُم ، ومَن كَرِهَها فَليَتَقَدَّم .
فلم يقم معه منهم أحد . ۲ وبعد هذه اللحظة المصيريّة التحق زهيرٌ بصفوف أصحاب الإمام الراسخين ، بحيث أنّه حينما خاطب الإمام عليه السلام أصحابه :
ألا وإنّي لَأَظُنُّ إنّه آخِرُ يَومٍ لَنا مِن هؤُلاءِ . ألا وإنّي قَد أذِنتُ لَكُم ، فَانطَلِقوا جَميعاً في حِلّ ، لَيسَ عَلَيكُم مِنّي ذِمامٌ ، هذَا اللَّيلُ قَد غَشِيَكُم ، فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً . ۳
فوقف زهير وأبدى وفاءه للإمام بهذه العبارات الجميلة والعجيبة :
وَاللّهِ ، لَوَدِدتُ أنّي قُتِلتُ ، ثُمَّ نُشِرتُ ، ثُمَّ قُتِلتُ حَتّى اُقتَلَ كَذا ألفَ قَتلَةٍ ، وأنَّ اللّهَ يَدفَعُ بِذلِكَ القَتلَ عَن نَفسِكَ وعَن أنفُسِ هؤُلاءِ الفِتيَةِ مِن أهلِ بَيتِكَ . ۴
وفي ظهر عاشوراء وقف زهير إلى جانب سعد بن عبد اللّه الحنفيّ مع النصف الباقين من أصحاب الإمام ليشكّلوا ساترا دفاعيّاً للإمام، فإنّهم وقفوا أمام الإمام وصلّى الإمام خلفهم ، ۵ وعندما هجم العدوّ على خيام أهل البيت عليهم السلام ، قاومهم زهير مع عشرة أفراد من أصحاب الإمام عليه السلام وأجبروهم على التراجع ، ۶ وأنشأ زهير هذه الأشعار مخاطباً بها الإمام الحسين عليه السلام :
اليَومَ نَلقى جَدَّكَ النَّبِيّاوحَسَنا وَالمُرتَضى عَلِيّا

1.راجع : ج ۳ ص ۳۴۱ ح ۱۴۵۱ .

2.راجع : ج ۳ ص ۳۳۹ ح ۱۴۴۹ .

3.الإرشاد : ج ۲ ص ۹۱ وراجع : هذه الموسوعة : ج ۴ ص ۶۲ (الفصل الأوّل / خطاب الإمام عليه السلام بأهل بيته وأصحابه وعرضه عليهم الانصراف عنه جميعاً) .

4.راجع : ص ۶۴ ح ۱۵۸۰ .

5.راجع : ص ۱۳۹ (الفصل الثاني / صلاة الجماعة بإمامة الحسين عليه السلام في ظهر عاشوراء) .

6.راجع : ص ۱۳۳ (الفصل الثاني / اشتداد القتال في نصف النهار) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع
206

مستبشر ، يدلّ على تغييرٍ أساسيّ في معنويّاته ، وأمر أن تنقل خيمته إلى مقربة من خيام الإمام الحسين عليه السلام . ۱
وقد أشار إلى هذا التغيير الذي طرأ عليه عندما وعظ جيش ابن زياد في عصر اليوم التاسع من محرّم ، فقالوا له :
يا زهير ، ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت ، إنّما كنت عثمانيّا !
فأجابهم زهير قائلاً :
أفَلَستَ تَستَدِلُّ بِمَوقِفي هذا أنّي مِنهُم ! أما وَاللّهِ ، ما كَتَبتُ إلَيهِ كِتابا قَطُّ ، ولا أرسَلتُ إلَيهِ رَسولاً قَطُّ ، ولا وَعَدتُهُ نُصرَتي قَطُّ ، ولكِنَّ الطَّريقَ جَمَعَ بَيني وبَينَهُ ، فَلَمّا رَأَيتُهُ ذَكَرتُ بِهِ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ومَكانَهُ مِنهُ ، وعَرَفتُ ما يُقدَمُ عَلَيهِ مِن عَدُوِّهِ وحِزبِكُم ، فَرَأَيتُ أن أنصُرَهُ ، وأن أكونَ في حِزبِهِ ، وأن أجعَلَ نَفسي دونَ نَفسِهِ ، حِفظا لِما ضَيَّعتُم مِن حَقِّ اللّهِ وحَقِّ رَسولِهِ صلى الله عليه و آله . ۲
ولا نعلم ما قاله الإمام عليه السلام لزهير في هذا اللقاء القصير ، إلّا أنّه يبدو من الكلام الذي أدلى به إلى أصحابه عند الوداع، بأنّ إحدى المسائل التي أبداها الإمام الحسين عليه السلام له ، هي التذكير بذكرى مهمّة وسارّة من ذكريات حرب بلنجر .
وبعد رجوعه من لدن الإمام عليه السلام حكى زهير هذه الذكرى لرفاقه لعلّه يستجذبهم معه، فخاطبهم قائلاً :
مَن أحَبَّ مِنكُم أن يَتبَعَني ، وإلّا فَإِنَّهُ آخِرُ العَهدِ ، إنّي سَاُحَدِّثُكُم حَديثا :
غَزَونا بَلَنجَرَ ، فَفَتَحَ اللّهُ عَلَينا ، وأصَبنا غَنائِمَ ، فَقالَ لَنا سَلمانُ الباهِلِيُّ : أفَرِحتُم بِما فَتَحَ اللّهُ عَلَيكُم ، وأصَبتُم مِنَ الغَنائِمِ ؟! فَقُلنا : نَعَم ، فَقالَ لَنا : إذا أدرَكتُم شَبابَ آلِ مُحَمَّدٍ فَكونوا أشَدَّ فَرَحا بِقِتالِكُم مَعَهُم مِنكُم بِما أصَبتُم مِنَ الغَنائِمِ ، فَأَمّا أنا ،

1.نفس المصدر .

2.راجع : ص ۵۷ ح ۱۵۷۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4115
صفحه از 444
پرینت  ارسال به