فَرَسَهُ لَمَضروبٌ عَلى اُذُنَيهِ وحاجِبِهِ ، وإنَّ الدِّماءَ لَتَسيلُ ، إذ قالَ الحُصَينُ بنُ نُمَيرٍ : يا يَزيدُ ، هذَا الحُرُّ الَّذي كُنتَ تَتَمَنّاهُ ، فَهَل لَكَ بِهِ ؟ قالَ : نَعَم ، وخَرَجَ إلَيهِ ، فَما لَبِثَ الحُرُّ أن قَتَلَهُ وقَتَلَ أربَعينَ فارِسا وراجِلاً ، ولَم يَزَل يُقاتِلُ حَتّى عُرقِبَ ۱ فَرَسُهُ ، وبَقِيَ راجِلاً ، فَجَعَلَ يُقاتِلُ وهُوَ يَقولُ :
إن تَعقِروا ۲
بي فَأَنَا ابنُ الحُرِّأشجَعُ مِن ذي لِبدَةٍ هِزَبرِ ۳
ولَستُ بِالخَوّارِ عِندَ الكَرِّلكِنَّنِي الثّابِتُ عِندَ الفَرِّ
ثُمَّ لَم يَزَل يُقاتِلُ حَتّى قُتِلَ ، فَاحتَمَلَهُ أصحابُ الحُسَينِ عليه السلام حَتّى وَضَعوهُ بَينَ يَدَيِ الحُسَينِ عليه السلام وبِهِ رَمَقٌ ، فَجَعَلَ الحُسَينُ عليه السلام يَمسَحُ التُّرابَ عَن وَجهِهِ ، وهُوَ يَقولُ لَهُ : أنتَ الحُرُّ كَما سَمَّتكَ بِهِ اُمُّكَ ، أنتَ الحُرُّ فِي الدُّنيا وأنتَ الحُرُّ فِي الآخِرَةِ . ثُمَّ رَثاهُ بعضُ أصحابِ الحُسَينِ عليه السلام ـ وقالَ الحاكِمُ الجُشَمِيُّ : بَل رَثاهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام ـ بِقَولِهِ :
لَنِعمَ الحُرُّ حُرُّ بَني رِياحِصَبورٌ عِندَ مُشتَبَكِ الرِّماحِ
ونِعمُ الحُرُّ إذ نادى حُسَينٌفَجادَ بِنَفسِهِ عِندَ الصِّياحِ
ورُوِيَ أنَّهُ كانَ يُنشِدُ عِندَ مُكافَحَتِهِ :
آلَيتُ لا اُقتَلُ حَتّى أقتُلاولا اُصابُ اليَومَ إلّا مُقبِلا
أضرِبُهُم بِالسَّيفِ ضَربا مُعضِلالا ناكِلاً ۴ فيهِم ولا مُهَلِّلا ۵
1.عرقبتُ الدابّةَ : قطعت عرقوبها . والعرقوب : عقب موتَّر خلف الكعبين (العين : ص ۵۳۴ «عرقب») .
2.عَقَر البعير بالسيف : ضرب قوائمه به (المصباح المنير : ص ۴۲۱ «عقر») .
3.الهزبر : الأسد (الصحاح : ج ۲ ص ۸۵۴ «هزبر») .
4.الناكِلُ : الجبان الضعيف (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۳۵ «نكل») .
5.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۲ ص ۹ ، الفتوح : ج۵ ص۱۰۱ ؛ بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۳ وراجع : مطالب السؤول : ص۷۶ و كشف الغمّة : ج۲ ص۲۶۲ .