85
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع

فَكَتَبَ إلَيهِ الحُسَينُ عليه السلام :
أمّا بَعدُ ، فَقَد بَلَغَني كِتابُكَ تَذكُرُ أنَّهُ بَلَغَتكَ عَنّي اُمورٌ تَرغَبُ عَنها ، فَإِن كانَت حَقّا لَم تُقارَّني عَلَيها ، ولَن يَهدِيَ إلَى الحَسَناتِ ويُسَدِّدَ لَها إلَا اللّهُ ، فَأَمّا ما نُمِّيَ ۱ إلَيكَ فَإِنَّما رَقَّاهُ ۲ المَلّاقونَ ۳ المَشّاؤونَ بِالنَّمائِمِ ۴ ، المُفَرِّقونَ بَينَ الجَميعِ ۵ ، وما اُريدُ حَربا لَكَ ولا خِلافا عَلَيكَ ، وَايمُ اللّهِ لَقَد تَرَكتُ ذلِكَ وأنَا أخافُ اللّهَ في تَركِهِ ، وما أظُنُّ اللّهَ راضِيا عَنّي بِتَركِ مُحاكَمَتِكَ إلَيهِ ، ولا عاذِري دونَ الإِعذارِ إلَيهِ فيكَ وفي أولِيائِكَ القاسِطينَ المُلحِدينَ ، حِزبِ الظّالِمينَ وأولِياءِ الشَّياطينِ .
ألَستَ قاتِلَ حُجرِ بنِ عَدِيٍّ وأصحابِهِ المُصَلّينَ العابِدينَ ، الَّذينَ يُنكِرونَ الظُّلمَ ويَستَعظِمونَ البِدَعَ ، ولا يَخافونَ فِي اللّهِ لَومَةَ لائِمٍ ـ ظُلما وعُدوانا ـ ، بَعدَ إعطائِهِمُ الأَمانَ بِالمَواثيقِ وَالأَيمانِ المُغَلَّظَةِ ؟
أوَلَستَ قاتِلَ عَمرِو بنِ الحَمِقِ صاحِبِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، الَّذي أبلَتهُ العِبادَةُ وصَفَّرَت لَونَهُ وأنحَلَت جِسمَهُ ؟!
أوَلَستَ المُدَّعِيَ زِيادَ بنَ سُمَيَّةَ المَولودَ عَلى فِراشِ عُبَيدٍ عَبدِ ثَقيفٍ ، وزَعَمتَ أنَّهُ ابنُ أبيكَ ، وقَد قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : «الوَلَدُ لِلفِراشِ ولِلعاهِرِ الحَجَرُ» ، فَتَرَكتَ سُنَّةَ رَسولِ اللّهٍ صلى الله عليه و آله وخالَفتَ أمرَهُ مُتَعَمِّدا ، وَاتَّبَعتَ هَواكَ مُكَذِّبا ، بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّهِ ، ثُمَّ سَلَّطتَهُ عَلَى العِراقَينِ فَقَطَعَ أيدِيَ المُسلِمينَ وسَمَلَ ۶ أعيُنَهُم ، وصَلَبَهُم عَلى جُذوعِ

1.نَمَّيتُ الحديثَ تنميةً : إذا بلّغتَهُ على وجه النميمة والإفساد (الصحاح : ج ۶ ص ۲۵۱۶ «نما») .

2.رَقّى عليه كلاما : إذا رَفَعَ (الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۶۱ «رقي») .

3.المَلَق : أن تُعطي باللسان ما ليس في القلب (القاموس المحيط : ج ۳ ص ۲۸۴ «ملق») .

4.النَّميمَةُ : هي نقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الإفساد والشرّ (النهاية : ج ۵ ص ۱۲۰ «نمم») .

5.هكذا في المصدر ، وفي الإمامة والسياسة : «الجمع» بدل «الجميع» .

6.سَمَلْتُ عَيْنَهُ : فقأتُها بحديدة مُحْماة (المصباح المنير : ص ۲۸۹ «سمل») .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع
84

مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله مِنكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : مَن خَيرٌ لِاُمَّةِ مُحَمَّدٍ ؟! يَزيدُ الخَمورُ الفَجورُ ؟
فَقالَ مُعاوِيَةُ : مَهلاً أبا عَبدِ اللّهِ ! فَإِنَّكَ لَو ذُكِرتَ عِندَهُ لَما ذَكَرَ مِنكَ إلّا حَسَنا .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : إن عَلِمَ مِنّي ما أعلَمُهُ مِنهُ أنَا فَليَقُل فِيَّ ما أقولُ فيهِ .
فَقالَ لَهُ مُعاوِيَةُ : أبا عَبدِ اللّهِ ! انصَرِف إلى أهلِكَ راشِدا ، وَاتَّقِ اللّهَ في نَفسِكَ ، وَاحذَر أهلَ الشّامِ أن يَسمَعوا مِنكَ ما قَد سَمِعتُهُ ؛ فَإِنَّهُم أعداؤُكَ وأعداءُ أبيكَ .
قالَ : فَانصَرَفَ الحُسَينُ عليه السلام إلى مَنزِلِهِ . ۱

۷ / ۵

مُكاتَباتُ الإِمامِ ومُعاوِيَةَ

۳۹۲۴.أنساب الأشراف :كَتَبَ مُعاوِيَةُ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام : أمّا بَعدُ : فَقَدِ انتَهَت الَيَّ عَنكَ اُمورٌ أرغَبُ بِكَ عَنها ، فَإِن كانَت حَقّا لَم اُقارَّكَ ۲ عَلَيها ، ولَعَمري إنَّ مَن أعطى صَفقَةَ يَمينِهِ وعَهدَ اللّهِ وميثاقَهُ لَحَرِيٌّ بِالوَفاءِ ، وإن كانَت باطِلاً فَأَنتَ أسعَدُ النّاسِ بِذلِكَ ، وبِحَظِّ نَفسِكَ تَبدَأُ ، وبِعَهدِ اللّهِ توفي ، فَلا تَحمِلني عَلى قَطيعَتِكَ وَالإِساءَةِ بِكَ ، فَإِنّي مَتى اُنكِركَ تُنكِرني ، ومَتى تَكِدني أكِدكَ ، فَاتَّقِ شَقَّ عَصا هذِهِ الاُمَّةِ وأن يَرجِعوا عَلى يَدِكَ إلَى الفِتنَةِ ، فَقَد جَرَّبتَ النّاسَ وبَلَوتَهُم ، وأبوكَ كانَ أفضَلَ مِنكَ ، وقَد كانَ اجتَمَعَ عَلَيهِ رَأيُ الَّذينَ يَلوذونَ بِكَ ، ولا أظُنُّهُ يَصلُحُ لَكَ مِنهُم ما كانَ فَسَدَ عَلَيهِ ، فَانظُر لِنَفسِكَ ودينِكَ «وَ لَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ» ۳ .

1.الفتوح : ج ۴ ص ۳۳۹ وراجع : الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۱۱ .

2.قارَّهُ مُقارَّةً : قَرَّ معَهُ وسَكَنَ ، وفلانٌ قارٌّ : ساكِنٌ (تاج العروس : ج ۷ ص ۳۸۶ «قرر») .

3.الروم : ۶۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ - المجلّد التّاسع
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    9
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6070
صفحه از 491
پرینت  ارسال به