165
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع

ضَربَتَينِ ، فَضَرَبَ يَزيدُ بنُ مَعقِلٍ بُرَيرَ بنَ حُضَيرٍ ضَربَةً خَفيفَةً لَم تَضُرَّهُ شَيئا ، وضَرَبَهُ بُرَيرُ بنُ حُضَيرٍ ضَربَةً قَدَّتِ المِغفَرَ ۱ ، وبَلَغَتِ الدِّماغَ ، فَخَرَّ كَأَنَّما هَوى مِن حالِقٍ ، وإنَّ سَيفَ ابنِ حُضَيرٍ لَثابِتٌ في رَأسِهِ ، فَكَأَنّي أنظُرُ إلَيهِ يُنَضنِضُهُ ۲ مِن رَأسِهِ .
وحَمَلَ عَلَيهِ رَضِيُّ بنُ مُنقِذٍ العَبدِيُّ فَاعتَنَقَ بُرَيرا ، فَاعتَرَكا ساعَةً . ثُمَّ إنَّ بُرَيرا قَعَدَ عَلى صَدرِهِ ، فَقالَ رَضِيٌّ : أينَ أهلُ المِصاعِ ۳ وَالدِّفاعِ ؟ قالَ : فَذَهَبَ كَعبُ بنُ جابِرِ بنِ عَمرٍو الأَزدِيُّ لِيَحمِلَ عَلَيهِ ، فَقُلتُ : إنَّ هذا بُرَيرُ بنُ حُضَيرٍ القارِئُ الَّذي كانَ يُقرِئُنَا القُرآنَ فِي المَسجِدِ ، فَحَمَلَ عَلَيهِ بِالرُّمحِ حَتّى وَضَعَهُ في ظَهرِهِ ، فَلَمّا وَجَدَ مَسَّ الرُّمحِ بَرَكَ عَلَيهِ فَعَضَّ بِوَجهِهِ ، وقَطَعَ طَرَفَ أنفِهِ ، فَطَعَنَهُ كَعبُ بنُ جابِرٍ حَتّى ألقاهُ عَنهُ ، وقَد غَيَّبَ السِّنانَ في ظَهرِهِ ، ثُمَّ أقبَلَ عَلَيهِ يَضرِبُهُ بِسَيفِهِ حَتّى قَتَلَهُ .
قالَ عَفيفٌ : كَأَنّي أنظُرُ إلَى العَبدِيِّ الصَّريعِ قامَ يَنفُضُ التُّرابَ عَن قَبائِهِ ، ويَقولُ : أنعَمتَ عَلَيَّ يا أخَا الأَزدِ نِعمَةً لَن أنساها أبَدا .
قالَ : فَقُلتُ : أنتَ رَأَيتَ هذا ؟ قالَ : نَعَم ، رَأْيَ عَيني وسَمْعَ اُذُني .
فَلَمّا رَجَعَ كَعبُ بنُ جابِرٍ ، قالَت لَهُ امرَأَتُهُ ـ أو اُختُهُ ـ النَّوارُ بِنتُ جابِرٍ : أعَنتَ عَلَى ابنِ فاطِمَةَ وقَتَلتَ سَيِّدَ القُرّاءِ ! لَقَد أتَيتَ عَظيما مِنَ الأَمرِ ، وَاللّهِ لا اُكَلِّمُكَ مِن رَأسي كَلِمَةً أبَدا . وقالَ كَعبُ بنُ جابِرٍ :


