191
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع

فَقالَ : يا أهلَ الكوفَةِ ! لِاُمِّكُمُ الهَبَلُ ۱ وَالعُبرُ ۲ ، إذ دَعَوتُموهُ حَتّى إذا أتاكُم أسلَمتُموهُ ، وزَعَمتُم أنَّكُم قاتِلو أنفُسِكُم دونَهُ ، ثُمَّ عَدَوتُم عَلَيهِ لِتَقتُلوهُ ، أمسَكتُم بِنَفسِهِ ، وأخَذتُم بِكَظَمِهِ ، وأحَطتُم بِهِ مِن كُلِّ جانِبٍ ، فَمَنَعتُموهُ التَّوَجُّهَ في بِلادِ اللّهِ العَريضَةِ حَتّى يَأمَنَ ويَأمَنَ أهلُ بَيتِهِ ، وأصبَحَ في أيديكُم كَالأَسيرِ لا يَملِكُ لِنَفسِهِ نَفعا ولا يَدفَعُ ضَرّا ، وحَلَأتُموهُ ونِساءَهُ واُصَيبِيَتَهُ وأصحابَهُ عَن ماءِ الفُراتِ الجارِي ، الَّذي يَشرَبُهُ اليَهودِيُّ وَالمَجوسِيُّ وَالنَّصرانِيُّ ، وتَمَرَّغُ فيهِ خَنازيرُ السَّوادِ وكِلابُهُ ، وهاهُم اُولاءِ قَد صَرَعَهُمُ العَطَشُ ، بِئسَما خَلَفتُم مُحَمَّدا في ذُرِّيَّتِهِ ، لا سَقاكُمُ اللّهُ يَومَ الظَّمَأِ إن لَم تَتوبوا وتَنزَعوا عَمّا أنتُم عَلَيهِ مِن يَومِكُم هذا في ساعَتِكُم هذِهِ .
فَحَمَلَت عَلَيهِ رَجّاَلةٌ لَهُم تَرميهِ بِالنَّبلِ ، فَأَقبَلَ حَتّى وَقَفَ أمامَ الحُسَينِ عليه السلام . ۳

۱۶۹۳.تاريخ الطبري عن هلال بن يساف :كانَ فيمَن بُعِثَ إلَيهَ [إلَى الحُسَينِ عليه السلام ] الحُرُّ بنُ يَزيدَ الحَنظَلِيُّ ثُمَّ النَّهشَلِيُّ عَلى خَيلٍ ، فَلَمّا سَمِعَ ما يَقولُ الحُسَينُ عليه السلام ، قالَ لَهُم : ألا تَقبَلونَ مِن هؤُلاءِ ما يَعرِضونَ عَلَيكُم ؟ وَاللّهِ لَو سَأَلَكُم هذَا التُّركُ وَالدَّيلَمُ ما حَلَّ لَكُم أن تَرُدّوهُ ، فَأَبَوا إلّا عَلى حُكُمِ ابنِ زِيادٍ .
فَصَرَفَ الحُرُّ وَجهَ فَرَسِهِ وَانطَلَقَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام وأصحابِهِ ، فَظَنّوا أنَّهُ إنَّما جاءَ لِيُقاتِلَهُم ، فَلَمّا دَنا مِنهُم قَلَبَ تُرسَهُ وسَلَّمَ عَلَيهِم ، ثُمَّ كَرَّ عَلى أصحابِ ابنِ زِيادٍ

1.الهَبَل : الثُّكل ؛ وهو الموت ، والهلاك ، وفقدان الحبيب (راجع : لسان العرب : ج ۱۱ ص ۶۸۶ «هبل» و ص ۸۸ «ثكل») .

