17
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع

أن يَميلَ نَحوَ البادِيَةِ مَنَعَهُ ، حَتَّى انتَهى إلَى المَكانِ الَّذي يُسَمّى «كَربَلاءَ» ، فَمالَ قَليلاً مُتَيامِنا ، حَتَّى انتَهى إلى نِينَوى ، فَإِذا هُوَ بِراكِبٍ عَلى نَجيبٍ ، مُقبِلٍ مِنَ القَومِ ، فَوَقَفوا جَميعا يَنتَظِرونَهُ ، فَلَمَّا انتَهى إلَيهِم سَلَّمَ عَلَى الحُرِّ ، ولَم يُسَلِّم عَلَى الحُسَينِ عليه السلام .
ثُمَّ ناوَلَ الحُرَّ كِتابا مِن عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، فَقَرَأَهُ ، فَإِذا فيهِ : أمّا بَعدُ ، فَجَعجِع بِالحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ وأصحابِهِ بِالمَكانِ الَّذي يُوافيكَ كِتابي ، ولا تُحِلَّهُ إلّا بِالعَراءِ عَلى غَيرِ خَمَرٍ ۱ ولا ماءٍ ، وقَد أمَرتُ حامِلَ كِتابي هذا أن يُخبِرَني بِما كانَ مِنكَ في ذلِكَ ، وَالسَّلامُ .
فَقَرَأَ الحُرُّ الكِتابَ ، ثُمَّ ناوَلَهُ الحُسَينَ عليه السلام ، وقالَ : لا بُدَّ مِن إنفاذِ أمرِ الأَميرِ عُبَيدِ اللّهِ بنِ زِيادٍ ، فَانزِل بِهذَا المَكانِ ، ولا تَجعَل لِلأَميرِ عَلَيَّ عِلَّةً .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : تَقَدَّم بِنا قَليلاً إلى هذِهِ القَريَةِ الَّتي هِيَ مِنّا عَلى غَلوَةٍ ۲ ، وهِيَ الغاضِرِيَّةُ ، أو هذِهِ الاُخرَى الَّتي تُسَمَّى «السَّقَبَةَ» ، فَنَنزِل في إحداهُما .
قالَ الحُرُّ : إنَّ الأَميرَ كَتَبَ إلَيَّ أن اُحِلَّكَ عَلى غَيرِ ماءٍ ، ولا بُدَّ مِنَ الاِنتِهاءِ إلى أمرِهِ .
فَقالَ زُهَيرُ بنُ القَينِ لِلحُسَينِ عليه السلام : بِأَبي واُمّي يَابنَ رَسولِ اللّهِ ! وَاللّهِ لَو لَم يَأتِنا غَيرُ هؤُلاءِ لَكانَ لَنا فيهِم كِفايَةٌ ، فَكَيفَ بِمَن سَيَأتينا مِن غَيرِهِم ؟ فَهَلُمَّ بِنا نُناجِز هؤُلاءِ ؛ فَإِنَّ قِتالَ هؤُلاءِ أيسَرُ عَلَينا مِن قِتالِ مَن يَأتينا مِن غَيرِهم .
قالَ الحُسَينُ عليه السلام : فَإِنّي أكرَهُ أن أبدَأَهُم بِقِتالٍ حَتّى يَبدَأوا .
فَقالَ لَهُ زُهَيرٌ : فَهاهُنا قَريَةٌ بِالقُربِ مِنّا عَلى شَطِّ الفُراتِ ، وهِيَ في عاقُولٍ ۳

1.الخَمَر ـ بالتحريك ـ : كلّ ما سترك من شجر أو بناء أو غيره (النهاية : ج ۲ ص ۷۷ «خمر») .

2.الغَلْوَةُ : مقدار رمية (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۴۸ «غلا») .