سَلي تُخبَري عَنّي وأنتِ ذَميمَةٌغَداةَ حُسَينٍ وَالرِّماحُ شَوارِعُ
ألَم آتِ أقصى ماكَرِهتِ ولَم يُخِلعَلَيَّ غَداهَ الرَّوعِ ما أنَا صانِعُ
مَعي يَزَنِيٌّ ۴ لَم تَخُنهُ كُعوبُهُوأبيضُ مَخشوبُ ۵ الغِرارَينِ ۶ قاطِعُ
فَجَرَّدتُهُ في عُصبَةٍ لَيسَ دينُهُمبِديني وإنّي بِابنِ حَربٍ لَقانِعُ
ولَم تَرَ عَيني مِثلَهُم في زَمانِهِمولا قَبلَهُم فِي النّاسِ إذ أنَا يافِعُ ۷
أشَدَّ قِراعا بِالسُّيوفِ لَدَى الوَغىألا كُلُّ مَن يَحمِي الذِّمارَ ۸ مُقارِعُ
وقَد صَبَروا لِلطَّعنِ وَالضَّربِ حُسَّراوقَد نازَلوا لَو أنَّ ذلِكَ نافِعُ
فَأَبلِغ عُبَيدَ اللّهِ إمّا لَقيتَهُبِأَنّي مُطيعٌ لِلخَليفَةِ سامِعُ
قَتَلتُ بُرَيرا ثُمَّ حَمَّلتُ نِعمَةًأبا مُنقِذٍ لَمّا دَعا مَن يُماصِعُ ؟
قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَني عَبدُ الرَّحمنِ بنُ جُندَبٍ ، قالَ : سَمِعتُهُ في إمارَةِ مُصعَبِ بنِ الزُّبَيرِ وهُوَ يَقولُ : يا رَبِّ إنّا قَد وَفَينا فَلا تَجعَلنا يا رَبِّ كَمَن قَد غَدَرَ ، فَقالَ لَهُ أبي : صَدَقَ ، ولَقَد وَفى وكَرُمَ ، وكَسَبتَ لِنَفسِكَ شَرّا ، قالَ : كَلّا ! إنّي لَم أكسِب لِنَفسي شَرّا ، ولكِنّي كَسَبتُ لَها خَيرا .
قالَ : وزَعَموا أنَّ رَضِيَّ بنَ مُنقِذٍ العَبدِيَّ رَدَّ بَعدُ علَى كَعبِ بنِ جابِرٍ جَوابَ قَولِهِ فَقالَ :


لَو شاءَ رَبّي ما شَهِدتُ قِتالَهُمولا جَعَلَ النَّعماءَ عِندِي ابنُ جابِرِ
لَقَد كانَ ذاكَ اليَومُ عارا وسُبَّةً ۹يُعَيِّرُهُ الأَبناءُ بَعدَ المَعاشِرِ
فَيا لَيتَ أنّي كُنتُ مِن قَبلِ قَتلِهِويَومَ حُسَينٍ كُنتُ في رَمسِ ۱۰ قابِرِ ۱۱

1.المغفر : زرد ينسج من الدروع على قَدر الرأس ، يُلبس تحت القلنسوة (الصحاح : ج ۲ ص ۷۷۱ «غفر») .

2.يُنَضْنِضُهُ : أي يُحرّكه (النهاية : ج ۵ ص ۷۲ «نضنض») .

3.المِصاعُ : المجالدة والمضاربة (النهاية : ج ۴ ص ۳۳۷ «مصع») .

4.رمح يزنيّ : أي منسوب إلى ذي يزن . قال الجوهري : ذو يزن ملك من ملوك حِميَر ، تنسب إليه الرماح اليزنيّة (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۱۹ «يزن») .

5.المخشوب : الشحيذ (تاج العروس : ج ۱ ص ۴۶۰ «خشب») .

6.الغراران : شفرتا السيف (الصحاح : ج ۲ ص ۷۶۸ «غرر») .

7.أيفع الغلام فهو يافع : إذا شارف الاحتلام (النهاية : ج ۵ ص ۲۹۹ «يفع») .

8.الذّمار : ما لزمك حفظه ممّا وراءك وتعلّق بك (النهاية : ج ۲ ص ۱۶۷ «ذمر») .