2.العُبر : البكاء بالحُزن ؛ يقال : لاُمّه العُبْر والعَبَر (لسان العرب : ج ۴ ص ۵۳۲ «عبر») .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۲۷ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۶۳ وليس فيه من «فأقبل حتّى وقف» إلى «لخرجت معه إلى الحسين عليه السلام » ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۹۹ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۶۰ ، مثير الأحزان : ص ۵۸ كلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۵ ص ۱۰ وراجع : أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۹۷ والأخبار الطوال : ص ۲۵۶ والمناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۹ وروضة الواعظين : ص ۲۰۴ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع
190

مِثلَ شَيءٍ أراهُ الآنَ ، ولَو قيلَ لي : مَن أشجَعُ أهلِ الكوفَةِ رَجُلاً ما عَدَوتُكَ ، فَما هذَا الَّذي أرى مِنكَ ؟
قالَ : إنّي وَاللّهِ اُخَيِّرُ نَفسي بَينَ الجَنَّةِ وَالنّارِ ، ووَاللّهِ لا أختارُ عَلَى الجَنَّةِ شَيئا ولَو قُطِّعتُ وحُرِّقتُ ، ثُمَّ ضَرَبَ فَرَسَهُ فَلَحِقَ بِحُسَينٍ عليه السلام .
فَقالَ لَهُ : جَعَلَنِي اللّهُ فِداكَ يَابنَ رَسولِ اللّهِ ! أنَا صاحِبُكَ الَّذي حَبَستُكَ عَنِ الرُّجوعِ ، وسايَرتُكَ فِي الطَّريقِ ، وجَعجَعتُ ۱ بِكَ في هذَا المَكانِ ، وَاللّهِ الَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ ، ما ظَنَنتُ أنَّ القَومَ يَرُدّونَ عَلَيكَ ما عَرَضتَ عَلَيهِم أبَدا ، ولا يَبلُغونَ مِنكَ هذِهِ المَنزِلَةَ ، فَقُلتُ في نَفسي : لا اُبالي أن اُطيعَ القَومَ في بَعضِ أمرِهِم ، ولا يَرَونَ أنّي خَرَجتُ مِن طاعَتِهِم ، وأمّا هُم فَسَيَقبَلونَ مِن حُسَينٍ هذِهِ الخِصالَ الَّتي يَعرِضُ عَلَيهِم ، ووَاللّهِ لَو ظَنَنتُ أنَّهُم لا يَقبَلونَها مِنكَ ما رَكِبتُها مِنكَ ، وإنّي قَد جِئتُكَ تائِبا مِمّا كانَ مِنّي إلى رَبّي ، ومُواسِيا لَكَ بِنَفسي حَتّى أموتَ بَينَ يَدَيكَ ، أفَتَرى ذلِكَ لي تَوبَةً ؟
قالَ : نَعَم يَتوبُ اللّهُ عَلَيكَ ويَغفِرُ لَكَ ، مَا اسمُكَ ؟ قالَ: أنَا الحُرُّ بنُ يَزيدَ .
قالَ : أنتَ الحُرُّ كَما سَمَّتكَ اُمُّكَ ، أنتَ الحُرُّ إن شاءَ اللّهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، انزِل .
قالَ : أنَا لَكَ فارِسا خَيرٌ مِنّي راجِلاً ، اُقاتِلُهُم عَلى فَرَسي ساعَةً ، وإلَى النُّزولِ ما يَصيرُ آخِرُ أمري ، قالَ الحُسَينُ عليه السلام : فَاصنَع يَرحَمُكَ اللّهُ ما بَدا لَكَ .
فَاستَقدَمَ أمامَ أصحابِهِ ، ثُمَّ قالَ : أيُّهَا القَومُ ! ألا تَقبَلونَ مِن حُسَينٍ خَصلَةً مِن هذِهِ الخِصالِ الَّتي عَرَضَ عَلَيكُم فَيُعافِيَكُمُ اللّهُ مِن حَربِهِ وقِتالِهِ ؟ قالوا : هذَا الأَميرُ عُمَرُ بنُ سَعدٍ فَكَلِّمهُ ، فَكَلَّمَهُ بِمِثلِ ما كَلَّمَهُ بِهِ قَبلُ ، وبِمِثلِ ما كَلَّمَ بِهِ أصحابَهُ .
قالَ عُمَرُ : قَد حَرَصتُ لَو وَجَدتُ إلى ذلِكَ سَبيلاً فَعَلتُ .

1.جَعجع بحسين وأصحابه : أي ضيّق عليهم المكان (النهاية : ج ۱ ص ۲۷۵ «جعجع») .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4238
صفحه از 444
پرینت  ارسال به