3.العاقول : الأرض لا يُهتدى لها لكثرة معاطفها ، والعاقول : نبت معروف له شوك ترعاه الإبل (تاج العروس : ج ۱۵ ص ۵۰۹ «عقل») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع
16

وَصَلَها قالَ : مَا اسمُ هذِهِ الأَرضِ ؟ فَقيلَ : كَربَلاءُ .
فَقالَ : اِنزِلوا ، هاهُنا ـ وَاللّهِ ـ مَحَطُّ رِكابِنا ، وسَفكُ دِمائِنا ۱ ، هاهُنا ـ وَاللّهِ ـ مَخَطُّ قُبورِنا ، وهاهُنا ـ وَاللّهِ ـ سَبيُ حَريمِنا ، بِهذا حَدَّثَني جَدّي . ۲

۱۵۱۹.الفتوحـ بَعدَ ذِكرِ وُصولِ أمرِ عُبَيدِ اللّهِ بِالتَّضييقِ في وَراءِ عُذَيبِ الهِجاناتِ ۳ـ : خَرَجَ الحُسَينُ عليه السلام ووُلدُهُ وإخوَتُهُ وأهلُ بَيتِهِ ـ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِم ـ بَينَ يَدَيهِ ، فَنَظَرَ إلَيهِم ساعَةً وبَكى ، وقالَ : اللّهُمَّ إنّا عِترَةُ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، وقَد اُخرِجنا وطُرِدنا عَن حَرَمِ جَدِّنا ، وتَعَدَّت بَنو اُمَيَّةَ عَلَينا ، فَخُذ بِحَقِّنا ، وَانصُرنا عَلَى القَومِ الكافِرينَ .
قالَ : ثُمَّ صاحَ الحُسَينُ عليه السلام في عَشيرَتِهِ ، ورَحَلَ مِن مَوضِعِهِ ذلِكَ ، حَتّى نَزَلَ كَربَلاءَ في يَومِ الأَربِعاءِ ، أو يَومِ الخَميسِ ، وذلِكَ فِي الثّاني مِنَ المُحَرَّمِ ، سَنَةَ إحدى وسِتّينَ ، ثُمَّ أقبَلَ إلى أصحابِهِ ، فَقالَ لَهُم : أهذِهِ كَربَلاءُ ؟ فَقالوا : نَعَم .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام لِأَصحابِهِ : اِنزِلوا ، هذا مَوضِعُ كَربٍ وبَلاءٍ ، هاهُنا مُناخُ رِكابِنا ، ومَحَطُّ رِحالِنا ، وسَفكُ دِمائِنا .
قالَ : فَنَزَلَ القَومُ ، وحَطُّوا الأَثقالَ ناحِيَةً مِنَ الفُراتِ ، وضُرِبَت خَيمَةُ الحُسَينِ عليه السلام لِأَهلِهِ وبَنيهِ ، وضَرَبَ عَشيرَتُهُ خِيامَهُم مِن حَولِ خَيمَتِهِ . ۴

۱۵۲۰.الأخبار الطوال :وسارَ الحُسَينُ عليه السلام مِن قَصرِ بَني مُقاتِلٍ ، ومَعَهُ الحُرُّ بنُ يَزيدَ ، كُلَّما أرادَ

1.في بعض نسخ المصدر : «ومسفك دمائنا» .

2.الملهوف : ص ۱۳۹ ، مثير الأحزان : ص ۴۹ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۱ وفيه «الثامن» بدل «الثاني» وراجع : الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۴ .

3.راجع : الخريطة رقم ۳ في آخر المجلّد ۳ .

4.الفتوح : ج ۵ ص ۸۳ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۳۶ بزيادة «فقال : الناس عبيد الدنيا ، والدِّين لعق على ألسنتهم ، يحوطونه ما درّت معايشهم ، فإذا مُحّصوا بالبلاء قلَّ الديّانون» بعد «أصحابه» ؛ بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۸۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 3902
صفحه از 444
پرینت  ارسال به