9.السُّبّة : العار . ويقال : صار هذا الأمر سُبّة عليهم : أي عارا يُسبُّ به (لسان العرب : ج ۱ ص ۴۵۶ «سبب») .

10.الرَّمس : التراب ، ثمّ سُمّي القبر به (المصباح المنير : ص ۲۳۸ «رمس») .

11.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۳۱ وراجع : الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۶۵ وأنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۹۹ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع
164

فَقَتَلَ مِنهُم ثَلاثينَ رَجُلاً ، ثُمَّ قُتِلَ رِضوانُ اللّهِ عَليهِ . ۱

۱۶۷۹.الملهوف :خَرَجَ بُرَيرُ بنُ خُضَيرٍ وكانَ زاهِدا عابِدا ، فَخَرَجَ إلَيهِ يَزيدُ بنُ مَعقِلٍ ، وَاتَّفَقا عَلَى المُباهَلَةِ إلَى اللّهِ في أن يَقتُلَ المُحِقُّ مِنهُمَا المُبطِلَ ، فَتَلاقَيا فَقَتَلَهُ بُرَيرٌ ، ولَم يَزَل يُقاتِلُ حَتّى قُتِلَ رِضوانُ اللّهِ عَلَيهِ . ۲

۱۶۸۰.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن يوسف بن يزيد عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنسـ وكانَ قَد شَهِدَ مَقتَلَ الحُسَينِ عليه السلام ـ :خَرَجَ يَزيدُ بنُ مَعقِلٍ مِن بَني عَميرَةَ بنِ رَبيعَةَ وهُوَ حَليفٌ لِبَني سَليمَةَ مِن عَبدِ القَيسِ ، فَقالَ : يا بُرَيرَ بنَ حُضَيرٍ ! كَيفَ تَرَى اللّهَ صَنَعَ بِكَ ؟
قالَ : صَنَعَ اللّهُ ـ وَاللّهِ ـ بي خَيرا ، وصَنَعَ اللّهُ بِكَ شَرّا .
قالَ : كَذَبتَ ، وقَبلَ اليَومِ ما كُنتَ كَذّابا ، هَل تَذكُرُ وأنَا اُماشيكَ في بَني لَوذانَ وأنتَ تَقولُ : إنَّ عُثمانَ بنَ عَفّانَ كانَ عَلى نَفسِهِ مُسرِفا ، وإنَّ مُعاوِيَةَ بنَ أبي سُفيانَ ضالٌّ مُضِلٌّ ، وإنَّ إمامَ الهُدى وَالحَقِّ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ؟
فَقالَ لَهُ بُرَيرٌ : أشهَدُ أنَّ هذا رَأيي وقَولي ، فَقالَ لَهُ يَزيدُ بنُ مَعقِلٍ : فَإِنّي أشهَدُ أنَّكَ مِنَ الضّالّينَ .
فَقالَ لَهُ بُرَيرُ بنُ حُضَيرٍ : هَل لَكَ فَلاُباهِلكَ ؟ وَلنَدعُ اللّهَ أن يَلعَنَ الكاذِبَ وأن يَقتُلَ المُبطِلَ ، ثُمَّ اخرُج فَلاُبارِزكَ . قالَ : فَخَرَجا فَرَفَعا أيدِيَهُما إلَى اللّهِ يَدعُوانِهِ أن يَلعَنَ الكاذِبَ ، وأن يَقتُلَ المُحِقُّ المُبطِلَ ، ثُمَّ بَرَزَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما لِصاحِبِهِ ، فَاختَلَفا

1.الأمالي للصدوق : ص ۲۲۴ ح ۲۳۹ ، روضة الواعظين : ص ۲۰۶ من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۲۰ وفيه «بدير بن حفير الهمداني» .

2.الملهوف : ص ۱۶۰ ، مثير الأحزان : ص ۶۱ وفيه «يقال له سيّد القرّاء» بدل «عابدا» .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد الرّابع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 4130
صفحه از 444
پرینت  ارسال به